هل أنت مخطوف ؟

 

لن تكون سطوري المتواضعة – عزيزي القارئ – اليوم بأي حال من الأحوال ، لها علاقة بمفهوم الإختطاف المتداول ، أي بمعنى : اختطف ، يختطف ، اختطافا , والتي هي بمعنى السلب و الأخذ بالقوة و ما أشبه ، بل يتعداها لمفهوم الإختطاف الفكري و الثقافي و الروحي , من حيث شعور الفرد بالوعي أو اللاوعي ، بأن مشاعره أضحت ملكا لشخص ، أو لمجموعة ذات توجه معين .

إن هذا الإنقياد المطلق ، و تغييب الإستقلالية ، له كل الدور السلبي في تدمير الهوية الشخصية للفرد ، تلك الهوية التي صنعها الله تعالى لكل إنسان ، و حثه في أكثر من موضع على تنميتها ،  بالتدبر و التفكير و البحث و الإطلاع ، و ليس التشتت و الركون لثقافة " قال فلان " أو " قال المصدر الفلاني كذا " ، و تلك قد ترمي به إلى قضبان من أوهام ، صنعها المختطف بنفسه ، بديلا عن الحرية الجميلة التي هي ليست إلا مسعى كل المخلوقات .

تلك الحرية التي تغنى بها أكابر الشعراء و المفكرين , و التي عشقها من بقامة جبران خليل جبران حين يقول  :


الأرض لكم..
والأرض تبتهج بملامسة أقدامكم العارية
والأرض لكم..
وشعوركم مسترسلة تتوق إليها الريح
والأرض لكم..
وأنتم الطريق
فانهضوا من قيدكم عراة أقوياء
والأرض لكم..
قدّسوا الحرية
حتى لا يحكمكم، طغاة الأرض .

 

فهل نحن جميعا مختطفون ؟

و هل منا من يملك قراره بنفسه عن أي جهة اجتماعية أو سياسية أو دينية كانت ؟

 

رب قائل يقول – لا عذر لأحد في عصر التقنية و الفضاء المفتوح ، بأن تغيب الرؤية ، و القراءة الفاحصة للأمور عن عينيه ، و في هذا الكثير من الصواب ، 

و لكن لا يمكننا إغفال دور الشحن الإعلامي ، من مراكز المجتمع المختلفة ، و التي ببالغ الأسف ، الكثير منها يقوم على التعبئة الطائفية و المذهبية البغيضة ، رغم أنه من الإفتراض أن يكون المجتمع ، صحيا بتنوعه و تعدد ثقافاته ، و ليس بأحاديته و قطبه الواحد .

لقد جلبت سياسة ( الأنا ) و ( نحن ) ، التي طبقتها الكثير من قيادات السياسة و المجتمع و الدين ، و بالا و بلاء كبيرا على الإنسان ، خصوصا في المشرق العربي ، فأصبح هذا الفرد مخطوفا في عبادة الشخصية ، و التقديس الزائف لها ، كما صارت بعض الأفكار المتوارثة كأنها نص قرآني لديه !

فهل يعقل و نحن نحتج و نتباهى بالخصوصية في بلادنا ، بأننا لا زلنا في نقاش عقيم حول حقوق المرأة السياسية , و هل تقود السيارة أم لا  !!

و حتى نسمي الأشياء بأسمائها ، لننظر للحالة في العراق أو لبنان ، لنجد سياسة الإرتهان و الإختطاف الفكري ، في أوضح صورها ، و أترك لك عزيزي تقييم الوضع فيهما .... 

إن وجود المؤسسات و القوانين المنظمة ، و تفعيل الديمقراطية الحقة ، و إرساء ثقافة التعددية ، و صناعة الصحافة الحرة ، ذات النقد المسؤول و البناء ، قد تكون أحد أسس الخروج من حالة الإختطاف التي تعانيها المجتمعات العربية .

دمتم بخير .

 

معلم اللغة العربية