طزطوزة سيف الإسلام !!

 

ذات مرة كنت أقدم برنامجاً تدريبياً لمجلس إدارة إحدى الجمعيات الخيرية في المحافظة بمشاركة اللجان النسائية في تلك الجمعية الموقرة " طبعاً هُنّ في قاعة منفصلة " وأثناء حديثي في البرنامج تجرّأت بطرح إحدى " نظرياتي العبقرية " في تحقيق السلام الداخلي وعدم الإرتهان لما تفرزه البيئة الخارجية وهي : " نظرية طُز "  وهي مُرادفة للمثل السائر " طنش تعش " .

ولقد أثارت تلك النظرية حفيظة إحدى المشاركات الكريمات لأنني قمت بجرح مشاعر السيدات الفاضلات، مما تطلّب مني الإعتذار المباشر عملاً بإخلاقيات التدريب، ثم القيام بشرح أصل كلمة " طُز " وتقعيد النظرية حيث أن كلمة " طز " هي مُفردة عثمانية وتعني " الملح " فعندما كان الأتراك يسيطرون على العرب في مراكز التفتيش. كان العرب يذهبون لمبادلة القمح بالملح .. فإذا مرّ العربي خلال بوابة العسكري التركي وهو يحمل اكياس الملح يشير إليه التركي بيده إيذانا بالدخول ودونما اكتراث قائلاً "طز، طز، طز" فيجيب العربي "طز" بمعنى أنه فقط ملح أي لا شيء ممنوع أو ذا قيمه فيدخل دون تفتيش، فذهبت مثلاً، والعهدة في ذمة " الموسوعة الحرة – ويكيبيديا " .

أعتذر عن سياق هذه المقدمة " المملّة " والتي أرجو أنكم قد وجدتم فيها فائدة ما، ولكنها كانت نافذة ضرورية للدخول لصلب الموضوع، فالإبن الهمام للقائد المُلهم قد تنبّه لذلك المثل وقام بتوظيفه ببراعة تامة عندما سقطت طرابلس في أيدي الثوار وتناقلت وسائل الإعلام خبر القبض عليه فخرج بصحبة مراسلي بعض وسائل الإعلام هناك ليبرهن للعالم أجمع أنه ما يزال حرا طليقاً كالطير في رحب السماء، ومطزطزاً لحلف الناتو لأنه إدعى كذباً وزوراً إلقاء القبض عليه، مما إضطر رئيس المجلس الوطني الإنتقالي "الهيئة الممثلة للثوار" الظهور على وسائل الإعلام لتقديم الإعتذار الفوري للعالم على تلك الربكة الغير محسوبة حفاظاً على ماء الوجه أمام الرأي العام المتابع للأحداث الدراماتيكية في دولة النهر العظيم والمُهرِّج السقيم.

من الممكن أن تكون " نظرية طز " فاعلة وباعثة على اللامبالاة والتحدي عندما تكون مدروسة العواقب وقادرة على أن توفر لصاحبها الإستطاعة الكافية لصد الكرات المرتدة من الطرف الآخر للمواجهة، ومن المحتمل أن تؤدي هذه النظرية مفاعيلها المأمولة والمخطط لها إذا كانت ممزوجة بقدر من المسؤولية والوعي والإلتزام، ومن الممكن أيضاً أن تشكل هذه النظرية أداة ضاغطة على الخصم وتساهم في ردعه أو إعادة التفكير في عدوانه إذا كانت حاملة لمكانزمات الإيمان والثقة والمصداقية وتحظى بحضانةٍ إجتماعية عريضة ومؤثرة.

وعطفاً على ذلك، وبعيداً عن الخاتمة التي ستنتهي إليها " طزطوزة الأب وإبنه " المتواريين عن الأنظار حتى الساعة، فإنه يجب علينا أخذ الحيطة والحذر عند تبنِّي هذه النظرية ومراعاة الظروف المتزامنة معها، والقيام بعملية حساب دقيقة ومُحكمة لما ستؤول إليه الأمور بعد القذف بها في ميدان الصراع مهما كانت درجة ثقتنا في أنفسنا كبيرة وراسخة حتى لا نقع في فخ الإنتحار الإجتماعي "حماكم الله ". تحيّاتي.     

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية