هل من حرب قادمة في الخليج؟

 

أول الحرب طبولها، وطبول الحرب ما هي إلا تهيئة نفسية لوقوعها. ينطبق هذا القول على التهمة الأمريكية لإيران بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، وكما أن طرق الطبول لا يعني وقوع الحرب، التهمة الأمريكية هي أيضاً لا تعني وقوع الحرب. من جهة أخرى لا شك بأن كل أمر وارد الحدوث في عالم السياسة، فلا إيران معصومة من الخطاء وارتكاب الأخطاء، ولا أمريكا نظيفة المقاصد والنوايا.

أغرب ما في التهمة الأمريكية أن الحشد الإعلامي، غربي وعربي، متتابع ومؤكد لها، بينما هناك محللون سياسيون من الغرب وأمريكا شككوا في الرواية الأمريكية وطرحوا عليها علامات استفهام كثيرة وطالبوا واشنطن بالفصح عن أدلة أخرى غير ما طرحه الإدعاء الأمريكي. ورد ذلك في الصحافة الأمريكية وفي برنامج كامل على قناة السي إن إن الأمريكية، بينما تعامل معها إعلاميون كبار في الخليج كأمر مسلم به ونفخوا أبواقهم نحو تأكيد الخبر والبناء عليه لرسم صورة تآمرية كاملة عن طهران وأطماعها. وكما قلنا سابقاً، لا إيران معصومة من الخطاء ولا أمريكا نظيفة المقاصد، ولكن عجباً من الذين يسلمون بالرواية الأمريكية، بل ويتبنون ما أسموه بالأدلة الدامغة!

الحرب ضد إيران تعني فتح الأرصدة الخليجية لتمويلها، وبالتالي سحب من أرصدة شعوب الخليج التي تأمل تأمين مستقبلها ومستقبل أجيالها القادمة. ناهيك عن تبعات الحرب السياسية التي ستخلط أوراق المنطقة ولا يعلم أحد إلى أين ستفضي، بل أن شعوب الخليج ودولهم لم يستفيقوا بعد من تبعات حروب الخليج السابقة التي أنهكتهم سياسياً وأمنياً واقتصادياً. المستفيد الأول من حرب جديدة في الخليج هي إسرائيل وطبقة من الساسة الأمريكيين تستنفع وتقتات من كل حرب.

يبدو أن إيران يراد لها أن تدفع ضريبة استخدام الفيتو الروسي الصيني في مجلس الأمن تجاه سوريا. لم يحتمل الأمريكيون هضم الموقف، كما أنه قد أعيتهم سياسة طهران في العراق الذي أمسى رافضاً لتغيير النظام في سوريا، ويزعجهم بشكل يومي الحضور الإيراني في ملفات حاسمة في المنطقة من لبنان مروراً بفلسطين والعراق وأفغانستان...ولسان حال الأتراك والدوحة وباريس وواشنطن يقول: علينا إزالة العقبة الإيرانية عن طريق سياساتنا في المنطقة.

أما تصوير الوضع في الشرق الأوسط على أنه على مفترق طريقين: أما أن تسقط سوريا أو تقوم حرب ضد إيران، فهو تصوير متسرع غير معتبر بالدلالات السياسية والفنية الجارية وبالتحالفات البينية المهيمنة، وفي الطريقين تبقى طهران هي المستهدفة أصلاً من الاحتمالين. إذن هل هناك سيناريو لحرب جديدة في الخليج؟ خليجياً: من الواضح أن أغلب دول الخليج لا تريد الحرب، وإن كان ليس من المستبعد أن يؤيد بعضهم ضربات عسكرية خاطفة ضد إيران بحيث تكون موجعة، وهنا المرشح الوحيد للقيام بهذه الضربة هو إسرائيل التي أفصحت صحافتها عشرات المرات خلال السنتين الماضيتين حتى اليوم عن ترددها وانقسامها على توجيه ضربة لإيران خشية من تبعاتها وارتداداتها العسكرية عليها.

لا شك بأن التهمة الأمريكية لطهران هي فخ نُصب هذه المرة بعناية مركزة، ولكنها خالية من التريث ومليئة بالارتباك، فتلقفت أوروبا الاتهامات الأمريكية لإيران، وبالغت في خطورتها. لذا سيكون لها مفاعيل سياسية ودبلوماسية لا ترقى لتوجيه حرب ضد إيران، وهي اتهامات تذكرنا بادعاءات أمريكا بوجود أسلحة دمار شامل في العراق. أين واشنطن عندما عندما قام العقيد معمر القذافي بإرسال مجموعة لاغتيال العاهل السعودي، لم تتحرك واشنطن وباريس حينها، على العكس من ذلك استمر تعاملهم مع القذافي وكأن شيء لم يكن.

من جانب أخر، سترتفع اسعار النفط، وسترتفع بموازاتها حدة التوتر في المنطقة الخليجية... الصين وروسيا من ابرز شركاء إيران التجاريين، وتتطلعان الى تعزيز وجودهما في منطقة الخليج، حيث ثلثا احتياطات النفط في العالم، ومخزون الثروات المالية الهائلة التي تقدر بتريليونات الدولارات على شكل صناديق استثمار سيادية أو عوائد نفطية سنوية، تقدر بحوالى 600 مليار دولار.

الأمر الواضح أن منطقة الخليج يراد لها أن تدخل في زوبعة المخاضات الجارية في المنطقة، فهل يعرف الخليجيون أين موقع أقدامهم قبل أن يجرها غيرهم لمسارات أو متاهات لا يرغبون فيها؟ نأمل ذلك.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
المجدد
[ ام الحمام - القطيفف ]: 18 / 10 / 2011م - 1:22 م
المتضرر الاول والاخير هم شعوب المنطقة فهم ضحية الاستكبار العالمي الصهيومريكي 00

لم يتعلموا الدرس من حرب تموز وغزة ولم يستوعبوا الدرس جيدآ


اللهم احفظ بلادنا من الحروب ورد كيدهم في نحورهم انه سميع الدعاء
كاتب وباحث