ممنوع التفكير!!

 

لأسباب عديدة قد نفتقد القدرة على التفكير السليم وإدراك الأشياء كما هي، إنّ تصديق الأكاذيب والكذب على أنفسنا بإنكار الواقع، والفوضى والتوتر وانخفاض الإعتزاز بالنفس وإمتلاء المعدة بالمشاعر المُحبطة، قد يعوق قدرتنا كذلك على التفكير المنطقي وإصابتنا بالحيرة وضياع البوصلة منا بكل سهولة .. ولكن هذا لا يعني عدم قدرتنا على التفكير.

إنّ المبالغة في ردود الأفعال قد تُساهم في إفساد وظائف العقل، كما يتم تعطيل وظائف الجسم الإيجابية عن طريق القلق بالطريقة التي يفكر بها الآخرون، وإخبار أنفسنا بأنه يتوجب علينا أن نكون مثاليين، وأن يكون تصرفنا وقرارنا مُحكمين تماماً، وهذا بحذِّ ذاته بمثابة معوق كبير لإتخاذ القرار المناسب لا سيما وهو منبعث من داخلنا.

 كما أنّ كراهيتنا لأنفسنا، وإخبارها بأننا غير قادرين على إتخاذ القرارات السليمة، وتراكم قوائم ما يجب علينا إتباعه في كل مرة نحاول فيها إتخاذ قرار ما، كل هذا لا يساعدنا إطلاقاً في عملية التفكير الإبداعي والفعّال، كما أن عدم استماعنا لإحتياجاتنا ورغباتنا أو إخبار أنفسنا بأن رغباتنا خاطئة، يضلل المعلومات التي نحتاجها لإتخاذ القرارات الصائبة.

قد تكون عقولنا قد تعبت وأُنهِكَت وامتلأت بالأفكار القلقة والمتوترة، وقد نكون قد افتقدنا الثقة في أنفسنا على إتخاذ القرار السليم لأن الآخرين قد أخبرونا منذُ وقت مبكر من عمرنا بأننا لا نستطيع التفكير واتخاذ القرارات السليمة، قد يكون آباؤنا – بحُسن نيّة – قد فعلوا ذلك بنا بشكل مباشر أو غير مباشر في طفولتنا، وقد يكونوا أخبرونا بأننا أغبياء، أو إنهم قاموا بإتخاذ القرارات جميعها بدلاً عنا من أجل توفير الراحة لنا دون أن يعلموا أن ذلك يتسبب في الإضرار بنا وضمور إمكانياتنا في الحياة، أو إنهم قاموا بإنتقاد كافة قراراتنا واختياراتنا، أو إنكارنا وعدم الإعتراف بإقتراحاتنا عندما كنا نشير إلى مشاكل في محيط المنزل والعائلة.

ربما تكون بعض الصعوبات قد واجهتنا في بعض المواد الدراسية " كالرياضيات، واللغة الإنجليزية، واللغة العربية" وبدلاً من عمل ما نحتاجه لحل المشكلة، استسلمنا وأخبرنا أنفسنا سراً بأننا لا نستطيع التفكير وتحديد الأشياء بصورة صحيحة، وربما نعيش الآن مع أناس يخبروننا بشكل مباشر أو غير مباشر بأننا لسنا مؤهلين لإتخاذ القرارات المُحكمة، كل ذلك بالتأكيد كفيلٌ بأن يفقدنا الثقة في أنفسنا ويجعلنا عرضة للحيرة والقلق والتردد والإرتباك.

والآن أدعوك أن تقوم بمسح كل تلك الذاكرة السلبية والمعوِّقة من تفكيرك الرائع حتماً، وتذكّر بأنه ليس عليك أن تتخذ القرارات المثالية. إننا لسنا بحاجة أن نكون مثاليين أو حتى أقرب ما نكون للمثالية، إننا فقط يمكننا أن نكون مانحنُ عليه، ويمكننا أن نقع في أخطاء عنما نختار لأن ذلك أمر طبيعي جداً وفقاً لنظرية التعلم المسماة " بنظرية المحاولة والخطأ " وتذكّر جيداً بأننا لسنا ضعفاء ما دمنا خلفاء الله في الأرض، ويجب علينا التعامل بإيجابية مع الأخطاء بصفتها جزءاً من الحياة، وأداة هامة من أدوات التعلم ما دمنا على قيد الحياة.

تحيّاتي.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
فائق المرهون
[ القطيف - أم الحمام ]: 21 / 9 / 2011م - 11:15 م
الأستاذ ابراهيم / وفقه الله
لن نضيف جديدا إذا قلنا أن التفكير نعمة لا تقدر بثمن ، و من الأجدى للإنسان أن لا يضيعها في زحام الهموم و الإنقياد الأعمى ، و التقديس الزائف لأشخاص و أفكار لم تثبت صوابيتها ، على مجهر التشريح و التحليل .
و لكن هل من المفترض إلغاء كافة الخطوط الحمر و تجاوز الموروث حين نفكر ؟
أم نفكر بواقعية نقنع أنفسنا بها ، بحدود وهمية صنعناها كأنها آلهة - لا سمح الله ؟
دمت سخيا في سماء الحرية و الفكر .
2
ابراهيم بن علي الشيخ
22 / 9 / 2011م - 1:00 م
أخي الحبيب الأستاذ : فائق المرهون
مهمة صعبة على من يحاول مجاراة ذوقك الرفيع ، وأناقة إسلوبك العذب، والتفكير يا عزيزي هبة الخالق الواحد الأحد ولكنه يضمر بممارسات البشر. دمت مضيئاً في الفكر والأخلاق.
إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية