صدر حديثاً/ كتاب شيخ التقى

شبكة أم الحمام عرض/ باسم البحراني

 

اسم الكتاب/ شيخ التقى سماحة الشيخ علي المرهون السيرة والرحيل

جمع وإعداد/ رضي العسيف و باسم البحراني

عدد الصفحات/ 278 صفحة

سنة الطبعة/ 1432هـ/2011م

حياة العلماء وما تتركه من تأثير كبير على حياة من حولهم أمر لا خلاف في أنه يعكس مدى القدرة والكفاءة التي يتميز بها هذا العالم أو ذاك، بحيث حفر في ذاكرة هذه الفئة من الناس هذا القدر من التأثير، كما ينبغي التأكيد على أن هذا التأثير يمكن أن يتعدى في بعض الأحيان تلك الفئة من الناس الذين عاصروه وعايشوه إلى فئة أخرى لم تلتقِ به في حياته، أو بعد حياته، كما نلحظ ذلك في حياة بعض العظماء الذين ما زال الناس يستذكرونهم جيلاً بعد جيل.

وشيخنا العلامة الورع علي المرهون ترك ذاك التأثير على شريحة واسعة من أبناء هذا المجتمع، وتجلى ذاك في الحضور الواسع الذي شهده تشييعه المهيب، حيث رأينا ورأى الجميع كم هو كبير ذلك الحب الذي سكن في قلوب ووجدان الناس؟! وكيف خرج ذاك الكم الكبير من الناس صغاراً وكباراً؟! بل، حتى العنصر النسائي لم يغب عن المشهد، وهو أمرٌ ربما لم يكن مألوفاً في مجتمعنا إلى حدٍ ما، وأما تفسير ذلك فأتركه للقارئ الكريم.

شيخنا المرهون كان له دور في تحريك عجلة الوعي في هذا المجتمع في لحظةٍ تاريخية كان الذين يدركون أهمية هذا الجانب قلةً مما يعطي الدور الذي قام به أهميةً استثنائية، أضف إلى ذلك صعوبة الظروف التي نهض فيها بدوره، حتى لاقى ما لاقى من معاناة، إذ أن الطريق كالعادة ليس معبَّداً، والإمكانات متوافرة، مما يستوجب علينا –ونحن في هذا العصر- أن نتأمل هذه المسيرة الطويلة التي عاصرها الشيخ وتحمّل أعباءها وفق الشروط الموضوعية لنكتشف مدى المجهود الذي بذله (رحمة الله عليه)، ولنتعلّم منه درس تحمّل المسؤولية في النهوض بمستوى المجتمع والارتقاء به إلى مستويات أعلى، تتناسب ومستوى الطموحات التي نحملها.

من هنا ينبغي أن نعطي هذه الشخصيات شيئاً من التقدير الذي يستحقونه، عرفاناً بالجميل والمجهود الكبير الذي قدموه في خدمة أبنائهم في هذا المجتمع، فلا أقل من ذكر شيءٍ من أياديهم البيضاء التي خلفوها لنا صدقةً جاريةً، ما زالت تؤتي ثمارها حتى بعد أن غادرونا إلى جواره الكريم جلّ وعلا.

بعد عام من ارتحال شيخنا المرهون نستذكره ونستذكر ظلّه الأبوي الحاني، الذي لمسه كلُّ من عرفوه، نستذكره ونستذكر مآثره وحضوره الاجتماعي والتثقيفي الرائد، نستذكره وهو على منبر الإمام الحسين يلقي مواعظه وإرشاداته بأسلوب بسيط محبّب للصغير والكبير.

شيخ التقى:

وفي هذا السياق نذكر بأنه سيصدر قريباً كتاب من إعداد رضي العسيف وباسم البحراني يجمع بين دفتيه شيئاً سيرة الشيخ المرهون ، فتحت عنوان (السيرة الذاتية) وهو الفصل الأول من الكتاب يتناول الحديث عن سيرته العلمية والثقافية وحركته الاجتماعية، كما يسلط الضوء على بعض الأدوار التي مارسها الشيخ، وذكر أهم مؤلفاته ومصنفاته، كما أشار إلى العلاقة الميزة التي كانت تجمعه مع الناس.

أما الفصل الثاني من الكتاب فهو تحت عنوان (مقالات) حيث يجمع بعض المقالات التي كُتبت عن الشيخ بعد ارتحاله: وهي كالتالي:

- جدتي والشيخ المرهون، بقلم بدر الشبيب: حيث يسطر الكاتب شيئاً من ذكريات جدته المتعلقة بالشيخ فيقول فيها: "كيف كان يمكن لجدتي لأمي فهيمة ابراهيم الشبيب المتوفاة 1397 هـ أن تصدر ديوانا شعريا في حياتها، وهي تعيش في بيئة فقيرة مشغولة بتوفير لقمة العيش التي لا تأتي إلا بشق الأنفس، فكيف لها أن تفكر، وهي امرأة، في طباعة ديوان؟ وقبل ذلك، كيف دخلت معلمة القرآن التي لم تكتب حرفا من قبل تجربة الكتابة في أخريات حياتها بيدها التي كانت تشكو من إعاقة؟

الجواب هو: الشيخ علي بن الشيخ منصور المرهون."

ومن خلال ذلك يتعرض لجنبةٍ مهمة في حياة الشيخ المرهون وهو المتعلق بإدراكه الواعي لدور المرأة في المجتمع، حيث يقول الشبيب: "من يقرأ سيرة الشيخ المرهون رحمه الله سيدرك سبقه الواعي في العديد من المجالات، كإدراكه لأهمية دور المرأة في المجتمع وضرورة أن تكون لها مكانة لائقة، فقد شجع منذ وقت مبكر على إقامة صلاة الجماعة للنساء بإمامة إحداهن، وهي الحاجة شيخة محمود الشيوخ".

- علي المرهون.. وشمولية العطاء، بقلم بشير البحراني: فقد حاول البحراني في مقالته هذه أن يسلط الضوء على مسألة تتعلق بتعدد جوانب العطاء في شخصية شيخنا المرهون إذ يقول: "وحين ننعت الشيخ علي المرهون بـ(شمولية العطاء)، فإننا نريد أن نقول بأن المبدعين -في العادة- يتميزون في جانبٍ معين؛ لا غير، فقد يبدع أحدهم في تأليف الكتب، وآخر في مجال الرسم التشكيلي، وثالث في نظم الشعر، ورابع في فن الخطابة، وهكذا.. ولكن آخرين، يبدعون في أكثر من جانب، وربما يصبح بعضهم موسوعياً؛ أي كالموسوعة التي تضم مختلف صنوف العلم وألوان الفنون، فهم شخصيات تطرق التكامل في أكثر من موقع، ويحلو للشهيد الشيخ مرتضى المطهري تسمية هذا النوع من الشخصيات بـ(الشخصية المركبة) .

.. وهكذا هو شيخنا المرهون، فقد تفوق في أكثر من جانب، واستطاع أن يقدم عطاءاته هنا وهناك، في هذا القالب وذاك، ظناً منه أن من يدخل البستان ربما يشتاق لشم الزهور، وآخر ربما يرتاح لمنظر الغصون، وثالث لا يستذوق إلا طعم الثمار. والبستاني الحاذق هو من يعرف كيف يصل إلى الجميع عبر اعتنائه بالجميع".

هكذا يواصل الحديث مستعرضاً شيئاً من جوانب العطاء هذه، وهي: المتعلم، الأستاذ ، الروحاني، المؤسس، رجل المجتمع، الخطيب، الشاعر والمؤلف.

- رجل السماحة... شكرا لك، بقلم بشير السبع: السبع يعبِّر عن مرارة فقدان الشيخ وخاصة بالنسبة لجيل الشباب الذين لم يتسنَ لهم الالتقاء بسماحة الشيخ، فيقول: "ولكني على ثقة بأن بركات هذا الشيخ الجليل امتدت حتى بعد وفاته، القطيف في مشهد موحد تتحد بكافة أطيافها، علمائها، بسطائها، صغارها، كبارها كهلها وشبابها مشهد كان يشي بأن الرحيل مفجع ومُدوي وليس بالشيء البسيط هي تلك المشاعر التي خالطتني فور وصولي لمكان انطلاق التشييع المهيب الذي بالحق كان مظهرا حضاريا ولائقا برجل العطاء رجل السماحة وهو يا قطيف اقل الوفاء لهذا الجليل.

