الشيخ علي المرهون ... صفحات مضيئة

 

 

تمر علينا هذه الأيام الذكرى الثانية لرحيل أبو الفرج العلامة الشيخ علي بن العلامة الشيخ منصور بن علي بن محمد بن حسين بن مرهون الخطي القطيفي، المولود في الخامس من شهر ربيع الثاني سنة 1334 هـ والمتوفى في 27 من محرم الحرام سنة 1431 هـ.  سماحة الشيخ علي المرهون رحمه الله تعالى أتصف بصدقه وأمانته وتواضعه وبشاشته وحسن استقباله لجميع الناس على اختلاف أعمارهم وانتماءاتهم وباحترامه للغني والفقير على حد سواء.

هذا الشيخ المبجل سطر بقلمه وبمواقفه وبسيرته صفحات مضيئة في تأريخ منطقة القطيف وما حولها.  حيث كان رحمه الله يهتم بكل تفاصيل حياة مجتمعه الدينية والاجتماعية ، وكان في وسط كل ذلك واعظا ومرشدا ومشجعا ومحفزا.

لقد كان الشيخ علي كتلة من النشاط منذ عرفته وكذلك كان بيته والمسجد الذي يصلي فيه.  فقد كان منزلي ملاصق لمسجد المسعودية الذي أسسه سماحته وعرف فيما بعد بمسجد الشيخ علي المرهون كما كان منزلي قريبا من بيته.  لقد عشنا تحت كنفه منذ طفولتنا وحتى آخر أيام حياته حيث كان كالخيمة تظللنا وتعطف علينا صغارا وكبارا.

لقد كان المسجد صغيرا عند إنشاءه ولكنه كان يعج بالأنشطة والمصلين.  ولا انس امتلاء المسجد وما حوله من شوارع بالمصلين القادمين من مختلف مناطق القطيف في ليالي وأيام الجمع وليالي وأيام رمضان والأعياد.  وكنت عندما افتح باب بيتنا أرى الشوارع المحيطة وقد غصت بالمصلين للصلاة خلفه.  ورغم توسعة أرض المسجد للضعف ، وذلك بضم أرض بيتنا للمسجد ، وإعادة بناء المسجد لاحقا من دورين إلا انه ومع كل ذلك لم يستطع استيعاب العدد المتزايد من المصلين.  حيث استمر ذات المنظر ، امتلاء المسجد وما حوله من شوارع بالمصلين ، وهذا بحد ذاته مؤشر قوي على قوة تعلق المجتمع القطيفي بسماحته وحبهم له وثقتهم به.

أهتم سماحته بنشر العلم والمعرفة بين الناس حيث ارتقى المنبر واعظا طوال أيام حياته.  كما اعتنى بالكتاب تأليفا ونشرا ورعاية ، وأتذكر جيدا قدوم والدي رحمه الله تعالى بين فترة وأخرى من المسجد حاملا لبعض الكتيبات التي اشتراها من كشك صغير لبيع الكتب داخل المسجد.  كما أهتم بتحفيز الصغار والكبار على المثابرة في طلب العلم ، وكان يحفز من يتلمس منه نبوغا وكفاءة للتوجه لطلب العلوم الدينية.  كذلك اهتم سماحته بنشر ثقافة التعاون والتكافل الاجتماعي ومنها تأسيسه لأول صندوق خيري بالقطيف باسم "صندوق الدبابية الخيري" والذي تحول لاحقا لصرح كبير وهو جمعية القطيف الخيرية.

مواقفه المضيئة كثيرة تمتد من الأهداف الكبيرة ومنها إصراره على إنشاء حوزة علمية بمنطقة القطيف لتعليم الدروس الدينية إلى الأهداف الصغيرة ومنها رفضه للمرور ، حتى سيراً على الأقدام ، على الشارع الذي يخترق مقبرة الشويكة لاعتقاده بأنه جزء من المقبرة جرى اغتصابه ويجب أن يعاد إليها.

كان سماحته رجل وحدوي وله مواقف جليلة في ذلك جعلت المجتمع في عصره بعيد عن الانقسامات الدينية وهي صفة افتقدناها بشكل كبير بعد ابتعاده عن الأضواء لحالته الصحية في أواخر أيام حياته.  كان مع الجميع والى الجميع وهذا ما جعل تشييعه إلى مثواه الأخير أشبه بالأسطورة لم أراها لأحد من قبله.

هذه غيض من فيض من صفحات سماحته المضيئة وهي نبراسا تضيء للأجيال القادمة الطريق للصلاح والرقي والتقدم بحب آل بيت النبي ، وكأني بالشيخ وهو يردد القصيدة المشهورة "لأم عمر باللواء مربع" ونحن نردد من بعده:

نور علي ظاهر يلمع ... أزهي من الشمس التي تطلع

رحم الله تعالى سماحة الشيخ رحمة الأبرار واسكنه فسيح الجنان مع محمد وآله الأطهار صلوات ربي عليهم أجمعين.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 3
1
محمد
[ القطيف ]: 1 / 1 / 2012م - 8:13 ص
رحم الله العلامة الشيخ علي المرهون وشكرا للكاتب على لمسة الوفاء لعالمنا المبجل. لكن لي عتاب كبير على عضو المجلس البلدي الاستاذ عبد العظيم في اصراره على تزييف مسمّى المقبره. اسمها كان ولا يزال وسيبقى (مقبرة الدبّابية) وهذا هو المسمّى الذي كان يسميها به العلّامة ابو الفرج المرهون رحمه الله ولا يجوز لأيٍ كان من تغييره لعصبية في نفسه وبالذات من عضو مجلسٍ بلدي يفترض به أن يكون همُّه منطقة القطيف قاطبةً وليس تغيير جغرافيا وتاريخ ومسميات المنطقة تعصباً للحي الذي ولد فيه والذي هو حي غالٍ علينا ولكن الحق أحق أن يتّبع. دمت لكل خير أخي العزيز.
2
عبد العظيم الخاطر
[ السعودية - القطيف ]: 2 / 1 / 2012م - 8:43 ص
العفو أخي محمد

لم أقصد أبدا تزييف أي حقائق فالناس حاليا تتداول الإسمين وليس لدي أي موقف في ترجيح اي إسم على الآخر. بل على العكس ، أنا من المؤيدين للحفاظ على التسميات التأريخية ويمكنك الرجوع لمقال “للتاريخ حرمته” حول الموضوع. لذا أقترح تثبيت لوحة بالإسم التاريخي المعتمد وسأكون سعيدا بإستعماله.

كما ان كلا الإسمين يناسباني فوالدي من الشويكة و والدتي من الدبابية ...
3
محمد
[ القطيف ]: 6 / 1 / 2012م - 6:05 م
و أنعم بك وبوالديك أستاذ عبد العظيم وبأهل الد با بية والشويكة الكرام.

ولكن يظل التاريخ أمانةً لا يجوز العبث به ولا تحريفه لان جمعاً من الناس يريدون ذلك. أثمِّن لك اقتراحك تثبيت لوحة بالإسم التاريخي وهو (مقبرة الدبّابية) والمثبت في الالاف من وصايا المؤمنين وأدعوك بحكم موقعك في المجلس البلدي بتنفيد هذا المقترح. دمت موفقاً لكل خير.