إيّاكم ومنطقة الراحة يا شباب

 

 

ربما صادفتم في مشوار حياتكم بعض الأفراد من حولكم الذين يمثلون عقبة كأداء في طريق الفريق الذي تتولّون قيادته سواء في محيط الأسرة ، أو في بيئة العمل ، أو في الحاضنة الأوسع وهي العمل الإجتماعي .

هؤلاء البعض الذين تغلب عليهم طبيعة الجمود وتفضيل الوضع القائم والحرص على أن يبقى على ما هو عليه لأنهم يرون فيه الغطاء الآمن لهم ، والوعاء الذي يتنفسون فيه بكل يسر وسهولة بعيداّ عن مخاطر ثاني أكسيد الكربون الفاسد والخانق الذي يعتقدون أنه يأتي نتيجة للحراك في أي إتجاه كان .

هؤلاء تسمعهم يرددون بكل راحة بال ، لا تتعب نفسك ، ولا تتبهدل " اللي يعزي واللي ما يعزي يأكل من عيش الحسين " أو " منهو داري عنك ياللي في الظلام ترمش " !!

قد يكون قرار هؤلاء بعدم التفاعل ، وإختيار تجميد السلوك ومقاسمة الآخرين نجاحاتهم دون عناء يُذكر منهم ، يعود إلى عدم إحساسهم بالعدالة من قبل المشرفين عليهم ، سواء في البيت ، أو في العمل ، أو في المجتمع ، وعدم ميولهم للمواجهة والإفصاح عن مشاعرهم الحقيقية والعمل على توكيد الذات في حضرة من تسبب في تسرب ذلك الإشعاع الملوّث إلى نفسياتهم ، الأمر الذي قضى على معنوياتهم ، وأسدل عليهم بردة السكون اللامتناهي .

وربما يكون ذلك القرار بالإنكفاء داخل " منطقة الراحة " عائد إلى عدم ثقة هؤلاء البعض في أنفسهم ، وتغلغل النظرة السلبية إلى ذاتهم لدرجة اليقين ، وهذا بدوره يُعدُّ كافياً من الناحية السيكولوجية إلى أن يدفع بهم للإنطواء والزهد في التفاعل مع ما يدور حولهم من أحداث وأنشطة إنسانية مختلفة مكتفين بلعب دور المتفرج ، ولا يميلون على الإطلاق إلى تحمُّل المسئولية بل يحاولون الهروب منها ما استطاعوا لذلك سبيلا ، وكأن لسان حالهم يقول " إبعد عن الشر وادرعْ له "         أو " الباب اللي تجيك منه ريح سدِّه واستريح " !!

وهنا يأتي دور القيادة المتبصرة التي تعمل على إخراج هؤلاء من " منطقة الراحة " ليتدربوا على ظروف وأعمال وأوضاع ليست مألوفة إليهم، وليتحصنوا بالبصيرة ووسع الأفق والتدرب على العمل بفعالية أكبر مع بعضهم البعض .

إن العمل خارج منطقة الراحة يضع الفرق أمام تحدٍ لانفعالاتهم ومقدرتهم الجسدية والعقلية كذلك .

إن بعض التحديات التي تمارسها الفرق خارج منطقة الراحة تساعد أفراد الفرق على فهم بعضهم بعضاً وتركز على الكيفية التي يستطيعون بموجبها أن يكونوا أكثر فعالية في تحقيق الأهداف المشتركة .

إن مثل هذه التحديات التي يصطنعها القائد المتبصر لأعضاء فريقه خارج منطقة الراحة تساعدهم على إزاحة الحواجز الفاصلة بينهم، كما تساهم في بناء علاقات أوثق واتصال أمتن بين الأعضاء على إختلاف شرائحهم الوظيفية ، ومهاراتهم الفردية ، وأيضاّ تساعدهم على إكتساب مهارات اتخاذ القرار والوضوح والشفافية في الاتصال والتحدث وتوكيد الذات ، وكذلك التحديد الصحيح للمصادر التي ستساعدهم للوصول إلى الهدف المنشود ، وبناء جسوراً من الثقة المتبادلة ، والتحليق في فضاء الجماعة بدلاً من التقوقع في خل دائرة الذات الإنفرادية المقيته.

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية