حَدَثَ في الرياض !!

كنتُ خارجاً من عملي ذات يومٍ عند الخامسة عصراً ، و أنا معتادٌ أن أوقف سيارتي عند إحدى العمارات التي تبعد عن مقرّ عملي بضعة أمتارٍ لوجود حارسٍ في هذه العمارة ، فمشيت على قدَمَيَّ إلى السيارة كي أطير للبيت ككل يوم بعد أن أنهيتُ يوم عملٍ شاقٍ من أيام الأسبوع ، و أثناء وجودي داخل السيارة منتظراً إيذان مؤشر درجة حرارتها ، و قبل أنَ أهمّ بالرحيل ، و إذا بي ألمح على يميني مجموعة أشخاصٍ في حالة حراكٍ شديدٍ

و ظننتُ للحظة أنهم مجموعة من الأصدقاء و في حالة مزاحٍ فعشتُ طمأنينة مؤقتة سرعان ما تلاشت ،  فعندما أمعنتُ النظر قيلاً ، و إذا بهم ثلاثة شبّان من ذوي البشرة السوداء ملتفين حول مهندسٍ هنديٍ يعمل في إحدى الشركات الكبرى ، و كانت الخطة محكمة فعلاً ، إذ كانوا ثلاثة منقضّين عليه ، واحدٌ ممسك بيديه من خلفه بأسلوب تكبيلي ، و الآخر يضع السكين في بطنه مهدداً إياه ، و الثالث يفرغ ما في جيوبه ، و رفيقهم الرابع ينتظرهم في سيارتهم التي كانوا يطاردون بها الضحية

و ما أدهشني في خطتهم المُحكمة هو التطبيق الدقيق و السريع و التسلسل في الخطوات دون ارتباك أو خوفٍ ، فعندما أفرغوا ما في جيوبه ، ركض اثنان من الذين كانوا ملتفين حوله ، و بقي الثالث الذي كان يهدده بالسكين حتى يطمئن علي سلامة رفاقه بأنهم لاذوا بالفرار ، فواحدٌ منهم أخذ سيارة الضحية التي كان بها جهاز اللاب توب الخاص به الذي يحتوي على بيانات عمله و حقيبته الدبلوماسية التي تحتوي على أوراقه و مستنداته و الآخر ركب مع رفيقهم الذي ينتظرهم في سيارتهم و ما أن ضمن حامل السكين بأن الأمور سارت مثل ما هو مخطط لها إلا و باغته بلكمة قاسية جداً في وجهه أسقطته أرضاً كطيرٍ جريحٍ .

كم كان منظراً مؤلماً بالنسبة لي لا أنساه أبداً  و لا يغيب عن عيني مطلقاً .

طبعاً كل تلك الأحداث لم تأخذ أكثر من دقيقتين ، و أنا في سيارتي أجلس متسمِّراً مذهولاً جداً مما يجري أمامي ، فلم أشاهد هذا الأكشن إلا في الأفلام الأجنبية ، و كان يبدو من هيئته أنه غير مسلم ، فنزلت من سيارتي و ساعدته في النهوض و تنظيف ملابسه ، و كان في غاية الذعر ، و لمست ذلك من تمتمته أثناء طرحي عليه بعض الأسئلة ، و طريقة ركضه نحو باب العمارة الرئيسي التي يقطن بها و هو يقرع الجرس بسرعة و يطلب من زوجته فتح الباب له بسرعة و هي تسأله من خلال الإنتركوم مستغربة : Where is your key ?? :  أين مفتاحك ؟؟..

انتظرته يصعد إلى شقته بعد أن أخبرته بأن يجب علينا الذهاب سويةً لقسم شرطة الملز الشهير الذي دائماً ما تظهر وجهته في طاش ما طاش ، و دخلنا القسم و إذا بالعساكر الكرام جاعليها خيمة ، فهم مخصصين غرفة في القسم للقهوة و التمر و الفرش الأرضي و التكيات الشعبية ، و عندما طلبنا أحدهم كي نبلغه بما حدث للرجل قال : (( استريحوا هناك و بجيكم )) .. و جلسنا ننتظره قرابة العشر دقائق ، و عندما تكرّم علينا و أتى كي يستمع للمعضلة التي وقع فيها هذا الرجل المسكين ، بدأ الرجل الضحية بالحديث باللغة الإنجليزية طبعاً ، و كان يبدو على ملامح هذا الشرطي أنه لا يفهم ما يُقال أمامه ، فقال لي : (( وش يقول هذا ؟! )).. فبدأت أترجم له حسب ما فهمت منه ، فقال لي : (( خذ المحضر و أكتب اللي يقوله بس بالعربي !!!)) ..