حين فقدناهُ نحنُ جيل الشباب أو من هم في مقتبل العمر تعرفنّا عليه وتعلقنا بشخصه طاب ثراه ولكن بعد رحيله وهذا هو الأسف العميق والحزن الذي يزيد مرارتنا".

- الشيخ المرهون.. وصفات لقمان الحكيم، بقلم جعفر محمد العيد: فبعد أن يذكّرنا العيد ببعض صفات لقمان الحكيم يحاول أن يتوصل إلى أن شخصية شيخنا المرهون ربما تأثرت بهذه الشخصية –وهو الذي ألّف كتابه لقمان الحكيم- فيقول العيد: " هذا هو لقمان الحكيم، الذي كان ماثلا أمام ناظري الشيخ علي المرهون.. وهو الذي كتب في بدايات كتابته كتابا اسماه «لقمان الحكيم»، هكذا بدا لي أن الشيخ المرهون رحمة الله عليه قد أعجب بسيرة لقمان الحكيم، واستفاد منها في محطات حياته.

وهي صفات عامة، يستطيع الناس والعلماء سلوكها إذا أرادوا ذلك، فما هي الصفات التي عرف بها الشيخ في حياته أسوة بلقمان الحكيم".

ذاكراً من هذه الصفات: التواضع وفن الإنصات، و صفة الحب والرحمة، و العمل في خدمة الناس.

- القطيف تودّع الشيخ المرهون عن 97 عاماً في مشهد مهيب، بقلم حبيب محمود: وهذه المقالة هي عبارة عن خبر صحافي منشور في صحيفة الوطن السعودية، يتحدث فيه الكاتب مشهد التشييع المهيب الذي حظي به فقيدنا العزيز قائلاً: "عاشت محافظة القطيف، طيلة نصف نهار أمس الخميس، إحساساً وداعياً بامتياز في تشييعها جنازة الشيخ علي المرهون الذي توفـّي مساء أول من أمس بعد تجربة مرضية طويلة وضعت حداً لحياة امتدّت 97 عاماً. وفرضت موجة بشرية حاشدة حركتها على امتداد كيلومترين على الأقل في مسيرة التشييع التي بدأت من أقصى جنوبيّ مدينة القطيف حتى أقصى شمالها، قبل أن يوارى الشيخ المرهون الثرى في مقابر الحبّاكة" ويضيف الكاتب: "وإضافة إلى الرجال؛ شاركت آلاف النساء في موكب التشييع، في موقع تلا الحشد الرجالي. كما اصطفّ سكان الأحياء التي مرّ بها موكب التشييع في تعبير وداعيّ مؤثر".

بعدها أشار الكاتب محمود إلى ما يمثله ذلك المشهد بقوله: " ويعبّر هذا الحدث الميدانيّ عن رمزية الشيخ المرهون ووزنه الديني والاجتماعي، بوصفه واحداً من أواخر جيل العلماء والأدباء المخضرمين في المنطقة الشرقية، وامتداداً للجيل النجفيّ من مشايخ الشيعة في محافظة القطيف الذين جمعوا العلوم الدينية والاهتمام الأدبي والتاريخي".

- الشيخ علي المرهون.. حكاية مصلح، حسن آل حمادة: يقدَّم آل حمادة قراءة في كتاب الأستاذ عبد الإله التاروتي (الشيخ علي المرهون.. رواية مجتمع وتجربة حياة)، وعن الهدف من هذا الكتاب يقول آل حمادة: " الكتاب هدف لتحقيق جملة من الأهداف نوجزها في الآتي:

أولاً: التعرّف على مكونات شخصية الشيخ علي المرهون، والعوامل المؤثرة فيها، والأدوار التي ساهمت في تشخيص هذه المكونات.

ثانياً: الإطلالة من خلال قراءة الأدوار التي قام بها الشيخ علي المرهون، على شيء من التاريخ الاجتماعي القطيفي.

والنقطة الثانية هي ما أكده الشيخ فيصل العوامي في تقديمه للكتاب إذ قال: "تجد هذا الكاتب يحيطك علماً بأدق التفاصيل والمعلومات، ويذكرك بالكثير من الجزئيات ذات الصلة بتاريخنا الاجتماعي القطيفي والتي أصبحت طيّ النسيان".

