أمسية الأنتصار

كلما تحدثت إليها بإنجليزيتي الهشة والمختلطة بكلمات عربية عن أحوال هذه الدنيا وتقلبها ومزاجيات إناسها تفر بعينيها الخضرواتين من عمق الجمل الركيكة الى فضاءات التأمل ...وأتركها تسترسل بهدوء في عالم لايشاركها لوحاته أحد سوى شوارد الذهن ، لتعود مرة أخرى طالبة مني الكثير من البوح الذي يداعب خلجات النفس وأعرف تماماً أنها تملأ أوعية القلب به ليطمئن أكثر وتغتسل روحها بماأنقله إلى مسامعها .. سافرت مارتا إلى موطنها بلاد العم سام وبقيت لي ذكريات جميلة وبعض من كلمات حفظتها منها وأمسيات رائعة كلما حفت عائمة في مخيلتي اشتقت أكثر لمارتا ...!!

في ذالك اليوم الهاديء تلقيت اتصال في وقت متأخر من الليل كان الصوت هو نفسه والأشواق تغلفه وترسم كل تلك المعالم الجميلة التي عشتها مع نغماته .. جاء صوتها محملاً بالفرح والبهجة  وعبارات تتحدى المسافات  / أنا سعيدة لقد طبقت كلمتك التي علمتني إياها ولقد نجحت  / هذا ماقالته في بدء حديثها ياترى اي نجاح هذا الذي جعلها في قمة السعادة وبعض من عبرات تسبق مرورها الأثيري حشرجة ,, / نعم لقد نجحت وكررتُ الكلمات  " ربِ أشرح لي صدري " فوضتُ أمري إلى الله " / أنتهت كلمات النصر عند مارتا وبقيت انا اجمع دهشتي المبعثرة حول عباراتها التي تسابقت لتزدحم في روحي عرفت أنها أنتصرت على أوجاعها ومتاعبها بفضل الاستمرار على ترديد  تلك الدعوات هذا ماأستطعت أن أقدمه لها حين ترمي بحمولة حزنها على صدري وتجهش بالبكاء .. ولم أكن أعرف ان كلماتي تتسرب الى أعماقها بكل انسياب .. لتشكل طوق نجاةٍ كلما اغرقها الألم ..!!

لقد إستخدمت مارتا المسيحية تلك الجمل الإسلامية  في علاج مصاعب وأحزان عصفت بها كمحارب شجاع يستبسل في معركةٍ وحيدا فريداً ...ونجحت بتحقيق النصر .. لم تكن تعلم حين أخبرتني بإنتصارها أنها تلقنني درساً لن أنساه .!وإستوعبت أنني وهي كنا نمد بعضنا بلا شعور بإمدادات الحياة ، هي علمتني معنى الإصرار والتحدي في مواجهة الحياة وأنا قدمت لها مواساة من مناهل أهل البيت عليهم السلام في تلك الدعوات الجميلة والعبارات اللطيفة مما جعلها تعرف كيف تلجأ إلى الله وأعرف أنا من أين تبدأ الحياة .!

شعور رائع أن تكون فاعلاً في صداقاتك وحياتك دون النظر الى الحواجز والفروقات والاختلافات ...والأكثر روعة هو الوصول بالعلاقات نحو السمو والرقي والابتعاد عن عبثيات التطرف في الفكر والمنهج والمعتقدات ...فلولا إيمان  مارتا بأن الصداقة التي تجمعنا هي علاقة انسانية بحته وتوافق روحي لما كانت إستجابت روحها لتلك العبارات لتعيشها بكل صدق وشفافية .. وتنتصر بها ...فلم يكن دينها وديني حاجزا ً بيننا رغم الاختلافات ولم تكن عاداتي وتقاليدي عقبة في تآلف روحينا رغم تعارضها مع عاداتها وتقاليدها .. تعلمت منها الكثير الذي أعجز عن حصره وعرفت مني الشيء الذي يزيح عن قلبها ماكانت تجهله وتشك بأمره فعبرنا معاً سنوات صداقة كانت حافلة بالجمال والصدق ..وماانتصارها الا وسام لتلك الصداقة ويقين على مصداقيتها وأن الانسان يستطيع أن يعبر بروحه كل أجواء الكون .

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
المستقل
[ ام الحمام - القطيف ]: 6 / 8 / 2009م - 2:38 م
قال الامام علي عليه السلام في تصنيفه للانسان (فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق) . استنادا على هذا التوضيح الرائع يجب ان نتعامل مع الاخرين بعقل منفتح و بقلب طاهر و يجب ان تكون رسالتنا للاخرين هي الحب و السلام من خلال تعاملاتنا و ممارساتنا اليوميه كما قال الامام الصادق ( كونوا دعاة لنا بغير السنتكم ) .تجربتك مصداق واضح للتربيه التي عني بها شيعة اهل البيت من خلال سيرة ائمتهم و من خلال رويات اهل البيت هكذا ينبغي ان نكون و هكذا تنبغي ان تكون رسائلنا للاخرين رسائل حب و مشاعر صادقه و اخلاص و احترام الاخر على انه انسان . و تحياتي العطره لفكرك و قلمك و كل عام و انتي و باقي الكتاب و القراء و البشرية جمعاء بخير بمناسبة مولد منقد البشريه الامام المنتظر عج .
2
احلام
[ السعودية - ا ]: 7 / 8 / 2009م - 5:38 م
لايجوز التأليف والتخاريف أيضا ممانتتخيل من قص ص ثم نقول أنها من الواقع وأخيرا أقول لك جدا واسع