ليلة من ليالي العيد ..

 

لم يكن مقصده إلا التبضع وشراء بعض الملابس الجديدة للعيد، العيد الذي سيكون رائعا.. والناس يرتدون ويتعطرون ويبتسمون بملأ الشفاه.. كان يحدث نفسه بذلك ليطبع في روحه التفاؤل رغم ارتفاع الغلاء

دمدم في نفسه..

وبعد أيام العبادة حق لنا أن نكون سعداء ومسرورين...

وهو يتجاوز المنصات ذات المبالغ الخيالية.. ليقترب من أقلها وطأة على الجيوب !!

أقترب من قميص براق

إلا أن عيناه ارتفعتا قليلاً بعض الشيء

أحس أن قلبه يتأرجح في الهواء حينها

لم يكمل بلع ريقه

تخشبت يداه عن الحركة.. تسمر في مكانه مشدوها.. فتاة اصطادته دون قصد أو موعد لقاء.. لم يستطع الوقوف على قدميه.. لحظات وغابت عنه كل الأفكار.

نسي كل شيء.. نسي تلاوة القرآن.. الصلاة.. القيام.. كل ما في رمضان غاب عن عقله.. مسح شامل لكل تلك الزهور اليافعة... تستعر النار في جوفه.. نبضات لا يعرف من أين أقبلت عليه؟!.. فقط زلزال يجتاحه من كل مكان

وهن أمام عذابات لم يكن سببها غير نظرة.. سهم ثلاثي الأبعاد أصاب قلبه.

اخترقت تلك النظرة كل ما تبقى له من خشوع.. إنها بضع ثواني لا غير، إلا أنها نقلته إلى عالم آخر.


ضعف وخارت قواه... ليس الغزال أهيفاً بمفرده... بل هناك ما يغوي أكثر من الشيطان نفسه، أقسم وهو يخالج روحه..

مستغرباً قالها في أعماقه.. إن إبليس كان مقيداً.. فمن أين جاء؟!.. إنها ليلة العيد !! ، قالها وعيناه تدور، قلبه منخلع.. لا سبيل له على مقاومة هذا الإغراء...

كانت تتبضع بهدوء هي الأخرى.. ولقد أقسمت مع نفسها أن لا تشتري شيئاً، فالأسعار فوق المألوف..

رفعت عيناها قليلا بعض الشيء.. فأدركت ما فعلته به... فولت هاربة على الفور.. كان شيء بداخلها يتناقض..

رغبة في البقاء.. وعتاب أمرها بالفرار.. حتى غابت عن عينيه الذاهلتين.. إلا أنه أصبح من غير باب.. يدخله الريح من كل مكان.. ألقى ملابسه على المحاسب.. وقال له :
لن أشتري منكم شيئاً .. فأسعاركم لاهبة هذا المساء !!