الصندوق الأسود لجاسم ، هل حان وقت فتحه ؟

 

 

ما زلتُ مندهشاً من تلك القوة والإيمان العميق الذي كان يتمتع به !! وما زالت الأسئلة تنهالُ كالجمرِ على وجداني الذي أعياهُ الفراق . روحٌ فضفاضة ، وثغرٌ باسم ، ودعاءٌ لا ينقطع لكل من حضر أو سأل أو تفضّل بمتابعة بشكلٍ أو بآخر .

ما هذه العزيمةُ الراسخة ، واليقين الذي لا ينثني حتى وإن تكالبَ الخْطب وبلغت الأمورُ خط اللارجعة ، واتضح العنوان العريض لما تُنبئ به الأيام وكأن الوضع يسير على خير ما يُرام . قلقٌ يلفٌّ كل من كان حولهُ ، وعيونٌ تترقب المحذور بالرغم من الإقرار بحتميته عندما يريد الإله ، فلا رادَّ لقضائه سبحانهُ وتعالى ، ولكنهُ بالرغم من كل ذلك كان كعادته " متفائلاً ، صلباً ، شامخاً ، ودوداً ، مُتعاوناً ، ... " .

عندما أقبل عليه الصديق " الصادق الصدوق " الأستاذ : بدر الشبيب ، لعيادته في غرفة العناية المُركزة ، كاد يطيرُ من السرير لإستقباله وإحتضانه لمواساته بفقد رفيقة دربه المؤمنة " أم أحمد بدر – رحمها الله " لأنه لم يتمكن من المشاركة في العزاء لظروفه الصحيّة التي أجبرتهُ للمواساة برسالة رقيقة مفعمة بالمشاعر الداعمة ، والإعتذار العميق وقد تفضّل الأستاذ " بدر " مشكوراً بنشرها في الكُتيب الذي تم توزيعه في " أربعينية الفقيدة السعيدة " والذي كان بعنوان:الفائزة في مدادهم .

لقد كانت لحظاتٌ دراميّة مؤثرة بالفعل أبكتْ كل من كان حاضراً ، وبالرغم من أن الأستاذ : " بدر" قد حرص جداً على عدم تكليفه أو التسبب في إرهاقه ، إلاّ أنهُ " رحمهُ الله " ترك العنان لمشاعره الجيّاشة أن تنداع بسخاءٍ منقطع النظير- لإنسان في مثل وضعه الصحي - دون تحفُّظ  أو حرج ، وما كان لينفكّ عنهُ لولا نجاح الأخ " بدر " في إدارة الموقف الأخوي النبيل بدبلوماسية فائقة المرارة والتأثير ، وهكذا كان كذلك مع الأخ العزيز " عادل رضوان " الذي لم يتمكن من تعزيته والعائلة الكريمة في فقد " طيِّب الذكر " الحبيب : أبو أحمد خالد رضوان ( رحمهُ الله ) وذلك لتواجده في رحلته العلاجية بأمريكا والتي استمرت لمدة أربعة شهور، وتكليفي بإصرار عميق بإبلاغ إعتذاره وتعزيته ومواساته لهم جميعاً ، وكان له ما أراد .

هذه الأخلاق " المُحمّدية " التي إتّسمت بها جميع تصرفاته وهو في خضم الأزمة لم تكن لتكون لولا توفيق اللهُ سبحانهُ وتعالى ، ثم الإطاحة بذاته أرضاً وترويضها على الإتيان بالخير والسلوك النبيل منذُُ نعومة أظافره ، وإتخاذه من عملية " نقد الذات " إسلوب حياة وليس حالة طارئة تخضع للمزاج والكيف .

الكثير .. الكثير من الأسرار والمواقف التي يحفل بها " الصندوق الأسود " للمغفور له بإذن الله فقيدنا الغالي م . جاسم بن حسن آل قو أحمد ، منها ما هو مُتاح للنشر ، ومنها ما هو بحاجة إلى التحليل والرصد ، ناهيك عن الإذن من "  ذويه الموقرين " ولكن ربما تفقد هذه المعلومات صفة السرية مع تقادم الزمن وفقاً لقانون الوثائق الإنساني لا سيما إذا كان فيها دروسٌ وعبرة . دعونا ننتظر ، الفاتحة ، تحياتي .     

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية