أنا الشهيد الحي

 

 

هيّا انتظرني يا دمي..
فأنا الشهيدُ الحيُّ، رقمُ جنازتي تسعون ألفاً أو يزيدْ.
وأنا انتهاء الخوف يا جسدا تدثرَ بالضحيةِ، انتهى زمن الحدادِ
وساعة الموتى انتهتْ.. بدماكَ وحدكَ يا ابن دمِّي انتهتْ.
 
هيّا انتظرني يا دمي..
رؤياك في كفيَّ تشرب عزها الأبديّ...،
حلمي حافي القدمين يمشي مثل نعشك حين طاف على حياتي،
فانتظر حُلُمَ الرحيلِ إلى الرحيلْ.
 
هيّا انتظرْ..
طيفاً أمرُّ على حياتكَ، فانتظرني كي أعيشَ إلى الأبدْ.
اسمي على الإسفلت يحفرُ، ثم يحفرُ ساعة الميلاد، أقفالي سأكسرها
وهذا القمح في أرضي سأحصدهُ...، وهذا النخلُ والأشجارُ..
حَبُّ الرملِ "مُسنده"...، وأشياءٌ..، وتاريخٌ وآباءُ..
وهذا الراحلُ المسفوكُ في دمهِ...، وذاك الدمعُ والأشعارُ
أعرفهم.. وأعرفهم.. وأعرفهمْ.
 
هيّا انتظر..
فالموت أبعدُ عن حياتك يا ابن دمّي..
يا بن تاريخي المدوي مثل صرختك الأليمة في دميْ.
 
هيّا انتظرني يا دميْ..
فأنا الشهيدُ الحيُّ، رقمُ جنازتي تسعون ألفا أو يزيدْ.
وأنا بكاء الريح في قلب المجرهْ.
وأنا الحكايات التي عاشتْ بفقدك يا ابن دمّي.
 
هيّا انتظرْ.
إياكَ أن تنسى رحيلي حين تجتمع الصفوف.. أنا الشهيد الحيُّ،
رقمُ جنازتي تسعون ألفاً أو يزيدْ.
واسمي على الإسفلت يحفرُ، ثم يحفرُ...، وجهُكَ العربيّ فيه، البؤس فيهِ، العاشقون إلى الرحيلِ، المستعدون، "الحسينُ"، وبعضُ ألعاب الصغارْ.
 
لا تنسني
فأنا الشهيد الحيُّ رقم جنازتي تسعون ألفاً أو يزيدْ.
وأنا ابن دمِّكَ يا دمي..
هذي أكفِّي تنثر الزهرات فوقكَ، فأذكرِ اسمي ساعة الميلاد يا وطني.
وأذكرْ ضحيته القديمة في القبورْ.
فمنِ النشورِ إلى النشورِ شهادة حبلى بأنات الرحيلِ
ومشتهى وقتٍ يمرّ على جنائزنا القتيلة في النهارْ
وهناك حيث الغدر لملم ما يشاء من الغضبْ.
سقطت بجنب جراحنا الطلقة الأولى، فمات القاتل المنسي في وجع الغيابْ
وعلى رصيف الموت عاش النصر وانتصر العتابْ.
 
هيّا انتظرْ.
فالسلمُ سلمكَ والرصاصُ هو الرصاصُ.
والدماء على الرصيفِ، على الجدارِ، على المدارِ الأنبياءُ.
 
هيّا انتظرْ
هذي الحناجر في يديكَ مغرِّدهْ.
والقاتلُ المنسيُّ عن أنفاسك التعبى بعيدُ.
 
هيّا انتظرني..
لا تقل شيئاً خرافيا عن البارودِ أو قتلي، فهذي أحرفُ الأحرار تعرفني.
 
هيّا انتظرني..
وأذكرِ اسمي يا ابن دمّي.
فأنا الشهيدُ الحيُّ، رقم جنازتي تسعون ألفاً أو يزيدْ.
وأنا الذي ما زال يبحث بين أنات الزهور وكل سعفات القطيفِ..
أنا ابن دمّكَ، فأذكرِ اسمي يا ابن دمّي.
فأنا الشهيدُ الحيُّ، رقم جنازتي تسعون ألفاً أو يزيدْ.