وبرأيي -كقارئ- أن القيمة العلمية لهذا الكتاب تتجلى من خلال هذه المقاربة بين سيرة الشيخ المرهون، وتفاصيل الحياة المتشعبة في منطقة القطيف تحديداً، مروراً بالمناطق الأخرى التي عاش فيها المرهون، خاصة مدينة النجف الأشراف محّط الدراسة الأهم بالنسبة إليه، حيث تلقى العلم من أفواه كبار المرجعيات الشيعية في الحوزة العلمية، كما تلّقت الكثير من الشخصيات العلمية والسياسية القادمة من العراق وإيران والخليج، العلم تحت يديه، ليصبح بعضهم فيما بعد ذا شهرة واسعة تتخطى الشيخ بالكثير الكثير، فيما بقي هو في إطار محليته، وهذه مفارقة تمنيّت لو توقّف عندها المؤلف ليجلي أسبابها!".

- العلامةُ الشيخ علي المرهون في وجدانِ أمتهِ، بقلم حسن علي آل خليف: فإضافةً إلى اللغة الوجدانية التي استخدمها الكاتب فقد أشار إلى ما لاقاه شيخنا المرهون في سبيل النهوض بدوره الرسالي إذ يقول: "ورجلُ السماحة الشيخ علي المرهون عطر الله مثواه حاول َكل ذلك بما يعبدُ الطريق بالأزهار والرياحين ليعطرَ المجتمع أجواءَ نفسِه بعبق الرياحين حتى لا يحسَ بعناء السير نحو المثل العليا التي استلهمها ,علامتُنا طاب ثراه وشق إليها الطريق بصبر وجلد في محيطٍ يضيق حتى بنفسه والمجتمع يأبى إلا أن يبقى في حصارٍ مستمر بذلك المحيط الذي لا يتسع لغير الثرثرات والعض والنهش ولعل دعوته هذه (له دعوة الحق) وهو في بواكير عمره لا تتفق ُورغبات مجتمعه فلقد مُنيت بالزعازع والعواصف كما مُنيت دعوة المصلحين بدأ يتحركُ في واقع التحدي مستنفراً كل ثقافته وطاقته بدأَ يتحرك ُفي أكثر من جانب ليغني الفكر, فقد كان يعيشُ قلقَ المعرفة وكان( الحسينُ) في عقله فكان يستوحيه ويستهديه وكان يشعر في قمة التحدي أن مرحلته حسينية , لقد نهض رجلُ السماحة عطر الله مثواه منذ بداياته بمشروع ضخم ذلك هو إنشاء صرح ٍ علمي لإعادة الروح إلى الواقع ولم يتلكأ مساره يوماً".

- رجلٌ يختصر المجتمع، بقلم حسين أحمد بزبوز: وبلغة ملؤها الحزن على فراق الشيخ المرهون يحدثنا بزبوز عن الجانب الأبوي في شخصية الشيخ الراحل ، كما تعرّض لجانب (الشخصية الجامعة) في سيرة شيخنا المرهون والذي انعكس تشييعاً مهيباً في يوم توديعه الأخير، مستذكراً شيئاً من الذكريات الغابرة التي عاشها قريباً منه، قائلاً: "ولا أريد أن ألج هنا باباً من أبواب الغلو فيه، بأن أزعم أن كل من سكن القطيف أو جاورها أو دب فوق ترابها أو ارتشف من مائها، قد كان عارفاً به ومغرماً بحبه، غير جاهلٍ له، أو قد عاش ما عشناه أو عرف ما عرفناه أو انطبع في قلبه كل ذلك الإحساس والشعور العرفاني الجميل الذي يعتمل في صدورنا تجاهه حتى الآن في هذه الساعات الخاصة وما أحسسناه ونحسه له".

ويضيف بزبوز: "نعم، لقد فعلها الشيخ حقاً، فوحد الكلمة، حين كان يمكن أن يأتي من يمزقها ويفتتها، وفعلها الشيخ حقاً، فنشر الحب حين كان يمكن أن يأتي من ينشر البغضاء والكراهية، وفعلها حقاً، فنشر العفاف حين كان يمكن أن يأتي من ينشر الرذيلة والفساد ويمزق الأخلاق ... وحوله تحلقنا حينها في الصلاة والدعاء والمناسبات، مستضيئين بنور قلبه ومنتمين لحبه ونور أخلاقه ... متجاهلين تنوعاتنا الثقافية والفئوية والمناطقية ... فذابت على يديه الكثرات وانصهر الكل في الوحدة والواحد القهار".

