ذهب جديد ... ذهب عتيق

اعتاد الناس في ما مضى على سماع هذا الرجل  الذي يحمل حقيبة صغيرة و يمشي منادياً في الشوارع و الأزقة " ذهب جديد .... ذهب عتيق"
لم يخش يوماً هجوماً مسلحاً و لم تخف منه ربات البيوت فكان يدخل البيوت ليبيع أو يشتري دون خوف يشعر أو يُشعر به ....

اليوم فقدت قرية السلام " أم الحمام" أهم ما امتازت به حتى وقت قريب... الأمن و الأمان ...

لا يمكن فتح باب المنزل للغرباء و لا المشي في الأزقة دون خوف و لا حتى الجلوس في الأماكن العامة التي يملؤها أهل القرية الطيبون...

سيقول البعض إن هذه صارت حال الدنيا بأسرها و نحن نقول نعم و لكن قريتنا التي كانت وادعة لم تكن تعاني من هذه المشاكل كما هي الآن ... كانت أفضل حالاً..

ما الذي تغير ؟ و ما الذي يستدعي كل هذا العنف و الإجرام ؟! من الذي ينشر الرعب بين أهل القرية التي كانت هادئة؟ لقد صارت بلدتنا تعرف باسم شيكاغو الشرقية و هذا المضحك المبكي ...

يتعجب زائرو الإمام الرضا عليه السلام الذين حظوا بزيارته في شهر رمضان المبارك من طبيعة الحياة في مدينة مشهد فالناس ينامون باكراً و يصحون باكراً و العجب يكمن في طيات هذا النقد ... أو لم نكن نحن هكذا؟ قبل  عدة سنوات كان الناس  في بلادنا ينامون و يصحون باكراً  حتى في شهر الصيام حين كانت محطات التلفزيون معدودة و تنهي بثها قبل منتصف الليل.

في عصر العولمة الحديث قلب الناس أنظمة كونية فجعلوا النهار سباتاً و الليل معاشاً بكل تفاخر ..

حياتنا الآن ذهب جديد مصوغاته ليست ذهباً خالصاً بل تضاف له أحجار و معادن فلم نعد قادرين على التمييز بينه و بين أدوات الزينة المصنوعة من معادن و أحجار لا قيمة لها...

و الناس يسخرون الآن ممن يفضل الذهب العتيق الخالص بكل مصوغاته التي تحمل عبق الماضي  ...

الفرق كبير جداً بين ذهب جديد يفقد الكثير من قيمته حين تبيعه و بين ذهب عتيق ترتفع قيمته يوماً بعد يوم ...