ليرجع الإنسان إلى ربه

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ[البقرة 155]

وقال عزَّ من قال: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّآ أَخَذۡنَآ أَهۡلَهَا بِٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمۡ يَضَّرَّعُونَ[الأعراف 94]

تشهد المنطقة بل العالم كله أزمة تصدرت العناوين الرئيسة في الصحف ووسائل الإعلام وجعل حكومات البلدان تعلن حالة الطوارئ وهذه الأزمة هي أزمة فايرُس كورونا الذي انطلق من الصين واجتاح العالم فصار فايرُس عابر للقارات مع أنه في حجمه متناهي الصغر ويموت بعد ساعات إذا كان الأسطح، ولكن اللهَ عزوجل جعل سره في هذا الفايرس الذي يعد من أضعف خلقه.

لذا وانطلاقاً من الآية الكريمة لابد وأن نعلم أن هذا ابتلاء ليُمتحن الإنسان ليرجع الإنسان إلى ربه ويراجع نفسه وأسلوب حياته وهل هو مقصر في الجانب الروحي العبادي ولننظر إلى الجانب الإيجابي في كل بلية والنظر أنها نعمة مادامت لم تُصب دين الإنسان وإيمان الإنسان كما روي عن الإمام الكاظم : «لن تكونوا مؤمنين حتى تعدوا البلاء نعمة والرخاء مصيبة، وذلك أن الصبر عند البلاء أعظم من الغفلة عند الرخاء».

لذا علينا كمؤمنين طبعاً مع الأخذ بالأسباب والاحتياطات الصحية والتضرع إلى الله بأن يكشف عنا هذا البلاء أن لانخاف ولانهلع وأن ننظر إلى الجانب الإيجابي في هذه الأزمة وخصوصاً بعد أن علمنا بالأمس أنه قد تم عزل القطيف وإقامة الحظر الصحي وأعطي الموظفون في سائر القطاعات إجازة لمدة أسبوعين فلابد للإنسان أن يستثمر عدة من الجوانب في مثل هذا الظرف، من كان منشغلاً في وظيفته وكانت وظيفته تأخذ منه طول نهاره فإن هذه فرصة ممتازة؛ لكي يعوض ويعزز الإنسان الجانب التربوي والأسري في عائلته وأيضا أن يرجع كما قدمنا إلى الله عزوجل وأن يصحح الإنسان مسيرته العبادية والروحية سيما ونحن في شهر رجب الأصب الذي تصب فيه الرحمة صبا، وكذلك هي فرصة ليقرأ ويثقف نفسه خصوصاً حول مايتعلق بفلسفة الإبتلاء وبعض الجوانب التي يجد فيها إجابة شافية على كثير من الشبهات التي طرحت وتُطرح من قبيل.

لماذا صار البلاء في أرض كقم المقدسة وهي كما في الروايات ملاذ الشيعة وملجأهم عند وقوع الفتن؟

لماذا تعقم الكعبة وأضرحة المعصومين وهي أماكن لطلب الشفاء؟

إذا كان هذا المرض بسبب أفعال بعض العباد وذنوبهم أو سلوكياتهم الخاطئة فلماذا يصيب الأخيار منهم؟

وأخيراً أن يتأمل الإنسان ويتفكر في عظيم خلقه وجميل قدرته وكيف أن الإنسان يقف أمام هذه الأزمة التي تُعتبر لاشيء أمام ماواجهه الأنبياء والمرسلين والأئمة الطاهرين

ونسأل بحق محمد وآله وبحق هذا الشهر وهذه الأيام أيام الله أن يشافي علمائنا وجميع مرضى المؤمنين والمؤمنات وأن يعم الأمن على بلادنا وجميع بلاد المسلمين إنه سميعٌ مجيب.

• عبدالله المرهون - قم المقدسة

14 / رجب / 1441 ه

طالب علم