في الصميم يا الرجيم ..

 بادئ ذي بدئ أعتذر لك أيها القارئ الكريم يا صاحب العقل السليم ، والفكر القويم ، والعقل الفهيم ، إن كنت قد شعرت بضبابية في عنوان هذا المقال ، وأحسب إنك ستوافقني الرأي على إفتتاحيته عندما تنتهي من قراءته ، وتكتشف بذاتك الواعية ما يرمي إليه من أهداف وما يكشف عنه من حقائق لا تستوجب المواربة والضحك على الذقون ، والإستتخفاف بعقليتك الثاقبة ، ووعيك المتألق . وحرصك الذي لا يقبل المساومة . 

 ألا ترى كيف يستخدم دعاة وممارسي ( الدعارة الفكرية ) أدواتهم بحرفيه عاليه ويوظفونها بدقة متناهنية ليخرجوا لنا قوالبا من الأفكار الشاذة ، ويقدموا لنا كل معاني الخيانة والرذيلة والانحراف لنشربها جميعاً - حتى أطفالنا الذين لم يولدوا بعد – هانئين متلذذين قانعين في كوب من العسل المصفى ؟ !!

 ألا ترى معي كيف تكالبت علينا كل معاول الهدم والخراب والتدمير لتفتك بكل ما هو جميل في ذاتنا ، وتُجهِزَ على ما تبقى من حياة في وعينا ؟

 ألا ترى كيف تتبخر الجهود الجبارة للوالدين ، والمربين  ، والمعلمين ، والخطباء  والمرشدين ، في مهب الريح في ظل ما يُرمى أمام الأبناء والبنات من مختلف الأجيال والتوجهات من إعلام سخيف يخلط السم بالعسل ويتدرج معنا في نزع الحياء في حياتنا والأخلاق عن واقعنا والقيم عن بيوتنا وضرب كل ما هو نقي و طاهر في حياتنا التي وضعت من شعار ( الأخلاق أولاً ) دستور مقدس لا يمكن لأحد أن يتنازل عنه بأي شكلِ كان ؟

 ألا ترى أيها الحبيب كيف يتم طعننا من الظهر ونحن نتبسم بكل سذاجة تامة ونلتهم السم بكل نهم وإستمتاع ونقول المزيد المزيد يا طاهي الثريد ؟

ألا تتفق معي كم نحن بحاجة ماسة إلى ربط حزام الأمان على عقول تربت على الطهر ويهددها العهر، وعلى أفئدة تربت على الإرتقاء وغزاها الأعداء من حيث لا تعلم ؟

 ألا ترى كيف يتابع فلذات أكبادنا آخر تقليعات فلان وفلانة ، ويستمدون الحكمة الملهمة من سلوك وتجربة علاَّن وعلاَّنة من رموز الفن الهابط في كل إتجاه ، ونحن في حيرة من أمرنا ؟

 ألا ترى كيف يتسمَّر شبابنا من الجنسين وينضم إليهم الآباء والأمهات في أحيان كثيرة ( مع الأسف ) أمام الشاشات البلهاء لساعات وساعات ليتابعوا بإهتمام منقطع النظير ( المسلسلات المدبلجة ) التي تخصصت في إفساد الذوق العام (والتطبيع المبرمج ) على أُلفة وقبول كل أنواع الرذيلة والإنحطاط والتغريب الثقافي ؟

أيها الأحبة  :

 الواقع لدينا يدق نواقيس الخطر في تهاوي المعايير الأخلاقية والقيمية في مجتمع تربى على القيم والمُثل العليا المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأهل البيت الأطهار والصحابة الأخيار .


