الشباب: مسارات مفروضة ومخرجات مطلوبة

 

في هذا المقال، الأخير من سلسلة مقالات "الشباب وطموحات الإصلاح"، سنتطرق للخطوة الأخيرة في مواجهة الأمم والدول والمجتمعات لمسألة "إدارة وتنمية الشباب"، وتتمركز، الخطوة، في تحديد مسارات تنمية الشباب عبر صياغة المخرجات المطلوبة منها، ولكن تحديدها يتطلب الإجابة على سؤال كبير: من الشباب، وما الشباب، الذين تحتاجهم الأمة للمستقبل، على المدى المتوسط وعلى المدى البعيد؟ هل هم صناعيون، تقنيون، فنيون، أكاديميون، تكنوقراطيون، إسلاميون، ليبراليون، سياسيون، اقتصاديون، باحثون، إداريون، دبلوماسيون، ثوريون، قانونيون، عسكريون، مفكرون، أطباء، كتاب، أدباء...

تحديد تلك المسارات يأتي من خلال تدفق كم من المعلومات والتقارير القادمة من أعمال ونشاطات كافة قطاعات المجتمع الأهلية والخاصة والرسمية، التي بمجموعها تتراكم وفق أنظمة وبرامج للفرز والتحليل لتحدد خلاصة المخرجات المبتغاة، ومن ثم تتبين مراكز النواقص ومحاور العجز المطلوب سدها للفترة القادمة، المتوسطة و البعيدة. الإشكال الخطير الذي تعاني منه أغلب الدول هو غياب أو ضعف برنامجين:

برنامج تدفق المعلومات وسلاسته وضبطه.

وحسن اختيار برنامج فرز المعلومات وتحليلها بما يتوافق مع الرؤية التنموية للدولة.

نقصد بمفردة "البرنامج" الجانين الجانب التقني والتكنلوجي، والجانب البشري المناسب للأول.

بيد أن الأهم من تلك العملية وجود رؤية شاملة وواضحة عند المعنيين بالشباب والمخططين حول إدارة كافة المجتمع والدولة، بحيث تصبح رؤية إدارة الشباب وتنميتهم منبثقة عنها لا منفصلة بمفردها، وبحيث تكون دورة التكامل في مجموع الخطط وفق تلك الرؤية الشاملة لإدارة جميع شرائح المجتمع وفئاته. أما الحديث عن رؤية الدولة العامة فليس مكانه هنا.

المسارات القائمة اليوم لتنمية الشباب هي مسارات مفروضة عليهم، من قبل المخططين والوزارات العربية واجتهادات المسئولين فيها، وبالتالي تصبح طموحات الشباب محدودة بحدود المخرجات المفروضة عليهم، إلا من سعى من الشباب للخروج من دائرة الوطن بحثاً عن مسار لتنمية ذاته وكفأته بغض النظر عن طبيعة هذا المسار أو ذاك، سواء كان المسار تعليمي أو خلافه.

لذا لا غنى، كما يقول علماء الإدارة، عن وجود جهة رقابية تراقب عبر معايير متعددة، ومن خلال برامج رقابية، مدى وصول خطة إدارة وتنمية الشباب لأهدافها. هذه الجهة غير معنية بتفاصيل التطبيق، هي معنية بالنتائج حول الوصول للأهداف أو عدم الوصول، وهو الأمر الذي يتراوح بين الغياب الكلي والضعف الشديد في الكثير من خططنا في العالمين العربي والإسلامي.

كاتب وباحث