المحفوظ: تراخي الإرادة الرسمية وراء تزايد الأمية في الوطن العربي

شبكة أم الحمام مركز أفاق

أكد المفكر الإسلامي محمد المحفوظ أن السبب الرئيسي وراء تزايد الأمية في الوطن العربي والإسلامي عاد إلى تراخي الإرادة الرسمية في التطوير والإصلاح في تنفيذ مشاريع محو الأمية. معتبرا أن غياب الإرادة السياسية الصادقة والمستديمة التي تستهدف بناء تنمية حقيقية أوجدت علاقة مشوهة في الخارج بعكس التجربة الأسيوية التي أوجدت علاقة متوازنة بين مكونها الداخلي والخارجي في العملية التنموية.

وطالب المحفوظ بضرورة إيجاد جهاز رقابي وجهة تربوية تنفيذية لإنجاز هذا المشروع وإنهاء مظاهر الأمية، مشددا على أهمية الاستفادة من المنجز الإعلامي لإحداث قفزات نوعية في مشروع محو الأمية من خلال ربط العلم بوسائل الإعلام المتعددة في القضاء على الأمية في الوطن العربي والإسلامي، مشيدا بالتجربة الهندية .

داعيا إلى ضرورة أن توفر كل الدول في مجتمعاتنا مساحة من التعليم لكل مواطنيها وأبنائها، وأن تسمح للقطاع الخاص بالقيام بدوره في المشاركة في التنمية البشرية عبر إيجاد بيئة قانونية ضامنة ومساهمة ومشجعة له في ذات الوقت.

وجاء ذلك في حديثه ضمن برنامج " الكلمة الطيبة" الذي تبثه قناة المنار، ناقش فيه المحفوظ دور التعليم في التنمية البشرية بالقول: حينما نريد أن نتحدث عن دور التعليم في التنمية البشرية في العالم العربي والإسلامي ينبغي لنا التفريق بين مصطلحين أساسيين " مصطلح النمو ومصطلح التنمية".

مرجعا أهمية ذلك التفريق إلى أن عمليات النمو تساعد على تعظيم " النزعة الاستهلاكية الترفية " ولا تؤسس للبنية التحتية لمفهوم التنمية البشرية.

وفي ذات السياق أكد أن النزعة الاستهلاكية تساهم في تفكيك الجذور الاقتصادية الموجودة بشكل تاريخي في المجتمعات العربية والإسلامية.

وتابع المحفوظ القول أن مفهوم التنمية البشرية يقتضي عنصرين أساسيين :وجود" إرادة سياسية مستديمة جادة" تستهدف تنمية الإنسان فرداً وجماعة على مختلف المستويات وجعل الإنسان هو محور الارتكاز في كل مشروعات التنمية والاقتصاد وتنمية الطاقات الموجودة في المجتمع ، وإلى "التربية على قيم التقدم عبر التعليم " بوصفها قيم تساهم في عمليات التقدم الاقتصادي.

وأضاف إلى أننا بحاجة إلى مشروع نهضة متكامل يطال جوانب الحياة البشرية المختلفة تربويا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا يكون جسرا يساعد الإنسان على حالة الانتقال من واقع متخلف ومتأخر إلى واقع متطور ومتقدم ، مشيرا إلى أهمية دور التربية والتعليم في هذا الجانب بجعله خادما لمشروعات التنمية والتطوير وخدمة الإنسان.

وذكر أن أحد الإشكاليات الرئيسة في مناهجنا الدراسية هي الفصل بين الإطار النظري والإطار العملي، الأمر الذي ساعد على خلق فجوة بين المتطلبات التعليمية ومتطلبات السوق على حدِّ قوله.

ودعا المحفوظ إلى ضرورة الدمج بين برامج التأهيل النظري وبين برامج التأهيل العملي والتدريبي التي تدفع بالطالب بعد مراحل تعليمية متواصلة لاكتساب إمكانيات عقلية ونظرية نوعيةويمتلك مهارات عملية وتدريبية.

وفي المقابل أكد على أن التعليم مطلوب لذاته وليس فقط من أجل الحصول على وظيفة، معتبرا ذلك أنه جزء من القيم المنظومية الإسلامية بوصفها وسيلة للتعلم وإنهاء مظاهر الجهل في الحياة الخاصة والعامة.

ورأى أن بوابة التنمية البشرية تكون عبر إصلاح التعليم وتطوير العملية التعليمة والتربوية في مجتمعاتنا من خلال مستويات التعليم المختلفة . مشددا على ضرورة أن يكون ذلك التعليم جادا ومتكاملا ومنسجما مع البيئة الحضارية ويتجه إلى خلق طاقات خلاقة ومبدعة.

وفي حديثه ذكر المحفوظ أن المشكلة الحقيقية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية أننا نتعامل مع مفاهيم التنمية والحداثة والتقدم بـ"نزعات إيديولوجية" الأمر الذي أوجد عمليات تحديث قسرية مضادة لعمليات التنمية والحداثة في مجتمعاتنا.

وأفاد المحفوظ أن دور مفهوم التنمية واستثمار الإنسان يساهم في تحرير الإنسان من قيود تحول دون انطلاقته ومشاركته في عملية البناء، ويفسح المجال لكل المكونات والتعبيرات المجتمعية للمشاركة الوطنية في عمليات التنمية ، ويحافظ على الاهتمام بالصناعات التقليدية في مجتمعاتنا.

وأوصى المحفوظ في نهاية حديثه إلى إيجاد مؤتمرات في كل قطر عربي وإسلامي لمناقشة قضايا التعليم والتربية في مجتمعاتنا، وإلى خلق مقاربات سياسية جديدة تتعلق بموضوع التعليم والتربية،و إلى أهمية استثمار الوقف الإسلامي في قضية تنمية المشروعات التعليمية.

وتوج المحفوظ حديثه بالمطالبة في استحداث نهضة اجتماعية متكاملة تكون قادرة على تطوير مشاريع التعليم في مجتمعاتنا .