- العلامة سماحة الشيخ علي المرهون عالم الدين... أرقى موقعية، بقلم رضي منصور العسيف: فبعد أن يتحدث الكاتب العسيف عن الطاقة التي تحرّك المجتمعات والمتمثلة في العلماء مما يجعلهم يتسنمون موقعيةً مرموقةً في مجتمعاتهم يقول: "من هنا يمكن القول أن عالم الدين له مكانة رفيعة، ويقوم بدور في غاية الأهمية، فهو إمتداد لخط الرسالة، وهو حامل مشعل الهداية، وهو قائد في هذه الأمة، وبه تتضح معالم الحياة".

ليستاءل: "كيف يصنع عالم الدين أرقى الموقعية؟" وكإجابة على هذا التساؤل ذكر جملةً من النقاط وهي: الغزارة في العلم، والجماهيرية أي معاشرة الناس بالحسنى، وكثرة التضحيات. والتي تجلت في حياة شيخنا المرهون .

- الوجه الآخر لقطيفنا، بقلم حسين الجمعان: يبدأ الجمعان مقالته قائلاً: " في واحتنا الخضراء جمال وعلى سواحلها تتهادى الأمواج وفي شوارعها تقف نخيلها الشامخة مستمدة ذلك من عزة أبنائها وإبائهم وفي أزقتها الضيقة تتنفس الأرواح أنفاس الطيبة والأصالة الساكنة خلف جدران أحيائها القديمة تعمر قلوب ساكنيها!

واحة بالأمس أرتنا وجهها المضيء الأكثر إشراقاً... لتنسينا ولو لبرهة من الزمن قسوة الجراح والدماء النازفة على أرصفة التهور والعنف...

نعم بالأمس رغم ألم الرحيل والفقد لهذا العلم الجليل الذي أعطى من عمره وعلمه وراحته وصحته الكثير الكثير متفانياً في خدمة الإسلام المحمدي الأصيل وخدمة أبناء مجتمعه وطائفته فجزاه الله عنا خير الجزاء... ورفع مقامه في أعلى عليين وخلف على هذه البلاد أحسن الخلف إنه سميع مجيب".

بعد ذلك يقدِّم الكاتب رسالتين، إحداهما موجه لطلبة العلوم الدينية، والأخرى لشباب قطيفنا.

- رحيل رمز الحركة العلمية في القطيف، بقلم سعود بن عبد الكريم الفرج: الفرج بعد أن يتذكر شيئاً من الذكريات عن الشيخ المرهون، ويعدد بعض مؤلفاته، يشير الفرج إلى جانب ريادي فيما كتب الشيخ المرهون ، وهو الجانب المتصل بالأدب القطيفي الذي نال المرهون من خلاله عصا السبق إذ يقول: " وهو أول من جمع تراث القطيف الأدبي (الولائي) في أهل البيت  في كتابه المعروف شعراء القطيف الصادر في النجف في الثمانينات الهجرية من القرن المنصرم وجمع فيه درر القصيد لشعراء القطيف التي قيلت في أهل البيت خلال تلك الفترة والفترة السابقة وعد بعدها مرجعا مهما للدراسات الأدبية لجميع الدارسين والباحثين الذين وقفوا على الشعر القطيفي فتعرض له الدكتور عبد الله الحامد في رسالته الماجستير التي قدمها لجامعة محمد بن سعود بالرياض وعده مرجعا رئسيا من مراجعه المهمة في ذلك البحث ورأى في الشعر القطيفي الذي قدمه ذلك الكتاب مصدرا ثريا وتفوقا لغويا وصدقا عاطفيا يقف أمامه شعر شبه الجزيرة العربية المعاصر له في المناطق الأحرى باهتا وقد كان للشيخ المرحوم علي المرهون قصب السبق في إظهار ذلك الشعر من بطون الكتب المتناثرة هنا وهناك وتقديمه وتنسيقه وتقديمه في كتاب بقى وسيبقى شاهدا على كنز من درر الكلام جمعه ونسقه إنسان مشهود له بالكفاءة والصدق ناهيك عن مؤلفاته السابقة الذكر وهي تتمتع أيضا بعمق ديني وجهد متميز ترمي إلى إيصال المعلومة بسهل ويسر لمتلقيها تدل على فهم وقدرة مؤلفها على مخاطبة الجمهور باللغة لتي يفهما ذلك الجمهور بعيدا عن التعقيد والغموض".

_ أسرار محبة الناس للعلامة الشيخ علي المرهون، الشيخ عبدالله اليوسف: انطلاقاً من مشهد التشييع يحاول الشيخ اليوسف أن يحدثنا عن أسباب المحبة التي جعلت هذا الكم الكبير من الناس يأتي لتشييع الشيخ المرهون، حيث يقول : " ولا عجب في ذلك إذا عرفنا السبب، فقد ملَكَ الشيخ علي المرهون قلوب الجميع، وأصبح يحظى بمحبة كل الناس على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم وقناعاتهم، وهي ميزة لا يتمتع بها إلا أصحاب القامات الكبيرة من إضراب العلامة المرهون". يستعرض بعض هذه الأسباب كما يراها وهي: التواضع من دون تكلف، وصفاء القلب، واحترام الناس، والتعامل الأبوي.

- المنتج الثقافي القطيفي... الرؤية والمشروع لدى الشيخ علي المرهون، عبد الإله التاروتي: الذي يتناول بالحديث عن ريادية تجربة الشيخ المرهون إذ يقول: "الذي يبدو لي، أن أي تجربة بحاجة ماسة إلى اختبار صدق ثبات، وهذا لا يكون إلا بالمراجعة وإعادة القراءة مرة، واثنتين، وألف، خصوصاً تلك التي تسير ضمن أجندة يوميات الناس ونشاطهم الحياتي.

وتجربة الشيخ علي المرهون، هي من هذا الصنف الذي تزيده كثرة الدرس والمراجعة قوة ومنعة فهي لا تخص في متغيراتها فئة طلبة العلوم الدينية وإن كانت في صيرورتها تتجه نحوهم أولاً وبالذات".

ومن أجل التعرف على مجمل خصائص وسمات تجربة الشيخ المرهون المتصلة برؤيته ومشروعه للمنتج الثقافي القطيفي يشير التاروتي إلى عدة أمور وهي: معرفة العلاقة بين مرجعيته المعرفية ومكونه النفسي والاجتماعي، ومسلمة الرؤية والمشروع: الثقة بالمنتج الثقافي المحلي، ومقومات الرؤية والمشروع لدى الشيخ علي والتي أجملها في: أولاً: تبنيه لعملية الطباعة والتمويل للكتاب القطيفي، ثانياً: اعتماد المنتج الثقافي القطيفي كواحد من المصادر الرئيسة، ثالثاً: الإشادة الدائمة بل والمستمرة بكل منتج ثقافي يقع بين يديه، رابعاً: العلاقة الاجتماعية المتوازنة فيما بينه وبين كتاب مجتمعه من جهة.

ثم ينتقل للحديث عن مكتسبات الرؤية والمشروع لدى الشيخ علي ليختتم بالحديث عن المنتج الثقافي القطيفي في مقولات الشيخ المرهون.

- الشيخ الحدب، بقلم عصام الشماسي: الشماسي يقدم في هذه المقالة مشاعر وجدانية تفيض بالحزن فيقول: " لقد تعددت قراءات محبيك وعارفيك ومريديك – أيها الشيخ الجليل – فمنهم من قرأك عالماً ومنهم من قرأك إنساناً ومنهم من قرأك كاتباً ومؤرخاً ومنهم من قرأك عابداً متنسكاً.. ولكنَّ الأروع والأجمل من بين هاتيك القراءات كما يحلو لي أن أتلوها وأذيع جميل حروفها.. هي قراءة الأجيال والناشئة الذين لم يحظوا بك مربياً وراعياً ومعلماً ومرشداً فتلمذتهم بأبلغ ما تكون العبارة وبأقوى ما يكون الاستيعاب وأنت بين تموجات محبيك في ذلك الموكب الملائكي الحاشد وفي تلك الملحمة الوطنية الهادرة حيث رسمت الحرف بعيداً عن أغلال الفلاسفة وقيود المتكلمين وأبعثتها رسائل شفافة أن الفضيلة والسماحة والتقى لن يطالها عدم أو يدنو لعالمها محو".

- الشيخ المرهون أبوية روحية واجتماعية، بقلم الشيخ علي القطان: الشيخ القطان وبعد مقدمةٍ يعبر فيها عن بالغ حزنه لرحيل الشيخ يقول: "هذا النموذج من جيل الأوائل الكبار كان يعطي للقطيف أكثر مما يتصور أصحاب الجيل نفسه لقد كان الجيل الشاب يفهم جيداً ما الذي كان يجذبه لمثل الشيخ وما هي القضايا التي كانت تعتبر ملمحاً خاصاً في شخصيته قدس سره حيث كنا نقصد الشيخ طاب ثراه ولا زلنا في بدايات تفتحنا على الحياة فما الذي كان يجذب جيل عريض له؟ مع شريحة جماهيرية واسعة والذي شهدنا مدى اتساعها في تشييعه مع دموع حارة كانت تذرفها هذه الجموع وحرارة الفقدان لخسارة عالم وأديب ومربي شهد مرحلة طويلة من التقلبات التي حافظ فيها على استقامته والتزاماته العلمية والأخلاقية والاجتماعية بصورة تنبأ عن ورع والتزام أخلاقي واجتماعي ملحوظ فضلاً عن الجوانب العلمية والأدبية"، ويضيف: "لقد كان الشيخ ممن يمثل جانب الأبوية الروحية والاجتماعية في المنطقة".

- آية الله الشيخ علي المرهون، مال الله يوسف مال الله: وهو عبارة عن خبر صحافي منشور في صحيفة القبس الكويتية، يتحدث فيه الكاتب بشيءٍ من الاختصار عن مشهد الرحيل ويذكر بعض مآثر شيخنا المرهون.

- رجل السماحة، بقلم الشيخ محمد الصفار: الشيخ الصفار يستذكر في البداية الحفل التكريمي الذي أقيم لسماحة الشيخ المرهون واختير له عنوان (رجل السماحة) فيقول: " المكرم في هذا الحفل هو رجل السماحة المرهون, الذي ارتأت القطيف له لقبا إنسانياً وأخلاقيا يليق بأخلاقه وتواضعه وعطائه, ومع أن الكثير من الألقاب العلمية لا تعز عليه لكن الفخر للإنسان هي أخلاقه وقيمه ومبادئه، وقد وصف الله سبحانه رسوله بقوله : ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ.

السنوات التي قضاها من عمره في العلم والتعلم, ليتعقل هذا المعنى ويدرك ذلك اللحاظ, ويطلع على دقائق الأمور العلمية وفك طلاسم عباراتها وغوامض أسرارها لم تنسه نفسه فعمل على معرفتها وإصلاحها وتأديبها وتزكيتها فحق له أن يكون رجل السماحة ورفيقها وقرينها".

ثم يستعرض بعض جوانب الجاذبية في شخصية الفقيد المرهون ومنها: حب الفقراء، و حضوره بين الناس، وعفة اللسان، والهم الوطني.

مختتماً الحديث بموقف رسخ في ذاكرته فيقول: "كتب لي والدي (رحمه الله) قصيدة تأبينية لأحد العلماء وطلب مني إلقاءها في حفل سيقام بالمناسبة في المسجد الذي يصلي فيه رجل السماحة (بحي المسعودية)، كان عمري 8 سنوات، جلست على الكرسي وكنت مرتبكا وأنا أمسك الورقة التي كان اهتزازها يهز كل بدني، وكان الشيخ يجلس على الأرض على يميني، لم أصدق أنني سأنهي المهمة لارتباكي، لكنه بادرني بكلمات تشجيعية جميلة أتمها بخمسة ريالات وضعها في جيبي. ليت كل الناس مثلك في التشجيع".

- العلامة المرهون.. الملامح والتفردات، بقلم محمد الضوء: الضوء يشير إلى جانب الفرادة عند الشيخ المرهون والمتمثل في كون: "الشيخ المرهون بعيداً عن الانخراط في متاهات الصراعات المرجعية من جهة أو الصراعات الاجتماعية التي صنعتها الحركة اليسارية، كان ملتزماً حسيني، محمدي الهوى حسيني المنهج، ما وجدت عليه عثرة، وما صنف نفسه ضمن إطارات الانتماء المرجعي هذا أو التياري ذلك، فقد كان يقف والمسافات كلها بين يديه واحدة".

