ألف ليلة وليلة شكلت قراءتها في سن مبكرة .. سارة مطر لـ «عكاظ» :

لا إسقاطات سياسية في « أنا سنية وأنت شيعي»

صحيفة عكاظ عادل عبدالرحمن (جدة)

خاضت أياما عصيبة بعد نشرها فصلا من رواية ظلت حبيسة أدراجها منذ سنوات، غير أنها ارتأت أن تدفع بأفكارها التي تلاحق عقلها لتنثرها بين يدي المجتمع، لتنتج عددا من الإصدارات أثارت الجدل، ومنها كتابها الأحدث «أنا سنية.. وأنت شيعي»، سارة مطر الروائية والكاتبة السعودية باحت بالكثير من الأمور من خلال لقائها مع «عكاظ» فإلى نص الحوار.

أي شاطئ أدخلك بحر الكتابة، ومنذ متى صافحت موج الكلمة ومد وجزر القلم؟

تعلمت القراءة مبكرا جدا، في عمر السابعة، كان يمكنني القراءة والكتابة بشكل جيد، وحينما وصلت لعمر التاسعة كان يمكنني قراءة جميع مجلدات ألف ليلة وليلة، القراءة الجادة تمكنك بشكل رحب في الكتابة، بل أجدها الدافع الأول في تمكين الكاتب للكتابة. أما متى صافحت موج الكلمة، فقد كان ذلك في فترة المراهقة، كنت أميل إلى القصص القصيرة، وكتبت قصصا عديدة، وكنت أجد كتابة القصص الخاصة بي أكثر سهولة ومرونة، من كتابة قصص من الخيال، أدركت مبكرا أنني سأكون كاتبة يوميات لا كاتبة روائية فقط!.

متى كان مولودك الأدبي الأول، وما هي حكايته؟

كتابي الأول «قبيلة تدعى سارة» والحمد لله حقق شهرة كبيرة منذ خروجه، وتربع كأكثر الكتب مبيعا في السعودية ودول الخليج. كتابي الأول هو ما دونته في مدونتي التي تحمل ذات الاسم، حينما بدأت بنشر يومياتي في المدونة، بعد تراكم العديد من القصص والحكايات، شعرت برغبة كبيرة في أن تصل إلى أكبر قدر ممكن من القراء، فسعيت جاهدة لتجميع ما كتبته في المدونة، لأحوله إلى كتاب، فتحولت القبيلة «المدونة» إلى كتاب.

أين قضت سارة الإنسانة طفولتها، في أي مكان، وهل من مشهد بها لا يفارق عقلك الباطن منه والظاهر؟

لا مشهد خاصا في طفولتي، طفولتي أقل من عادية، قضيتها في المنطقة الشرقية، الدمام تحديدا، كل ما كان يميزني أنني كنت طفلة مختلفة، ذكية جدا، ومرحة للغاية، وكنت متفوقة دراسيا. وكانت عائلتي تستشعر تميزي عن بقية من كن في عمري، وكانت تقلق جدا من هذا التميز!

أنت نهرت الطائفية في إصدارك الأحدث، من برأيك يستفيد منها ويحض عليها؟

لا أفهم جيدا بالسياسة، رغم أن القارئ سيظن أن كتابي الأخير «أنا سنية.. وأنت شيعي» به إسقاطات سياسية، للأسف كتابي هو إنساني من الدرجة الأولى، عشت في مجتمع جميل جدا وهو المجتمع البحريني، هذا المجتمع أثر بي بشكل لا يمكنني وصفه لك الآن، لكن تأثيره بقي بداخلي حتى الآن، مجتمع البحرين مجتمع جميل وعفوي ومعطاء ويحترم الأجانب ويجيد التعامل مع المرأة.

كل ما هنالك أن الطالبات الشيعيات كن قريبات مني بشكل حميمي، وكن يشعرن بأني صديقة جيدة، لذا كنت شاهدة على الكثير من الأمور، سواء الطيبة أو السيئة في حقهن.