• لماذا تذهب في الهواء معظم أصوات المآذن ، والمدارس ، والمنابر ، والحناجر ؟  
• لماذا تزداد حالات الإنحراف والإنتحار وينعدم تأثير الضبط الإجتماعي ؟
• لماذا ترتفع نسبة الطلاق في مجتمعنا حيث ذكرت جريدة اليوم في عددها   13124 الصادر يوم الخميس 1430-05-26 هـ إرتفاع نسبة الطلاق بالقطيف في الأعوام الأخيرة فبعد أن كانت لا تتجاوز 3 الى 4 بالمائة فإن نسبة الطلاق في عام 1429هـ الماضي بلغت 10 بالمائة من إجمالي الزيجات مشيراً إلى أن 7 بالمائة منها حدث في فترة الخطوبة ( وقبل دخول الزوجين ) .
• لماذا هذا التآكل المضطرد في سلطة ( الجماعات الأولية ) على أعضائها ؟
• لماذا هذا التناقض بين الشعار والممارسة في سلوكيات بعضنا من المعنيين ؟!   
• لماذا كانت رؤية رجل غريب يسير في شوارعنا – حتى الأمس القريب – يثير ألف سؤال وسؤال في رأسنا ويدفعنا للمراقبة والمتابعة واليوم عمك أصمخ فقد بات المُستغرب مألوفاً ؟
• لماذا يهرب بعض شبابنا إلى المجهول في دليل واضح على رفض الواقع وعدم القدرة على إحتضانه ، ويعتقد بوجود قوة طاردة له من محيطة الإجتماعي ؟
• لماذا يسهل إختراقنا والتأثير علينا ؟ وكيف تمكنوا من تدمير ( حائط الصد ) في ذاتنا ؟  
       
     في عام 1984 م ناقش البرلمان البريطاني قانون السماح ببداية الاستقبال للبث الفضائي في المملكة المتحدة وخلصت المناقشات إلى أن المجتمع البريطاني غير جاهز حاليا لاستقبال هذا المزيج المختلف من الثقافات رغم انه مجتمع منفتح منذ عقود وخلصت توصية مجلس العموم إلي تأجيل بداية البث الفضائي إلى عام 1988 وتهيئة الشعب البريطاني عن طريق المدارس ووسائل الإعلام وتوعيته بتأثير هذا البث والحث على التمسك بالثوابت العامة والسمات الأساسية للشخصية البريطانية .          

 إنهم يعلمون أن الإعلام يستطيع أن يقلب الحق باطلا ، والباطل حقا ، والفضيلة رذيلة والظالم منصفاً ، والعادل ظالماً ، فعملوا على التهيؤ والاستعداد لذلك الضيف الجديد .

 أما نحن فنعتمد على وعينا الذاتي ، وذكائنا الفطري ، ومنظومتنا القيمية الدفاعية التي إجتاحها الصدأ لأننا لا نعمل على صيانتها بشكل دوري للتأكد من أنها تعمل بشكل سليم ، وإستجابتنا السريعة والطيبة في أغلب الأحيان لمنتجات الفكر المختلف عنا بالمطلق والتي لا تناسب ثقافتنا ويتعارض جلها مع قيمنا وتراثنا الفكري .

 فهل يكمن الحل في الحظر والمنع ونحن طالما تعودنا ( إن كل ممنوع مرغوب فيه ) ؟  
 
 أم أن الحل يا سادتي الأكارم يكمن في أن نكون في حالة إستيقاظ دائم والتعاطي بوعي وإرادة مع كل ما يهطل علينا من الفضاء أو يصلنا عنوة عبر الشبكة العنكبوتية التي باتت تزعج مضاجع المهتمين . في ظني أن الحل يكمن في أن نعلِّم من هم تحت رعايتنا وفي دائرة مسئوليتنا كيفية الإختيار السليم والإنتقاء الواعي لأغذية العقل والروح الخالية من المواد المشعة والألوان المسرطنة حتى لا تتحول بيوتنا ( لا قدر الله ) إلى ركام من تراب . ولكم جميعاً محبتي ودعائي .   

