وظلمكم لذوي «التمر» أشد مضاضة!!

«قل خيراً أو اصمت» عبارة مجبرة أن أدعو لها في مواقع التواصل الاجتماعي، فقيمة الكلمة الصادرة من أي شخص ما، له اتجاه ما، ودور إقناعي - على وزن إصلاحي -، فالرأي سواء كان تنظيري أو نابع من خبرة، سلبي أو إيجابي، لا يمكن إنكار تأثيره، هنالك حديث تطاول على مصدر رزق المزارعين، وتطاول على جهودهم المضنية في إنتاج تمرة القطيف، واتهامها باطلاً بانعدام جودتها، وعدم جدوى مصنع يبارك على النخيل ويمد أيادي العناية لها... يحاولون أن يشبهوا مصنعاً للتمور يرفع اقتصاد النخيل في القطيف ويدعم المزارعين بالصندقة استهزاءاً بالهدف، وكلامهم في الجدوى ينقل تمرة القطيف للبهائم منذ عقود.. هل لهم بهذا الاستغفال حاجة؟؟!.

بعيداً عن مقاييس وهمكم يا رجال الأعمال في أرض القطيف، بعيداً عن خسارتكم التي تدعونها إن استثمرتم نخيلها، وبعيداً عن مصالحكم المغيبة. فهل تعلمون أن تمور المحافظات التي ترزح بجودتها في ربوع المملكة كلها تنتج في مصانع أهلية، بجهود أبناء المحافظة نفسها، لرجال أعمال وبأرباح لا يستهان منها، وأنه لولاها لما كانت تمورهم تصل لنا، ولا كانت تعلب بفخامة كما نراها، ولا كان سيفضلها المسافر كهدية عن تمر القطيف الخائب منكم. فبأي الأسباب اعتنوا بها ورفعوا قدرها؟؟ وبعيداً عن الأرباح، ماهو هدف المستثمر في التمور «الثانوي» من المصنع؟!.

وبالنظر لجهود وزارة الزراعة في استمثار التمور. لا يوجد إلا مصنع واحد حكومي بالمملكة قاطبة وهو الموجود بالأحساء، والمحافظات الأخرى إنما تنتج تمورها من خلال مصانع أهلية لا يقل عددها عن الستين مصنع متفرقة في أرجاء المملكة، فما الذي ينقص القطيف كما تدّعون، إلا حرمانكم لقوت مزارع يكدح في بستانه منذ بزوغ الشمس، وأطنان التمور الثمانية آلاف التي أحصتها الوزارة مؤخراً تحتاج لمصنع، وبفرضيات نُشرت على الفيس بوك تؤكد من خلال مقارنة أسعار الكيلو من التمور في المحافظات قبل التغليف وبعده بأن التمور التي تنتج من خلال غسلها وتعليبها في المصنع يرتفع سعرها ويكون فيه ربحاً على المزارع نفسه ولصاحب المصنع أيضاً. فأي ظليمة تُرتكب لم تعوها لحد الآن بحق هؤلاء؟؟!

من حيث المبدأ إعابة المنتج وتعميمها يخفض من ربح المزارع الفقير منها وبوار المحصول عند المُنتج على حد السواء. ألا يخجل الواحد ممن نعت تمرة القطيف بانعدام الجودة وأنها لا تصلح إلا للبهائم؟ أو من نعت مصنع التمور بالصندقة، فيما سيكون أثر هذا الكلام على المشترين لتمور هؤلاء المزارعين الفقراء؟؟! أي جرأة تلك التي تكون أمام كل بائع تمر وهو يرى ذلك النعت البخس على قوت عياله؟!!!، ما موقف الناعت عندما يعلم بأن ذلك المزارع عاد خائباً لأطفاله لم يبع من تلك التمور بسبب النعت السيئ عن تمره؟!!!.. قال الله تعالى ﴿ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ولا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، وكما قيل «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق».

المتعارف أن بيع المحاصيل الزراعية من الأعمال الحرة المربحة. وحتى تربح أكثر لابد من أن تكون ذكياً في عنايتك، غياب التقنيات الزراعية والإرشاد الزراعي في جانب النخلة دفع النخيل للهرم، وتدني المستوى المعيشي لدى المزراعين، أبعدهم عنها بسبب تكلفة توفير التقنيات وانعدام وتكلفة وسائل النقل المكيفة للمصانع خارج القطيف، وغياب مصنع يخرج التمور بشكل يدفع المشتري لشراء التمر بعلب فخمة جذابة أحبطهم في العناية بالتمور ودفعهم لإعطائها للبهائم. فأي وطنية سلكها أصحاب المصانع المنتشرة في المملكة وأي حب لهوية التمور غاب عنكم يا متحضرين؟؟!.

تمور القطيف ذهبت للبهائم أيها السادة لغياب العناية. لا تشكو تمور القطيف إلا من غياب استصلاح النخيل، هذا الاستصلاح لا يتطلب إلا موسم واحد، نعم موسم واحد وكل نخلة هرمة لا يصعب استزراع خلف لها كما المعتاد، وإن كان الخوف من سوسة النخيل، فالعتب وكل العتب على برنامج المكافحة الناقص، فالقصيم كمثال والتي غزتها السوسة تستزرع النخيل ولديها مختبرات مختصة وعناية واهتمام من أجل أن لا تبور نخيلها ولا تصاب. ولمن يدعي سوء الأجواء فلا دخل للرطوبة في العناية المضمونة بالتقنيات المتعارف عليها والتي تستخدمها الآن نماذج من المزراع المستصلحة في القطيف، حيث استخدمت التنقيط لتحديد نسبة المياه التي تحتاجها كل نخلة على حسب تركيبة تربتها، وأكياس العذوق بأنواعها والتي تتحكم في الحرارة المطلوبة للثمرة وتحفظ التمور من التساقط ومن عبث الطيور والآفات، وتنتج الآن أطناناً من التمور للمصانع. فماهو العذر أيها المستثمرين.. ألم يخجلكم ذلك؟؟!

انتظار وزارة الزراعة أن تتعطف على القطيف أكثر بعد ما طال الأراضي الزراعية منها، لا ينبغي أن يُغيب المسؤولية الوطنية، القطيف لن تقوم إلا بسواعد رجالها، والمزراعين بحاجة لمن يتصدى لنخيلهم ويتبنى استصلاحها، ويرفق بشيخ ما زال يسقي نخلته بعرق جبينه، ويصعد لقمتها كي ينقذها من تقصير الزمان، وسوء الأحوال، ابن القطيف المحب لأرضه، لا يترك أرضه تموت..!! حتى لو تذمرتم، وابن القطيف الذي تعود النظر للخضرة في كل زوايا قريته، لا يقبل أن تخطط أرض زراعية لعقاراتكم!!! إلا إن كانت الدنيا في عينه مادية بلا عقل وبلا ذائقة. موسم واحد فقط يا سادة استصلحوها وسترون النتائج، فالنخلة لم يستهن بها الرسول كما استهنتم أنتم بها!!.