مواجهة الأعداء بالدعاء

"اللهم إني وفلان بن فلان عبدان من عبيدك، نواصينا بيدك، تعلم مستقرنا ومستودعنا، ومنقلبنا ومثوانا، وسرنا وعلانيتنا، تطلع على نياتنا وتحيط بضمائرنا علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره، ولا ينطوي عندك شئ من أمورنا، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا، ولا منك معقل يحصننا، ولا حرز يحرزنا، ولا مهرب لنا نفوتك به، ولا يمنع الظالم منك حصونه ولا يجاهدك عنه جنوده، ولا يغالبك مغالب بمنعة، ولا يعازك معاز بكثرة، أنت مدركه أينما سلك، وقادر عليه أينما لجأ.

فمعاذ المظلوم منا بك، وتوكل المقهور منا عليك، ورجوعه إليك، يستغيث بك إذا خذله المغيث، ويستصرخك إذا قعد عنه النصير، ويلوذ بك إذا نفته الأفنية ويطرق بابك إذا غلقت عنه الأبواب المرتجة، ويصل إليك إذا احتجبت عنه الملوك الغافلة، تعلم ما حل به قبل أن يشكوه إليك، وتعلم ما يصلحه قبل أن يدعوك له، فلك الحمد سميعا لطيفا عليما خبيرا.

وأنه قد كان في سابق علمك، ومحكم قضائك، وجاري قدرك، ونافذ أمرك وماضي مشيتك في خلقك أجمعين، شقيهم وسعيدهم، وبرهم وفاجرهم، أن جعلت لفلان بن فلان على قدرة فظلمني بها وبغى على بمكانها، واستطال وتعزز بسلطانه". بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 82 - الصفحة 220

قد يمر الإنسان بظروف صعبة ومشاكل واستفزازات واختبارات إلهية مثلا، وقد يمر مجتمع محدد بحالة الفقر المالي وانتشار الثقافات المدمرة مثل التخريب والعنف والفجور بالخصومة والتطرف والإرهاب الفكري مثلا، ولكن مع ذلك عند لحظة تمسك الفرد والمجتمع بالدعاء ينهزم الأعداء الحقودين والحاسدين بشدة بعد فترة من الزمن.

ولأن الدعاء يعتبر من الأسلحة القوية التي تجعل العدو يخاف ويرتبك نفسيا وعقليا عندما يرى الطرف الآخر على هيئة الانضباط النفسي الذي يدل على الهدوء والمواجهة المبنية على وجود الإرادة والصلبة والثقة بالله والنفس.

والمثال الوارد هو الدعاء المستجاب من قبل النبي موسى والذي كان موجه لفرعون والجيش الذي معه وذلك عند غرق الأعداء في البحر، وبهذا شكر النبي موسى الرب بعد لحظة النجاة من هجوم فرعون العنيف، وهكذا مع جيل الشباب الذي يواجه في فترة العمر المشرقة الهموم والضغوطات نفسية التي يجب أن يكون فيها الإنسان متمسك بالدعاء عند لحظة الالتقاء بالأعداء في كل مكان وظرف معين.

وهكذا الأمر أيضا عندما يمر شباب ومجتمع وبلد محدد بأزمات وظيفية ومالية تخلق لديهم احباط بسبب انتشار الرذائل الأخلاقية التي ترتبط بالخوف من مواجهة الحروب النفسية الشرسة والكلمات المحبطة والألفاظ العنيفة الصادرة من الأعداء الذين يحبطون الشباب، كي لا ينجزون العمل الذي يؤدي للتحقيق الأهداف التي يريدون الوصول إليها.

لذا من هذا المنطلق بخصوص هذه الهجمات الشرسة التي يتعرض لها الشباب من قبل المحبطين، في هذا الموقف عليهم أن يكونوا مؤهلين نفسيا وهادئين ولديهم خبرة في التعامل مع الأعداء بذكاء، وخصوصا لو تعرضوا للاستفزازات تزعزع الراحة والطمأنينة، على جيل الشباب أن يكونوا كالشموع المضيئة في الأماكن المظلمة التي تتمثل بسيطرة الأعداء على تدمير الشموع التي تنير طريق الخير الذي يمنح الرزق للناس والمجتمع.