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 7
1
احمد العزيز
[ السعودية - القطيف ]: 22 / 7 / 2009م - 9:34 ص
الأستاذ ابراهيم كنت رائعا في تحليلك للخطر الإعلامي بهذه الكلمات الشاعرية
وأحب أن أضيف ... ان الإعلام سلاح ذو حدين , فهو إما أن ينقلنا للواقع نفسه وبحذافيره أو ينقلنا لعالم آخر يختلط فيه الأبيض بالأسود .
وتكمن المشكلة لدى الجميع بمافيهم النخبة في كيفية التعاطي مع الوسيلة الإعلامية أو التواصل الإيجابي معها , بعيدا عن التشويش أو التأثير العكسي
ولك محبتي .
2
ابراهيم بن علي الشيخ
[ القطيف - أم الحمام ]: 22 / 7 / 2009م - 11:31 ص
الأخ العزيز / أحمد العزيز
أتفق معك في أن الإعلام سلاح ذو حدين كحال معظم الأشياء المادية والحسية . ومن هنا كان التأكيد على تعلم فن الإختيار . طابت أنفاسك وأشكرك على مداخلتك القيمة ومتابعتك المستمرة ولك خالص التحية .
3
المستقل
[ ام الحمام - القطيف ]: 23 / 7 / 2009م - 3:25 ص
أستاذي الغالي أبوعلي ثباتك على خطك و استمرارك في عطائك الذي ينبض درس نتعلم منه بأن القلم رسالة لا يمكن له أن ينحرف و يتخلى عن مسئوليته مهما كانت الضغوط و مقالك الجميل هذا دليل يؤكد عزمك و إصرارك و استمرارك في العطاء الذي تناولت من خلاله نقطتين مهمتين و هم كالتالي :
• الدعارة الفكرية : تطرقت من خلال هذه النقطة كيفية تناولت وسائل الإعلام الأعمال الهابطة على المستوى الفكري و الأخلاقي و ما أحببت التأكيد عليه بأن هذا شيء طبيعي لأننا نواجه عدو مقنن يحمل رسالة معينه يهدف من خلالها الوصول إلى نتيجة معينه و هي القضاء على عقل و روح الرقم الأصعب في المعادلة و هم جيل الشباب في العالم العربي و الإسلامي و لكن للأسف الغير طبيعي بأننا نعي لهذا الخطر و في اغلب الأحيان نجلس منظرين و نصف الداء و الدواء و لكننا بمجرد الرجوع إلى بيوتنا لا نحرك ساكنا بل نجلس مستمتعين في مشاهده هذه البرامج مع باقي أفراد الا سره . أما على مستوى إعلامنا للأسف لا زال لا يبارح مكانه يسير بخط أفقي لا يدري ما يدور حوله مسيطر عليه هستيريا الخلاف العقائدي مع الآخرين كأن هذه الرسالة التي رسمت له من السماء .
• تهاوي المعايير الأخلاقية في مجتمعنا : من خلال هذه النقطة تطرقت يا أستاذي العزيز إلى مجموعه من الأسئلة تؤكد هذا التهاوي الخطير و لكن ياسيدي العزيز من الصعب تصعيد الأمور بهذه الطريقة من خلال هذه الأسئلة و سأتناول هنا سؤالين فقط لعدم إمكانية تناول جميع الأسئلة و هم :
- السؤال الثاني الذي تناولت فيه ازدياد حالة الانحراف و الانتحار من الصعب الخلط بين القضيتين في نقطه واحده و هناك فرق كبير بين الانحراف و الانتحار أنا اتفق معاك بأن هناك ارتفاع نسبي في الانحراف الأخلاقي و السلوكي و لكن و لله الحمد نحن نعيش في مجتمع محافظ تكاد حالات الانتحار فيه تكون شبه معدومة و تكرار حاله أو حالتين لا يعني تفشي هذه الخطر .
- تطرقت لنقطة ارتفاع نسبة حالة الطلاق في مجتمعنا أنا لا أراها نقطه سلبيه على العكس أراها تطور ايجابي للأسف في الماضي القريب الفتاة في مجتمعنا ليس لديها حرية في اختيار شريك حياتها الأهل هم من يقررون و و لكن في وضعنا الحالي اصبحت الفتاة تمتلك وعي و رؤيه واضحه و تضع مواصفات معينه في شريك حياتي و اصبحت لها الجرأه بأن تقول هذا غير مناسب . أنا أتمنى تبني و انتشار الجلسة الشرعية بين الشاب و الفتاة قبل العقد للتأكد من وجود مشتركات معينه يستطيعوا التأسيس عليها لبناء حياة أسريه ناجحة.
- و لا يسعني في الأخير يا مصباحي الوقاد الا ا ن أقدم اعتذاري للتجرؤ و تناول أفكارك النيرة فمن هم مثلي يصعب عليهم فهم مبتغاك و لكن انت من شجعتنا على أن نحاول و لا نقف مكتوفي الأيدي .
4
ابراهيم بن علي الشيخ
[ القطيف - أم الحمام ]: 23 / 7 / 2009م - 5:38 م
أخي الفاضل : المستقل
رؤيتك حول ما أكتب تعزز قناعتي بأهمية مشاركتك الأنيقة في التحليل والنقد بل والتصويب . ومطالبتك بالجلسة الشرعية أرى أنها منطقية بصفتها صواب مجهول أمام الخطأ الشائع في المجتمع . ولكن ألا ترى يا عزيزي أن هناك إهمال في الإعداد والتأهيل للدخول لعش الزوجية . حتى بعض اللجان المسؤولة عن مشاريع الزواج الجماعي لا تأخذ هذه المسألة كجزء أساسي من فلسفتها ورسالتها الإجتماعية . أكرر شكري لقلمك الرصين وفكرك السمين يا مستقلا في الحق لا يلين . ولك مودتي وإحترامي ما حييت .
5
المستقل
[ ام الحمام - القطيف ]: 23 / 7 / 2009م - 6:35 م
استاذي العزيز ابو علي شكرا لردك و ملاحظتك الرائعه و اتفق معاك في رؤيتك حول تبني القائمين على مشروع الزواح الجماعي فكرة الجلسه الشرعيه كجزء اساسي من فلسفتها و رسالتها الاجتماعي و لكن يؤسفني بأن اتفوه بهذه الكلمات حول رؤية القائمين على الزواج الجماعي من خلال متابعتي البسيطه اتضح لي بأن القائمين همهم الشاغل تجميع اكبر عدد ممكن من المتزوجين و اعداد المهرجان كنسخه كربونيه من المهرجان السابق و لا غير نعم هذا حدود فلسفتهم و حدود رسالتهم الاجتماعيه رغم ما اكنه لهم من تقدير و احترام نتيجه جهدهم المبذول الذي يبتغون من خلاله رضى الله .
6
ابراهيم بن علي الشيخ
[ القطيف - أم الحمام ]: 24 / 7 / 2009م - 3:51 ص
عزيزي الموقر : المستقل
أسأل اله العلي القدير أن يوفق جهود كل الخيرين التي تهدف إلى خدمة المجتمع ورعاية مصالحة والعمل على تجسيد عرى التواصل والتلاحم وأتمنى على المعنيين في لجان الزواج الجماعي أن يعملوا على توسيع أُطر هذا المشروع المتميز ، وإنني أضع نفسي في خدمتهم في مجال الإعداد والتدريب للمقبلين على الزواج ( مجاناً ) ليس في بلدتنا الحبيبة أم الحمام فحسب ، بل في كل المهرجانات المماثلة على مستوى المنطقة الشرقية ككل . دمتم لكل خير .
7
المستقل
[ ام الحمام - القطيف ]: 24 / 7 / 2009م - 5:06 م
رسالة من قلب مفتوح لكل الخيرين ملؤها الحب متمنيا لهذه الرساله ان تعيها اذن واعيه .
سلامي لشخصك الكريم و الى كل التواقين لعمل الخير في مجتمعنا الصغير و الكبير متمنيا للجميع التوفيق و السداد .
إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية