نافذة على مشروعية تجديد الفكر الديني

 

 

انقساماتٌ عِدة واجهت الأمة الإسلامية والعربية منذُ بداية القرن الماضي, من الهم الثقافي مروراً بالثوري إلى الإسلام السياسي و إلى وقتنا الحاضر حيثما يسمى بـ "الربيع العربي " وهو الحاضر في أذهان الجميع.

ولكننا اليوم في ظرف يطلق عليه من قِبل علماء الاجتماع أنه الظرف الثوري , حيث أن كل القيم والمفاهيم متحركة ولا شيء فيها ساكن, ومن هنا فإن هذا الوقت الذي يجب على المصلحين حمل هم التجديد في المفاهيم الدينية التي تناسب متطلبات هذا العصر وهذا الظرف خصوصاً , والتي تؤدي – بالضرورة -  إلى تقدم المجتمعات ولكي لا يكون فهم الدين للناس قيداً في عنقهم بل ليكون رحمة لهم .

ومن هذا المنطلق بين يديكم نافذة لفكرة (مشروعية التجديد الديني) ذُكِرَت في دراسة بعنوان " مشروعية تجديد الفكر الديني – هواجس و مسوغات " للشيخ حيدر حب الله , أتمنى أن تضيف للأحبة والمصلحين عِدة أفكار هي من وجهة نظري مهمة في وقتنا الحاضر.

تجديد المفاهيم الدينية هو أحد السبل لتقدم المجتمعات.

منظومة متكاملة من الهموم يحملها المصلحون في هذه الأرض , وأحد هذه الهموم هو هم التجديد.

التجديد برأي حب الله هو "محاولة جادّة لإضفاء عناصر لم تكن موجودة من قبل على كيان كان وما يزال له وجود ، وبهذه الطريقة يكون هذا الكيان قد جدّد ، سواء حصل التجديد في حذف بعض عناصر الكيان السابق أم في إضافة عناصر أخرى جديدة ، أم في إعادة ترتيب العناصر نفسها ، وسواء كان ذلك في الشكل أم المضمون أم في المنهج الذي يحكم مجمل العناصر أو الوصول إليها ".

إذاً فإن عملية التجديد هي إعادة إنتاج للمفاهيم , وهي تتضمن إما الإضافة أو الحذف أو التعديل في كيان سابق لكي تصبح هذه المفاهيم مناسبة للواقع المعاش ومتطلبات العصر.

ولكن هل للتجديد الديني مقومات أو ضوابط تتحكم فيه ؟

يعقب حب الله أن التجديد يستند على أن "افتراض وجود نقص أو خلل ما في القديم " , و انطلاقاَ من هذا الخلل أو النقص يولد التجديد لسد هذه الفجوة بمفاهيم جديدة للدين وليس الدين عينه.

ومن جهة أخرى يركز حب الله على موضوع عدم القداسية في التجديد , حيث أن " كون الشيء جديداً, لا يعني صوابه أو تعاليه عن النقد ، فالحديث عن التجديد يستدعي التجديد دائماً "

وبالتالي فنحن نجدد التفسيرات و الشروحات السابقة للدين إذ أن " التجديد مشروع يركّز على فهمنا الديني وقراءتنا له وليس على الدين نفسه " وهنا يكمن خوف البعض الذي فسر التجديد على أنه ابتداع و اغتراب حتى وصف بعض المصلحين بالتغريبيين .

ومن جهة أخرى استعرض حب الله أشكال التجديد في الفكر الديني وهي كالتالي:
تغيير في المنهج المعرفي الذي يحكم فهم الدين.
حذف جزئي لبعض عناصر النظام القديم.
إضافة عناصر جديدة.
إعادة هيكلة العناصر السابقة نفسها.

وفي النهاية فإن التجديد حاجة للتقدم وليس بدعة للتخلف.

ما استعرضناه آنِفاَ هو مقدمة حول مشروعية التجديد في الفكر الديني , حيث انها عملية إعادة إنتاج للمفاهيم الدينية لتتناسب مع متطلبات العصر والظرف الراهن , إذ أن العادات والتقاليد لا تنفع في كل زمن من الأزمان , وبالتالي فليحمل كلٌ منا هذا الهم في سبيل إصلاح المجتمع و تقدمه.

 

http://hobbollah.com/include/maqalat.php?mod=6&cat1=8&id=18
حيدر حب الله, مشروعية تجديد الفكر الديني هواجس ومسوّغات.
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
هاشم الهاشم
[ أم الجمام - القطيف ]: 26 / 12 / 2013م - 1:14 م
تحية طيبة للأخ الأستاذ معتوق الحرز ملؤها السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. بداية أتمنى لك إنطلاقة موفقة ومسددة في مجال الكتابة والتحرير وأنها لبادرة طيبة أن نرى أقلام شابة تخط بأناملها ما يختلج في صدرها ويدور في فكرها آمال وتطلعات الشعوب والمجتمعات التواقة إلى التجديد والإصلاح في كافة المناشط الاجتماعية , وما أود قوله أنني تمنيت أنك أكملت موضوعك أو توسعت فيه على سبيل المثال لا الحصر وددت لو أنك قمت بتحديد العادات والتقاليد التي لا تنفع في كل زمان من الأزمان..نعم كما تفضلت أن التجديد حاجة للتقدم " وأنه طريق المصلحين" ولكن التجديد القائم على المبادئ والقيم والتعاليم الإسلامية المرتبط بنهج أهل البيت عليهم السلام .. والبعد عن ذلك نتيجته التخبط والضياع والتشظي والتشرذم .. أتمنى لك التوفيق مجدداً