ألم الماضي

 

قذفت جميع خيالاتي وأسرجتي لأستريح من الماضي ، ولا ذكرى لها سوى سراب من بعيد ، وها أنا أنظف جميع متعلاقتي في براويز عتيقة كنبيذ فرنسي معتق ، ولكي أطهر  نفسي من رذائل ذكرياتها العفنة، أحرقت كل مطالبها وصورها .

آلمتنى يوم كنت رفيقها، أكرمت نفسي بسكوت اليوم والغد ، وبقيت على الظلال فى أسوأ لوحة رسمتها، وألوانها لا طيف لها ولا نشور ، غائبة عن كل أقبية الزمن.

تذكرت لها النظرة الأولى استحضرت في ذاكرتي ملامح وجهها عند أول نظرة، كانت شبه فاتنة ، لها وجه مقبول أو تعلوه مسحة من الحُسن، إلا أن قداسة الزمن أجبرت على اللقاء والنكاح، وبدأ النياح لأسطول البكاء، وغاصت الأرجل في الأعماق، واختزل القلب بين الجوقة والنفاش ، عفوت عنها لسبيل الأيام كي يسقط القناع وتبدأ الحياة وينبت الحب لاتصال الأيام، وبزوغ الأولاد طهرٌ من نفاس إلى أحلام الأيام  ، وضاعت الأيام وانشطر البحر إلى  قسمين: جاف وماء، يصعب أن ترحل لقلة الماء، أقنعت نفسي بأن أتسلح وأبقى بين الهند والباكستان؛ لأشرب من زعافيرهما معاً كي أصلح الأخوان والأجداد، إلا أنها عاثت فى الأرض وفي السماء فسادًا، ولم ينطق الزمن لإنسان سوى الكبير الجبار.

وعلمت بعدها أن الجرة ليس بها ماء، ثقبها الزمن، وبقيت الأكفان على تراب الهجر والنسيان، ولم يبقَ لنا الذكر إلا في الأيام، سواد تتبعه قطرات لا طعم لها سوى الملح الأجاج، ونظرت إلى الساعة، فرأيت عقاربها تخرج إلى الأوثان، ها أنا اليوم أعيش الزمن وسرابيل عقدت على أن أنام.