مهرجاناتنا بين تعزيز القيم وتفسخها

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم وظالمي شيعتهم إلى قيام يوم الدين.

المهرجانات الاحتفالية، خاصة تلك التي تقام لأيام وأسابيع في المناسبات وأيام العطل سلاح ذو حدين، فإما يأخذ المجتمع إلى مزيد من التفسخ الأخلاقي والقيمي، وإما يساهم بمزيد من التعزيز القيمي والأخلاقي في المجتمع، وذلك تبعا للاتجاهات الثقافية والقيمية للقائمين على تنظيم تلك المهرجانات.

لذا سنجد في القائمين على تلك المهرجانات التي تأخذ المجتمع لمزيد من التفسخ والانحلال السمات التالية:

  • الابتعاد عن الثقافة الدينية المسئولة.
  • التهتك والتحرر من قيم وثقافة المجتمع وآدابه وأخلاقه
  • طغيان الجانب التجاري والمصلحي في تنظيم تلك المهرجانات.

وحتى لا نسترسل في البعد السلبي من الموضوع سنطرح تساؤلا:

كيف يمكن لنا أن نجعل من مهرجاناتنا واجهة حضارية تمثل المجتمع وثقافته وتعزز قيمه وأخلاقه؟

والإجابة تشتمل على الخطوات التالية:

إبراز التراث المجتمعي.

من الجوانب ذات الجاذبية السياحية التي يمكن أن تقدمها المهرجانات للزائرين والسائحين هو عرض وإحياء تراث المجتمع من تاريخ وعادات وتقاليد يمكنها أن تسلط الضوء على جانب من ثقافة وقيم المجتمع، وهذا بدوره سيسهم في تعزيز قيم المجتمع والتعريف بهويته والحفاظ عليها خاصة في ظروف الاغتراب التي تعيشها الأجيال الحاضرة.

احتضان الحركة الثقافية والفنية.

مجتمعنا ينبض بحركة ثقافية وفنية يشهد لها البعيد قبل القريب، لما يزخر به مجتمعنا من لجان ومؤسسات وكفاءات ذات اهتمامات ونشاطات ثقافية وفنية متنوعة ومتعددة.

المهرجانات بإمكانها أن تكون حاضنة لهذه الحركة الثقافية والفنية بتنظيم فعاليات ثقافية وفنية لها جاذبيتها وفاعليتها لدى الزائرين والسائحين، مما سيجعل من المهرجان واجهة حقيقية للمجتمع يتعرف الزائر من خلاله على حركة المجتمع الثقافية والفنية، أضف إلى كونها ستعزز دورها وإيصال رسالتها التثقيفية والتوعوية والفنية للمجتمع.

دعم المناشط واللجان التطوعية.

العمل التطوعي قيمة حضارية ومجتمعنا زاخر باللجان والمؤسسات التطوعية الأهلية المتعددة والتي حملت على كاهلها مسؤولية خدمة مجتمعها عير مجموعة من البرامج والأنشطة، وإتاحة المجال لها عبر المهرجان للتعريف بنفسها وفعالياتها شي مهم وداعم لمسيرة عطائها، كما ويعزز اتصالها بالمجتمع ودعمه لها وتفاعله مع برامجها وأنشطتها، وتواجد هذه المناشط التطوعية في ساحات المهرجان سيعكس صورة مضيئة وانطباعا رائعا عن مجتمعنا الحي والمفعم بالعطاء وروح المسؤولية، ويعزز قيمة العمل التطوعي في المجتمع.

مراعاة قيم المجتمع.

بالإضافة إلى ضرورة توظيف تلك المهرجانات في تعزيز القيم والمثل في المجتمع لما تحظى به من جماهيرية عريضة في مستوى ونوع الحضور، فإننا نجد من اللازم على تلك المهرجانات مراعاة قيم المجتمع وثقافته وآدابه عند انتخاب وتنظيم أي فعالية من فعاليات المهرجان، إذ لا يصح أخلاقيا ولا حتى إداريا تخطي قيم المجتمع في إقامة تلك الفعاليات والأنشطة الاحتفالية، خاصة إذا ما علمنا أن الاصطدام بالمجتمع عبر تلك البرامج التي تتعارض وقيمه وعاداته وأخلاقياته سيخسر المهرجان رأسماله وهو الجمهور وتأييد المجتمع، ومن ثم تتقلص جدوائية المهرجان بسبب انحسار الحضور عن فعالياته وبرامجه.

إن المهرجانات تعتبر واجهة حضارية تمثل المجتمع وتعرّف به، وهذا ما يفسر حرص المجتمع على أن تظهر تلك المهرجانات بأفضل صورة تمثله في قيمه وأخلاقه وعاداته وثقافته.

لذا على المنظمين لتلك المهرجانات أن يعوا هذه الحقيقة وان لا يجعلوا تلك المهرجانات غريبة على قيم وأخلاق وثقافة مجتمعهم حتى لا ينبذها المجتمع وينبذهم.

المهرجانات منشط اقتصادي سياحي.

إننا ونحن ندعو المهرجانات لتسنم دور في تعزيز قيم المجتمع لا يجعلنا نغفل عن طابعها السياحي ودورها التنموي الاقتصادي، فالمهرجانات تعد احد المناشط الاقتصادية التي تسهم في تدوير حركة المال في المجتمع وتتيح فرص للإنتاج والمنتجين، لذا لا يفوتنا هنا أن نؤكد على ضرورة إتاحة الفرصة للمؤسسات الصغيرة وذوي الدخل المحدود والأسر المنتجة ليكون لها نصيب من ذلك التدوير وتلك المكاسب الاقتصادية، وان لا تُقصر الفرصة على رجال الأعمال وذوي الرساميل ليتفردوا بالكعكة، ناهيك عن الطابع الترفيهي لتلك المهرجانات وهو العامل الجاذب فيها سياحيا شريطة التزامها بقيم المجتمع وعاداته وثقافته.