الشيخ المرهون.. . لغة البساطة

 

تحتاج الأفكار والتوجيهات إلى لغة سهلة لإيصالها لكافة الشرائح الاجتماعية بين طفل وشاب وكهل، رجلا كان أم امرأة. فمتى ما كانت المفردات والمعاني سهلة وبمستوى المتلقي، كلما كانت أكثر تأثيراً وأسرع نفوذاً إلى قلبه، "فما يخرج من القلب يدخل القلب، وما يخرج من اللسان لا يتعدى الآذان".

فالخطاب المعاصر بمختلف أصنافه بات يميل إلى النخبوية في عدد من جوانبه، فأصبح بعض الخطباء والمحاضرين يميلون إلى التفنن في استعمال مصطلحات يصعب على المتلقي استيعابها وترجمتها إلى واقع فعلي في الحياة اليومية.

من هنا كان للعلامة الراحل الشيح علي المرهون ميزة جذبت كل من حضر منبره أو مجلسه أو استمع لحديثه، حيث كان حديثه سهلاً وبسيطاً، يدخل القلب ويؤثر فيه بأسلوبه الشعبي المتعارف في مجتمعنا. فكانت الكلمات والمواعظ تؤثر في مستمعيه ويتداولونها بينهم وبمحاكاته في الأسلوب – رحمه الله-.

في سني عمري الأولى، لم أكن أفهم ما يعنيه مسجد الشيخ علي المرهون، والصلاة خلفه من قبل أبناء المنطقة وخارجها، فكنت استغرب وأنا أرى مدرساً لنا من خارج القطيف يقصد الصلاة خلف الشيخ في كل ليلة ، يبدو الآن بدأت أفهم ما يريده الناس.

والحال ذاته مع الجد –رحمه الله- الذي كان جاراً لمسجد الشيخ، وكنت في صغري دائماً اسمعه يقول وبإعزاز: اليوم الشيخ أبو فرج قال كذا وكذا. فلولا بساطة مجلسه ومعاشرته لما كان هذا الحب والاعتزاز بما قال.

ولا تقف البساطة والسهولة عند حد الحديث، بل حتى في مجالسة الناس والعيش معهم، بزيارتهم ومساررتهم ومفاكهتهم. وليست تلك إلا من صفات أهل العلم التي ينبغي أن يعيشونها ويقتبسونها من أمير المؤمنين علي الذي وُصف بأنه كان بين الناس كأحدهم.

والشيخ المرهون أيضاً اتصف بين الناس بأنه كان كأحدهم، وكان حجاج بيت الله الحرام من أكثر ممن عرفوا بساطة وعفوية الراحل من خلال مخالطتهم له خلال مواسم الحج والزيارة وفي طريقة إرشاده لهم وجميل محادثته لهم سنوات وسنوات.

فلنكن بسطاء وعفويين لنستمل القلوب ونتمكن من العيش مع جميع الناس. رحم الله الفقيد