ويضيف: "كان محباً للجميع، فوق الانتماءات، وخرج من إطار التحديات القاسية منصفاً بل وصاحب منهج خاص في الإنصاف والعدل الاجتماعي، حيث لم يفشل ولم يسقط في حسابات التعصب والرؤية المفردة، هذا ما ميزه وهذا ما ميز مريديه وأحبائه".

- شيخ الورع والتقوى، بقلم محمد علي مكي آل غانم: وآل غانم يقول: "منذ أن عرفناك يا شيخ الورع والتقوى وأنت تعد أمتعة السفر لم تتوقف فترة دون أخرى ، كنت تعمل كالنحل في خليته يصنع العسل شفاء للناس ، منذ عرفناك وأنت رجل المنبر الحسيني رجل النصحية والإرشاد رجل التفاني والإصلاح رجل السماحة والوداعة ، لا تعلو على أحد ولا تقف الكبرياء عند حضرتك ، أنت أيها الشيخ الجليل الذي عرفناك ولامسنا ورعك وتقواك ، فعشت مربيا للأجيال شاركت المجتمع في همومه ، فبسماحتك جسدت المعنى التطبيقي لمفهوم العبد الصالح فرحمك الله يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا". ثم يعدّد الكاتب خمسة عشر موقفاً عاشها الكاتب أو شاهدها يتجلى من خلالها شيء من عطاءات الشيخ وشخصيته.

- العلامة المرهون ... سيبقى مخلداً، بقلم السيد مصطفى الشبركة: السيد الشبركة بعد أن يتحدث عن الصدقة الجارية يؤكّد على أن ما تركه الشيخ المرهون من مؤلفات تعد صدقةً جارية لسماحته، فيقول: "كما خلف العلامة المقدس الشيخ علي بن الشيخ منصور المرهون مجموعة من الكتب تربو على الخمسة والعشرين مصنفاً في مختلف العلوم الإسلامية والأدبية.

وهنا أقترح على عائلة الفقيد السعيد نشر كتب هذا المقدس، خادم أهل البيت فتكون في مجموعه كاملة يكتب عليها مجموعة كتب المقدس العلامة الحجة الشيخ علي بن الشيخ منصور المرهون، لتكون للأجيال مناراً، وشعلة وتضئ الطريق المستقيم، ليسيروا على منهاج محمد وأهل بيته.

ظاهرة التشجيع عند الفقيد:

ومما يخلد الإنسان في قلوب الناس، صفاته وأخلاقه العملية، وهذا ما كان يتمتع به فقيدنا حيث كان يتمتع بصفة التشجيع على إقامة المحافل الأدبية، والخطابة المنبرية، وكذلك التشجيع على الكتابة والتأليف".

أما الفصل الثالث من الكتاب فيحوي مجموعة من القصائد التي كتبت في الشيخ الفقيد ، وهي كالتالي: تهجد في حضرة الرحيل (حسين آل جامع)، أبو القطيف (حسين العبد العال)، قلب القطيف (حسين الحرز)، شيخ التقى (سعيد الشبيب)، وأخرى للشاعر ذاته بعنوان: ودعي ياقطيف، شيخ القطيف (عبد العظيم العسيف)، في التجليات تخضر الأبجدية (عبد الله الأقزم)، ولي الحسين العلامة المرهون (عبد العزيز الحرز)، الضوء المسجى (فاضل المغسل)، شيخ السماحة (فريد النمر)، دوحة الإخلاص (مرتضى القفاص)، قرن تعيش في الشيخ علي المرهون (الشيخ منصور الجشي)، يُتمُ الضياع (أمل الفرج)، إلك أغلى الدموع (حسن الشيخ عبد الكريم الفرج)، بذور بشرية (محمد الخباز)، بشارة استسقاء (ياسر الغريب).

أما الفصل الرابع فهو (بيانات التعزية) التي صدرت من المرجعيات الدينية والشخصيات العلمائية، أو الشخصيات الرسمية والوجهائية، أو الجمعيات والمؤسسات.

أما الفصل الخامس من الكتاب فيجمع تقارير مجلس التأبين الذي أقيم بعيد ارتحاله وهي من إعداد الأستاذ حسن آل حمادة، ومحمد آل رضوان.

أما الفصل السادس من هذا الكتاب فسيجمع الكلمات التي سجلها المعزون في سجل التعزية.