سلم النجاح

للصراحة ، والحقيقة ، والمنطق ضحايا ، كم أهلك مجتمعنا المتزمتون ، المفلسون ، الناشطون الاجتماعيون الذين اتخذوا من خدمة المجتمع مرتعاً لأهوائهم الشخصية ، ونزواتهم ، والبرستيج ، كم يذكرني هذا الكم الهائل من الناشطين الاجتماعيين بسوق الأسهم حيث كانت مرتفعة والكل شمر عن سواعده ، واقتحم السوق ، فانهارت السوق ، وارتفعت صيحات البكاء ، فهل سينهار سوق الناشطين الاجتماعيين يوما ما ؟ ! .

اختلاط المفاهيم آفة العصر الحديث التي أصبحت غذاءً دسماً لكل متطفلٍ ينشد الألق الزائف ، فلا مقاييس تتبع لتصنيف الأشخاص في بوتقة المسميات ، كل من لبس هنداماً ( كاشخاً ) أطلقنا عليه الألقاب ، وكل من كانت خزينته كجهنم - هل امتلئت تقول : هل من مزيد ، أطلقنا عليه الألقاب ، وكل من نصب نفسه مرجعاً ، وملاذاً في حل مشكلات المجتمع ، أطلقنا عليه الألقاب ، وكل من تحدث عن معاناة المجتمع ، ومآسيه ، أطلقنا عليه الألقاب ، وضاعت الحسبة ، - يقال في المثل الشعبي : ضع الشيء في مكانه المناسب - .

إنها أزمةٌ إنسانيةٌ ، ثقافيةٌ ، فكريةٌ ليست لها علاقةٌ بالوعي ، إنها قصمت ظهر المجتمع حيث اختلط الحابل بالنابل وهذا يدخل المجتمع في اللامركزية في عملية الإصلاح الاجتماعي ، وخدمة المجتمع بكل أطيافه وعبر كل المستويات ، ينبغي على رجالات الثقافة في المجتمع المضي حثيثاً في غربلة هذه اللامركزية ، ليكون الجميع كالجسد الواحد في خدمة المجتمع من قاعدة عزل الحب الرديء ، والاستفادة من الحب الجيد ، والنافع للاستخدام البشري .

نعم ، هناك من الناشطين الاجتماعيين من تقبل جبينه اعتزازاً به ، وبخدماته التي يقدمها للمجتمع ، نعم ، هناك من أنعم الله عليه بالرزق الوفير حيث تقبل جبينه ، لأنه احتضن مجتمعه سعياً في الرقي ، ومسح دمعات فقيرٍ أضناه الجوع ، نعم ، هناك من هو ملاذٌ يلجئ إليه المتعبون ، ليضمهم بين ذراعيه ، يبلسم جراحهم ، ويُهدأ أناتهم ، فتنحني تقبل جبينه ، كي يمسك شيءٌ من حنانه .

أيها الناشط الخادم لمجتمعك وبلدك تريث وتوقف قليلاً ، وحاسب النفس ، وارقب الخالق سبحانه في مصلحة البلاد والعباد ، وانظر نفسك أين تكون في ميزان الأعمال ، واجعل هذه الوقفة بين كل فترةٍ وأخرى تمريناً تمارسه لكسب اللياقة النفسية ، واللباقة الاجتماعية ، وتقبل الغير من أقرانك في العمل الاجتماعي الخدمي ، وتسلق سلم النجاح من حيث يجب لا على أكتاف الآخرين، إن أسعدت نفسك وأرضيت ضميرك حينها تستطيع العطاء بإسعاد أفراد مجتمعك ولن تكون في دائرة فاقد الشيئ لايعطيه .

همسة " إن الألقاب أمرٌ طبيعي تقتضيه الحياة الاجتماعية وهذا ليس عيباً ، وإنما العيب أن تعطي نفسك حجماً أكبر منه "
هنيئاً لمن تقرب الى الله بخدمة دينه وبلده وأهله .

معلم لغة عربية