لماذا الهندسة القيمية

 

 

 

تنفذ الكثير من المشروعات الإنشائية بتكاليف عالية قد تكون ناجمة عن أفكار تصميمية مكلفة غير محققة للوظيفة الفعلية المطلوبة من المشروع ويتم هدر الكثير من المال غير المبرر..

ومنهج الهندسة القيميةValue Engineering))هوعلاج ذلك وهو منهج علمي تطبيقي وتحليلي للمشاريع وليس تخصصاً علمياً هندسياً  تم البدء بتطبيقه بواسطة شركة جنرال الكتريك بالولايات المتحدة في عام 1947م(1) وتم التداول في تطبيقه هناك في الستينات الميلادية ويتصف المنهج بتحليل وظائف المشروع وتصنيفها وتحديد العناصر الضرورية والتركيز على عناصر التكلفة ومن ثم طرح البدائل والخيارات لتنفيذ المشروع وتشغيله بكامل عناصره ومتطلباته الوظيفية بأقل التكاليف..

لقد أثبتت الدراسات أن تصميم المشروع هو أكبر عنصر يؤثر على تكاليف وجودة المشروع بنسبة تصل إلى 50% (1)بين تأثير العناصر الأخرى في الوقت الذي لا يتجاوز تكلفة التصميم عن 3% إلى 5% من القيمة الإجمالية للمشروع .. لذا من الأهمية بمكان العناية بمرحلة تصميم المشروع من حيث الحرص على تحقق التصميم للوظيفة المطلوبة وضبط التكاليف الإجمالية..

إنه لمن المفيد لاي مشروع مهما بلغت درجة الدقة في تصميمه قيام فريق عمل حيادي متخصص غير مشترك في اعمال التصميم و ينتهج أسلوب تحليلي إبداعي هدفه الأساسي تحقيق الوظائف الأساسية للمشروع بأقل التكاليف لأن المعماري غالباً ما يستخدم جل ابداعاته في وضع الأفكار الاولية  للمشروع ويؤدي ذلك إلى إخضاع أنظمة التصميم الانشائية والميكانيكية والكهربائية وغيرها إلى تلك الفكرة المعمارية  التي قد  تكون ركزت على الشكل دون الوظيفة على حساب التكلفة خصوصًا إذا كان المالك لم يقم بتحديد المتطلبات الأساسية للمنشأة ومستويات الأداء والجودة المطلوبة مما يؤدي الى زيادة التكاليف، وهنا يأتي دور أسلوب الهندسة القيمية لتوجيه التصميم الوجهة السليمة وإثرائه بالبدائل المختلفة ضمن عمل جماعي يقوم به فريق من مختلف التخصصات الهندسية، لسد الفجوة التي قد تحدث في العملية التصميمية المعتادة التي تعتمد على العمل الفردي لكل تخصص على حدة وبالتالي ينتهي الأمر إلى تصميم المشروع وفق أنظمة ليست الأقل تكلفة .

وتخضع دراسات الهندسة القيمية لمنهج ثابت ومحدد وتهدف للتخلص من التكاليف غير الضرورية الناتجة عن تصاميم مبالغ فيها في تحقيق المتطلبات الوظيفية للمشروع عبر تقييم المشروع وظيفيًا وفنيًا واقتصاديًأ وموازنة التكاليف مع الوظائف المطلوبة ومستوى الجودة والأداء كما يهدف إلى تحسين ورفع جودة المشروع وتطوير الأداء بأقل التكاليف الممكنة.

ويجري عمل الهندسة القيمية عبر ورش عمل تمتد من ثلاثة أيام عمل الى خمسة حسب حجم وقيمة المشروع ويديرها متخصص معتمد من الجمعية الدولية لمهندسي القيمة ويشارك فيها  فريق متخصص وفق خطة منظمة تتكون من ست مراحل متسلسلة تبدأ بمرحلة جمع المعلومات ومرحلة التحليل الوظيفي ومرحلة التأمل والإبداع ومرحلة التقييم ومرحلة التطوير ومرحلة العرض والتطبيق وتعتبر مرحلة التحليل الوظيفي هي حجر الزاوية التي تقود إلى دراسة قيمية فاعلة تترجم تلك الوظائف إلى أفكار ومقترحات وبدائل هدفها تحقيق الوظيفة المطلوبة بأقل التكاليف دون التأثير على مكونات المشروع في حين أن خفض التكاليف بالطرق التقليدية كحذف بعض البنود أو ترحيلها الى مراحل مستقبلية توجه إلى مكونات المشروع وتؤثرسلبآ على وظيفته الأساسية ..

ومن الجدير بالذكر إن إجراء دراسة الهندسة القيمية في المراحل الأولى لتصميم المشروع هي التي يتوقع أن ينتج عنها وفورات مالية بالمشروع ولكن من الممكن اجراؤها في مراحل مختلفة وبوفورات أقل ..، كما يجدر القول أن الهندسة القيمية ليست مقصورة على المشروعات الإنشائية بل قد تشمل كافة مجالات العمل الأخرى. وخلاصة القول أن الهندسة القيمية والتي يتم تطبيقها في المملكة في مشروعات وزارة الدفاع ومشروعات الهيئة الملكية وبعض القطاعات الاخرى تعد من أفضل الوسائل لترشيد الإنفاق على المشروعات ورفع الأداء الوظيفي والجودة لأي مشروع وقد أثبتت الدراسات الفعلية التي أجريت أن تطبيق أسلوب الهندسة القيمية قد يؤدي إلى تحقيق نتائج ملموسة تنتج عنها وفورات مالية تصل إلى 30 % من القيمة الإجمالية المفترضة للمشروع(1) مع تلبية الاحتياجات الفعلية ومتطلبات الجودة والأداء ،والله من وراء القصد..

 

 

(1) تطبيقات الهندسة القيمية-المهندس علي بن محمد الخويطر -1420
الرئيس الفخري لجمعية القطيف الخيرية