حكم شهادة مربي الحمام

 

 

نشرت إحدى الصحف اليومية فتوى غريبة لعضو بـ" هيئة كبار العلماء" السعودية، ممن يحمل شهادة دكتوراه، مفادها أن شهادة مربي الحمام أمام القضاء غير جائزة، معتبراً تربية الحمام مرفوضة شرعاً ! لأن اللعب بهذا الطائر كان من فعل قوم لوط، إضافة إلى أن القائم على هذه المهنة يعتلي المنازل ويكشف عورات البيوت. ثم استدرك هذا المفتي قائلا: لكن تربية الحمام للاستثمار شيء طبيعي ولا غضاضة فيه !

 

الغريب في الأمر أن تتصدر مثل هذه الفتوى صدر إحدى أهم الصحف اليومية، ومن شخصية يفترض فيها الأهمية ولكن لا عجب !

 

والأغرب من ذلك هو ردود القراء في موقع الجريدة ، وقد بلغت نحو 120 تعليقا إلى حين كتابتي هذا المقال ، مملوءة بالضحك والفلتات العبقرية ، لأن الشعوب – في نظري يعلو الحس النقدي لديها تبعاً للواقع الاجتماعي الفانتازي الذي تعيش فيه ، حيث جاء أبسط التساؤلات بأن تربية الحمام أصبحت في المزارع والاستراحات وليست على السطوح ، وهل يكشف البناء أو قائد الطائرة عورة البيوت ، فلا تقبل شهادته ؟

 

عموما.. لا عجب في الأمر في هذه الفتاوى وما يشابهها، فقد كانت سائدة قبل عقود من الزمن حيث كأن لا تقبل شهادة من يعتمر عقالاً فوق رأسه لأن ذلك لم يتعارف عليه في زمن الرسول !

 

أو من يحلق لحيته أو ما شابه ذلك، مع أن الشهادة لها علاقة مباشرة بالعقل الذي ضده الجنون وبالبلوغ الذي ضده الصغر، أي أن الأمر مرتبط بالمخبر وليس الجوهر كما يشاع في اللهجة الدارجة.

 

الكل يدرك أن باب الاجتهاد مفتوح بكل مصارعه على العلماء ، لكنه يبدو عند قوم آخر أنه مفتوح عند كل الناس ، وإذا أبقانا الله سنرى ونسمع ونقرأ دواوين الفتيا ، لان هؤلاء اتجهوا إلى أمور لا تستحق التوقف حيالها، أي أمور حياتية بسيطة لا تؤثر في دين المسلم ولا في اعتقاده وتناسوا الأمور والبراهين الواضحة من علوم أهل البيت عليهم السلام.

 

هناك سؤال مهم هو ما المبرر لأن تنشر مثل هذه الفتوى وغيرها من الفتاوى الغريبة في الصفحة الأولى ما لم تكن هذه المطبوعة أو تلك تبحث عن الإثارة ؟

 

 بمعنى أن تنشر الفتوى ضمن باب فتاوى داخل الجريدة وإنما جاءت في صدر المطبوعة بقصد وكأنما العالم الإسلامي لشدة اكتماله ونضجه وندرة أخطائه لم يبق فيه سوى النظر في مسألة تربية الحمام.