بصراحة استنكرت طلبه و في النهاية قبلت على مضضٍ من أجل الضحية المسكين ، و بالفعل أخذت دفتر المحضر و صرت أكتب ما يقول ، و ما هي إلَّا دقائق بسيطة إلّا و دخل علينا ثلاثة أشخاص عرب من ضمنهم شابَين و رجلٌ كبيرٌ في السن ، و اتضح أن واحدٌ منهم طبيب و قد سُرقت سيارته في الشارع الموازي للشارع الذي سُرقت فيه سيارة الضحية الهندي الذي كان معي ، و كان يبدو على هذا الطبيب تعرضه للهجوم من قِبَلهم  ، فملابسه ممزقة و أزراره مقطَّعه و ربطة عنقه مفتوحة ، و عندما أبلغ عن أوصاف اللصوص اتضح لنا أنهم نفس المجموعة التي سرقت سيارة المهندس الهندي الذي كان معي ، أي جريمتان لنفس الأشخاص في أقل من نصف ساعة و على مسافتين متقاربتين و في وضح النهار !!

و يقولون (( يكفينا نعمة الأمن و الأمان )) !!..

و لا أدري هل الأمن و الأمان في أن تقف بسيارتك أمام بقالة  و تخرج لا تراها ، و إن رأيتها فسترى الزجاج مكسور و مسروق منها شيء ما (( لاب توب ، محفظة ، حقيبة يد ، جوازات سفر ))

و أن ترجع لبيتك بمجرد بلوغ الساعة الحادية عشر مساءً لأن تأخيرك فيه خطر عليك ، أو أن تخرج من أي بنك ساحباً مبلغاً زهيداً من المال و تتعرض لطعنة سكينٍ أو ضربة بعمودٍ حديدي على رأسك من أجل سرقة هذا المبلغ  الذي سحبته  و الذي لا يساوي قطرة دمٍ واحدة تسيل منك ، أو أن تقف لأي شخصٍ متعطلٍ في أي طريقٍ سريعٍ و تكتشف أنك وقعت في كمينٍ نُصِبَ لك و يتم سرقة سيارتك إن كنتَ محظوظاً و لم يمسّوك بسوءٍ  ، و يتركوك في البر وحيداً و ذنبك الوحيد أنك وقفت كي تفعل خيراً ، أو أن تسافر و ترجع كي تجد بيتك مكسورةٌ أبوابه و مسروقةٌ محتوياته  !!

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد العبد العال _أبو جواد
[ أم الحمام ]: 17 / 9 / 2011م - 6:07 ص
الفساد استشرى في كل مفاصل النظام


هل يحصل هذا لأمي.. أو وزي..


صار المواطن ماله قيمة والكل يهزأبه



عظم الله أجركم في أوضاع الوطن

تاريخ الميلاد
09 مايو، 1981
السيرة الذاتية
المؤهلات العلمية:
- حاصل على دبلوم المحاسبة التجارية من معهد الإدارة العامة بالرياض عام 2008.
- أدرس حالياً إدارة الأعمال في جامعة الملك فيصل .

الخبرات الوظيفية:
-موظف حكومي في المديرية العامة للشئون الصحية بالرياض من عام 2004 إلى 2008 .
-موظف أهلي في البنك السعودي البريطاني "ساب" بالرياض منذ 2008 و لا زلت على رأس العمل.

مشواري الكتابي:
-كتبت ما يفوق الأربعين مقالة ، و كان معظمها في جريدة "الرياضي" السعودية عندما كان مقرها في المنطقة الشرقية ، كما نشرت أيضاً بعض المقالات في جريدة "الجزيرة" و "اليوم".
-اتجهت للكتابة في المنتديات الثقافية ، و كان من ضمنها "منتدى أزاهير الثقافي".
-اتجهت للنشر على صفحتي الشخصية على الـfacebook و النشر في الصحف الإلكترونية في نفس الوقت ، و على رأسها : شبكة الأحساء الإخبارية ، صحيفة الأحساء الإلكترونية ، مشهد الفكر الأحسائي .
الجنس
ذكر
المعلومات الشخصية
كاتب يرسم صورته في عيون الآخرين من خلال قلمه .. .

بطاقته الشخصية :

الاسم : رائد علي البغلي
تاريخ الميلاد: 05-07-1401هـ الموافق 09-05-1981مـ
مكان الميلاد: الأحساء
ترتيبه بين أخوته : الأكبر
سماته : الطموح ، الصبر ، الكفاح ، الأمل
الاهتمامات الشخصية
الكتابة بأنواعها ، و المطالعة ، و تصفح الإنترنت ، و متابعة كرة القدم .
البريد الإلكتروني
[email protected]
الموقع الإلكتروني
http://raedalbaghli.blogspot.com/