بين طلب حق شرعي وإسراف في الشهوات


إلى أي مدى نستطيع أن نفرق بين من يطلب حقه الشرعي بتفهم وتعقل في زواجه الثاني أو الثالث أو حتى الرابع و بين المسرف  في هذا الحق ، دافعهُ الأول رغباته وشهواته ومتغيرات أهوائه ؟  ذلك الذي غرتهُ نفسه وأطلق عنان خياله لغرائزه , وأستحث هواه بين طلب لإمتاع ورغبة لإشباع  بل جند عقله بحثاً عن دليل وحجة في أمهات الكتب من روايات وأحاديث ومآثر الأولياء ليرضي نزواته المشروعة  وأخذ يقرأ قصص الأولين وأشعارالعاشقين ليستعيد صبا قد فات , وينسج أحلام الوالهين وكأنه المحروم الأول من الحب والحنان . 

وبات يمسي ويصبح على فكرة قد شلت عقله الظاهر والباطن ولم يعد يرى في بيته إلا النكد والضيق ، ومن زوجته إلا كل قبيح قدّم رغبة لامّه به على هدوء وسكينة أُسرته ، وحطم قلوب مُخلصة  لهوى التجديد , وأدخل عقله سبات الغفله .

وراح يوهم نفسه بأن حاله لن ينصلح وتفكيره لن يستقيم إلا في هذا التغيير ، وأي حياة وردية ناعمة هي خارج جدران مَسكنه  معرضاً عن تقدير إمكانياته الجسدية والمالية والصحية والحياتية  مسقطاً من حساباته أي تداعيات لهذه الخطوة المدمرة عند بعض الأسر  ولم يخطط لأبعد من  لحظة نشوته ، جاعلاً مستقبل الكل في مهب الريح  مُتجاهلاً أن النفس والهوى ألد أعداء المرء والمرميات في المهالك.

وأن ترويض النفس وكبح الشهوات وغض  البصر وتقوى الله ومخالفة الهوى  مطلب ضروري للعيش بكرامة وعزة وحالة نفسية مطمئنة ، ليصبح العقل والورع  هما المسيطران على زمام النفس يلجماها  إذا أرادت الطيش والبطش .

 روي عن سيد البلغاء والناطق بالحق أمير المؤمنين عليه السلام " إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل،أما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة " وما يُدمي الفؤاد ويُطلي الدنيا سواد  عندما يستعرض شريط حياته مع زوجته باحثاً فيه عن أخطاء وعيوب تلك المرأة كمقدمة مُرضية أمام نفسه ومبرر مقنع أمام المجتمع
فمرّه يتذكر أنها أهملته لفتره ، وفجأة تنبه أنها لم تحقق أحلامه بالفتاة التي أرادها ومرّه لم تعد تناسب مركزه الإجتماعي ومنصبه الوظيفي فهو الآن ذو جاه ومنصب وهي أكل عليها الدهر وشرب وأحياناً يراها أقصر أو أطول أو أنحف أو أسمن أو أسمر من اللازم .


ولو سلّمنا جدلاً بصحة ما قال وما تذكر وما تنمى في زوجته لماذا تذكّر القليل  ونسي الكثير وتكلم عن الجزء وصمت عن الكل  تذكر فترة محدودة أهملته ونسي سنوات أحسنت فيها حُسن التبعل تنبه أنها ليست هي فتاة أحلامه ونسي عيوباً فيه تحملته ودارت مشاعره في كيثر من الظروف والمواقف ولربما هو أيضاً لم يكن الصورة التي تمنتها في فتى أحلامها والآن لم تعد تناسب مركزه عجباً ألا يعلم أن لولاها ولولا صبرها وتحمل مشاغله والمحافظة على البيت في أجواء هادئة ومريحة  لم يصل إلى ما وصل إليه من مكانه وجاه  وأما أن يراها أقصر أو أطول أو ..أو..  يا عيني على كامل الأوصاف !!!
 

أخي الزوج زن الأمور بعقلية الرجل الراعي والمسؤول والواعي  لما يدور حوله من ظروف يجب أن تُحترم  ثم قرر  ..

لا يُفهم من كلامي بأني ضد شرع الله في التعدد بل ولله الحمد مُسلمة بكل شرائع الديّان فقط أمقت من يظلم ويغفل ويتناسى الواجب والعشرة والإحسان والأولويات في حياته مقابل  البحث عن إرضاء هوى وتتبع نزوة  مستغلاً  شعار حق أراد به باطل " حقي الشرعي " مما كتبت في رجال  حطموا قلوب صادقة لأجل نزوات زائفة  رافعين شعار الأحقية .