قتل الحسين عليه السلام بين خطتين رومية أم أموية

هناك اتفاق تاريخي على ان ما جرى في اليوم العاشر من المحرم سنة 61 هجرية، جريمة بكل المقاييس، فالنصوص التاريخية والتشريعية من الواضحات وكما قيل توضيح الواضحات من المشكلات، وبما إن لكل قاعدة شواذ تجذبهم المصالح الدنيوية والفئوية، فقد ظهر من يشكك في النهضة الحسينية ليس من جانب مشروعية خروج الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام، وإنما من جانب التقليل من المشروع الإموي العميق والبعيد الأهداف، للقضاء على الإسلام، فجرم يزيد بيّن حتى للطفل الرضيع رغم عدم إدراكه، ولكن ظهر من يصرف التهمة عنه وانه كان لا يعلم، وقد وبخ ابن زياد على فعلته وانه وبخه ولامه، في الحقيقة أصبحت هذه الأفكار معلبة وجاهزة لأصحاب الأعواد «منابر السموم» ليسوقها على البسطاء، وللاسف قد سرت العدوى حتى عند منابرنا، فربما قالها الخطيب وهو لا يعلم محتواها بأن يزيد بن معاوية لا يعلم شيئاً لا بل لا يفهم شيء، وكل ما جرى هو من تخطيط رومي لا أموي ومن تدبير سرجون!؟

سرجون هذا هو سرجون بن منصور الرومي من نصارى الشام، إتخده معاوية بن أبي سفيان مستشاراً له، وكان مستشاراً ليزيد بن معاوية، واستمر في منصبه إلى حكم عبد الملك بن مرون.

لو سلمنا بهذا القول فنحن شركاء في إبعاد التهمة عن يزيد بن معاوية، فإن كان مبررنا ان نوصل للعالم فكرة ان يزيد فاسق فاجر ولا يعلم من الدين شيء، فهذا الامر قد تكلم فيه العلماء من الطرفين وقد تواتر عند الفريقين، والمثال الكبير على ذلك ما كتبه الإمام الحافظ أبي الفرج عبدالرحمن بن الجوزي في كتابه «الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد»

هذا من جانب رد العلماء أما من الشواهد التاريخية التي تبرز الحقيقة من المشروع الأموي اليزيدي للقضاء على الاسلام، ما جاء في الحوار بين المغيرة بن شعبة ومعاوية عندما قال لمعاوية «إنك قد بلغت سنّاً، فلو أظهرت عدلاً، وبسطت خيراً فَإنَّك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم، فوصلت أرحامهم فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه، ثم قال بعد كلام طويل: وإن ابن كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات «أشهد أن محمداً رسول الله» فأي عمل يبقى، وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك! لا والله إلا دفناً دفناً»

ويزيد أنشد شعراً يظهر ما يضمره بعد قتل السبط الشهيد صلوات الله عليه عندما قال:

قد قتلنا القرم من ساداتهم

وعدلناه ببدر فاعتدل

لعبت هاشم بالملك، فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

وفي أبيات أخرى قال:

لما بدت تلك الحمول، وأشرقت

تلك الرؤوس على ربا جيرون

نعب الغراب فقلت قل أو لا تقل

فقد قضيت من الرسول ديوني

إنها جريمة تاريخية لا يمكن صرفها عن يزيد وحزبه الأموي لجعلها في رقبة رومي لا نستبعد دوره في التمهييد لقتال ابن رسول الله ولكن الرأي الأول والأخير لمن اعتقد انه قد قضى من الرسول ديونه!؟

ولو كان نادماً ومنزعج من قتل الحسين صلوات الله عليه لما قالت له العقيلة زينب «أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الاسراء أن بِنَا هوانا على الله، وبك عليه كرامة، وأن ذلك لعظم خطرك عنده، فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، جذلان مسرورا حيث رأيت الدنيا لك مستوسقة والأمور متسقة وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلا مهلا، أنسيت قول الله تعالى: «ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين»

وفي نفس الخطبة تقول له «وكيف يستبطا في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنآن، والاحن والاضغان؟ ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم ﴿لاهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا يا يزيد لا تشل

وهل من ندم ووبخ من قتل يوصف بهذا الوصف؟

وهنا رد قاصم آخر من العقيلة تقطع قول كل من يجعله لا يعلم ونادم قولها له ﴿ولتردن على رسول الله صل الله عليه وآله وسلم مما تحملت من سفك دماء ذريته، وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته، حيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم ويأخذ بحقهم

وليس هناك رداً ولا قولاً بعد قول العقيلة زينب الكبرى في إظهار الخطة والمشروع الأموي المعد له منذ أمد بعيد.