والكثيرون من المذهب الشيعي رحبوا بالكتاب بل وأشادوا به. أما من هو المستفيد ولمصلحة من؟، أعود وأقول لك: لا أفهم في السياسة أبدا، ولكن بالتأكيد هناك من يستفيد من هذا الشقاق والفرقة بين المذهبين، ولكن يتوجب على أصحاب المذهبين النظر لمصلحة الوطن قبل النظر إلى مصالحهم الشخصية.

عنوانك جلب الكثير من الإثارة «أنا سنية.. وأنت شيعي».. كيف كان اختياره، خاصة أن البعض اعتبره سياسيا بيد أن من يقلب أوراق الكتاب يجده سيرة ذاتية وواقعا اجتماعيا لا علاقة له بغير ذلك؟

فعلا وهو ما قلته لك في سؤالك السابق، الكتاب لا يحمل أي بصمة سياسية، إنما هو تدوين يومي لأحداث عايشتها وعاصرتها في حياتي سواء في وطني أو في مملكة البحرين، وصدقني إذا قلت لك أن اختياري للعنوان لم أكن أقصد به الإثارة أو الرغبة في توزيع كتابي، كنت متأكدة لو وضعت أي عنون فكتابي سينجح، لسبب وحيد أن الجمهور متعطش للحقيقة لا للقصص والحكايات الوهمية.

تعتدين بنفسك في «قبيلة اسمها سارة» فيما ترتفع الأنا في «أنا سنية.. وأنت شيعي».. هل هي محض صدفة؟

ملاحظتك جميلة جدا، سعدت بما قلته، هل تصدقني إذا ما قلت لك أنني أكتب دون أن أفكر أبدا، أكتب وأنا أتنفس، أكتب وأنا أبكي، أكتب وأنا أمطر فرحا وغيوما، لذا طيلة فترة كتابتي لم أسع يوما لتقييمها، أو التفكير إذا ما كانت كتاباتي نرجسية أو عفوية مثلا، أنا لا أستطيع إلا أن أعبر عما يدور حولي، لذا فبالتأكيد حضوري في الكتابة سيكون قويا وزاعقا.

لم يأخذ الناس عن المثقفين والأدباء انطباع النخبوية والانصراف عن قضايا وهموم المجتمع؟

لا أظن أن الفكرة صحيحة، المثقفون هم جزء حقيقي من المجتمع، لكن أظن أنني سمعت مثل هذا النقد في عمر مبكر جدا، لكن الوضع الآن تغير، حيث بات المثقفون هم جزء من نسيج المجتمع المحلي.

من أفضل روائية في السعودية بنظرك، ولم؟

أنا أعشق قلم المرأة، لكن للأسف ساحتنا لم تعد كما كانت في السابق خفت وهج الرواية، أنا أعتقد أن كل روائية رائعة وأفضل مني دون تحديد أي اسم، الجميع مبدعات جدا.

أسلوبك الكتابي سهل جدا لدرجة أن هناك من يتهمك بالسطحية، ماذا تقولين في هذا؟

فعلا، ربما أكون سطحية، نحتاج للسطحيين في حياتنا.

هل تلقى كتابة اليوميات تجاوبا عند القارئ برأيك، ألا تخافين من أن يصيب القارئ الملل؟

ما الذي سأفعله إذا ما أصيب القارئ بالملل، أنا أكتب ولا أفكر بأحد، أكتب لأن هناك حريقا بداخلي، المقالات هي الوحيدة التي حينما أكتبها فإني أريد من القراء التفاعل مع ما أكتبه، أما كتبي التي أنشرها فصدقني حتى لو لم يشترها أحد لن أغضب أبدا، لأن ما كتبته ما هو إلا تفريغ للأفكار التي بداخلي، أنا لا أستطيع أن أعيش طويلا مع هذا الكم الكبير من الأفكار التي تندفع على رأسي، وعلي أن أجد وسيلة للتخلص منها، والمجال الوحيد الذي أبدع فيه هو الكتابة.

«الحب صنيعة النساء».. هل هو إكمال لإصدارك الأول؟

فعلا هو إكمال الإصدار الأول، وهو أكثر نضجا من القبيلة، والأجمل، والأكثر قربا لروحي ولسارة ولقلبي أيضا، هو حكاياتي التي لا أخجل من البوح بها.