من أوليات الجمعة

بسم الله الرحمن الرحيم

4 - من أوليات الجمعة:
ورد في الخبر المشهور عن ابن عباس : " الجمعة حجُّ المساكين ".

في هذا الزمان يصرف أحدنا جلَّ وقته في طلب المعيشة فتراه يلهث خلف القوت من الفجر إلى غروب الشمس مع أنه إن كان بنية الكدِّ على العيال والارتفاع عن ذل المسألة فهو جهاد ولكنَّ أحدنا مع هذا الكدح لا تراه إلا مجهداً لا يؤدي صلاته بالحضور والتوجه المطلوب بل لا يحافظ على أوقاتها في جلِّ أيامه لأنه كالعبد أجير عند صاحب العمل يؤدي عملاً مقابل أجر فيلزم نفسه بأوقات وتنسيقات قد يقدمها على الصلاة بسبب جهله.

عندما يحين وقت الراحة الأسبوعية ترانا نتنقل بين منتزه وشاطئ وترفيه وسفر وخلوة هذا إن كان في حدود المباح وهو جيد ولكن هل فكرنا أن نشحن أرواحنا عما فقدناه طيلة الأسبوع من تأخير الصلاة والاستخفاف بها وعدم الاقبال على خالق الكون وربِّ الموجودات.
إذا كان أحدنا يفكّر ويسعى جاهداً أن يعوض نفسه عن تعب الأسبوع بالترفيه والتنزه هل فكّر كيف يقبل على الله الخالق المدبر خلال عطلة أسبوعه لا أقل؟
مَن منا يخصص شيئاً من عطلة أسبوعه ليشحن نفسه بين دعاء وصلاة جماعة ونافلة وتبتل؟
يوم الجمعة هو سيد الأيام وعيد الأسبوع وهو فرصة سائغة للمؤمنين للدعاء والتنفل والانقطاع إلى الله عز وجل.

روي عن الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم : " يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله وأعظم عند الله من يوم الفطر ويوم الأضحى، فيه خمس خلال: خلق الله فيه آدم وأهبط فيه آدم إلى الأرض وفيه توفى الله آدم وفيه ساعة لا يسأل الله عز وجلَّ فيها أحد شيئاً إلا أعطاه ما لم يسأل حراماً، وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا شجر إلا وهو يشفق من يوم الجمعة أن تقوم القيامة فيه". آداب السالكين 410

وهذا اليوم يتهيأ له الصالحين مسبقاً حتى ورد : " كان موسى بن جعفر عليه السلام يتهيأ يوم الخميس للجمعة ".
فما أجدر بنا أن نضع من ضمن برنامج راحتنا الأسبوعية مضافاً إلى التنزه والترفيه شيئاً من العبادات والطاعات كدعاء كميل في ليلة الجمعة ودعاء الندبة والسمات والعشرات في نهارها ولا نترك الغسل الذي أكدَّ عليه المعصومين عليهم السلام في رواياتهم والعلماء الأجلاء في أقوالهم كما أن سورة الكهف لا يترك قراءتها في يوم الجمعة إلا من سلب التوفيق.
روي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : " من وافق منكم يوم الجمعة فلا يشتغلنَّ بشيء غير العبادة فإن فيه يغفر للعباد وتنزل عليهم الرحمة ".

ومن أوليات الجمعة أن يتوجه المؤمن إلى صاحب اليوم الحجة بن الحسن المنتظر عليه وآبائه السلام المتوقع خروجه في يوم الجمعة فيدعو له في صلاته ويشركه في طاعاته وقرباته إلى الله ويسأل الله تعجيل فرجه الشريف
أمَّا الإكثار من الصلاة على محمد وآل محمد في هذا اليوم فهي من أفضل الأعمال وآكدها وقد ورد فيها روايات مستفيضة.
نسأل الله التوفيق والامتثال وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.