ويبقى الحسين (١)

 


أيام معدودات ويبدأ موسم #البُكاء ، ليسبح الكون في دموع الملايين ممن اصطلت أفئدتهم بحرقة ا#لمصاب.

لست أكتب هذه الكلمات جزافًا، أو استعراضًا لمصطلحات لغوية بعيدة عن المشاعر، بل ما أكتبه لا يعبر عن مشاعر العاشقين العارفين الإّ قليلاً! فقد أودعت بني أمية تلك القوة الظالمة، الحسرة والآه في العالم السماوي العلوي والمجرات الكونية والأجساد البشرية ممن لم يكن للشيطان على فطرتهم سبيلا.

لم تكن تعلم هذه القوة الغاشمة أنها وجنودها خالدين في نار جهنم إلى يوم يبعثون. ولقد شبه لها الشيطان أنها انتصرت على الله بقتلها سبط رسوله المصطفى محمد صلى الله عليه وآله الحسين ابن علي عليهما السلام وأهل بيته الأطهار.

فها هي السنوات تمضي تباعًا ولا يذكر من تاريخهم الأسود إلاَّ الظلم والطغيان والتعدي. ففي كل عام ولا سيما الأيام العشرة الأولى من شهر الحزن محرّم الحرام يبدأ الأحرار في كل بقاع العالم  يلتحفون السواد و يخضبون رؤوسهم بالدِّماء مواساة لسيدتهم الجليلة زينب عليها السلام.

مستذكرين خروجها من خباء الخيمة معفرّة بالتراب، تغرز راحتيها في ذرات الرمال المخضبة بحناء الشهادة لأخوتها، تبحث ملهوفة عن خنصر مبتور وقع على البوغاء.

لامحين طيف رقية وهي واقفة غير بعيدة عن ميدان المعركة محتضنه وجهها براحتيها، وقد أذهلها المنظر المفجع لعزها المقطع بالسيوف، كيف لا وقد كان مشهدًا مرعبًا لا يمكن للعقل تخيله فضًلا عن مشاهدته !

متخيلين صوت سكينه مذبوحًا بغصة، وهي تدعو عمها العبّاس للنهوض، وتخليصها من أيدي العتاة المردة.

 مستعرضة ذاكرتهم إمامهم زين العابدين عليه السلام مقيدًا بالجامعة والدِّماء تنزف من معصمه، والمخدرات وقد ساقوهن زجرًا على نوق عجاف وسط سكون صاخب من أصحاب الضمائر الميتة ممن سكنوا ظلام الظلم.

والكثير الكثير من الصور التي تدل على حقيقة واحدة التي أبت بني أمية وشيعتها الاعتراف بها، فخاضت بجيشها البائس حربًا مدمرة على التوحيد، منتشية بالدِّماء المنسكبة التي عززت هذه الحقيقة القائلة بزوالهم وخسارتهم وبقاء الحسين وخلوده. فالحسين هو عين التوحيد وجرهره، ويستحيل أن يقضي الله على توحيده!

كيف لا يكون عينًا للتوحيد وهو الذي ذاب في الله وعرفه حق معرفته ووحده حتى بذل مهجته في سبيله وقدم جُل ما يملك، ما لم ولن يقدمه أحدًا غيره!

والمطّلع على دعائه في يوم عرفة يرى حجم التوحيد والمعرفة الإلهية عند الحسين عليه السلام، إذ يقول سلام الله عليه: (فَلا إِلهَ غَيْرُهُ وَلا شَيْءَ يَعْدِلُهُ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

إذًا #ويبقى_الحسين ويفنى كل شيء.