وزارة الزراعة.. ولعبة «الغُميّضة»

الحق يُقال. لمسنا لوزارة الزراعة تنموياً ما حققته لتقوم على إنجازاتها كيانات المحافظات بالمملكة من إنتاج محلي ونماء أخضر جعل من المملكة في محطات المنافسة الدولية باقتصادها في القطاع الزراعي. حفظت وزارة الزراعة البيئة في كثير من أقطاعها واستزرعت الواحة في صحراءها، وأخذت بالإنتاج المحلي ليكون ضمن أولوية الصادرات الوافرة عليها، صنعت من معظم المحافظات اسماً مصيفياً باقٍ ببقاء الملامح «الزراعية» في هوية ومعالم كل منها. تعرفون كل ذلك ولأن «الزين ما يكمل» فلنستكمل على امتداحنا هنا لنعرج على محافظة بعينها ونرى.

إنجازاتها كفيلة بأن ترفعنا للسماء انبهاراً في نطاق ما من الوطن، وتضربنا في قاع الأرض استنكاراً في آخر. فما بالكم بواحة ظُلِمَت؛ مخلوقة كثاني مصدر غذائي في الخليج العربي، ومنذ أن تأسست الوزارة تغيرت أحوالها للأسوأ، ما عسانا أن نقول هنا أو حتى نسأل، ومن يستطيع الإجابة؟!.

موثق ومرصود لوزارة الزراعة على أرض الواقع وعلى وجه إعلامها أنها تغمض عين رقابتها وخدماتها في القطيف فتتخبط وتفتحها في باقي الوطن فتراعي!!...

واحة القطيف التي كانت مقصد القاصي والداني، كان من الممكن لها أن تبلغ العالمية في إنتاجها الوافر من الزراعة، بل وامتازت بمحصولات نوعية لا توجد في باقي مناطق الوطن، واحة امتازت بحضورها على ساحل بحري، كفيل بأن يشعل السياحة فيها، وأن يجعل منها المنتجع المصيفي الوحيد على الساحل الشرقي من المملكة. ولكم أن تلاحظوا حالها اليوم!!.

وزارة الزراعة منوط بها حفظ الغطاء النباتي والبيئة الزراعية بكل حلقاتها الحيوية المهمة من خلال أنظمتها وموادها البيئية المشرعنة بالغرامات الصارمة تحت عين الرقابة، لكن مقبول عندها أن تحال الأراضي الزراعية إلى سكنية في القطيف خلافاً عن غيرها بكل بساطة، وهذا ما صرح به احد وزراء الزراعة السابقين بتسهيل إجراءات التحويل بسسب الأزمة السكنية في القطيف!!!!!.

من الصور المعتادة منذ أن نشأ فرع الوزارة على أرض القطيف، تقصيرها المفجع في خدماتها وفي متابعة العناية المكلف بها المهندسين الزراعيين، وتحت وطأة ذلك مجبرٌ المزارع أن يراقب مزرعته تتلاشى بلا عائد ولا فائدة، ليضطر بعد ذلك أن يحولها إلى أراضٍ سكنية، أو من خلال تحويل المزارع إلى استراحات بعيدة عن الرقابة... فهل هذا ما أرادت؟!

وكأن وزارة الزراعة لا تعلم بأن السبب الأول لتلاشي البقعة الزراعية في القطيف هو بسبب الزحف العمراني عليها، ويرجع ذلك إلى نتيجة أن القطيف لم تعطى للآن الحق بالتوسع في الصحاري أو الأراضي الفضاء في الجهة الغربية منها.

وحينما نعاين حقيقة الجريمة، نجد أعجب مما سبق. بعد تأسيس الوزارة كانت النتيجة تقلص أعداد النخيل إلى أقل من 500 ألف بنسبة 60% بعد أن كانت 1، 200، 000 نخلة في الستينات، فأصبحت القطيف ضمن المحافظات المستوردة للمحاصيل الزراعية لسد حاجة الاستهلاك المحلي فيها، بعد أن كانت مصدرة لها، والنتيجة النهائية هي تلاشي أكثر من 85% من الرقعة الزراعية في القطيف. هل أترك الاستنتاج لكم؟!

إن لم يكن للوزارة دور يشبه مهامها في حفظ الغطاء النباتي فما عسى دورها الحقيقي أن يكون بعد هذا الدليل؟؟!

ولنعي بأنه تقاس استيراتيجية النجاح وفاعليته في أي مشروع بهذا الكون من خلال النتائج. فالمقياس النهائي لنجاح أمر ما أو عدمه يتضح من خلال المحصلة وليس بما بذل من جهد.