أنت من روح المُحارب إلى المحارب الروحاني

 

كل منا نمت لديه روح المحارب عقب لحظة ولادته مباشرة، وأول ظهور للغضب المتفجر حدث بعد الشهور القليلة الأولى من حياتنا، حيث وثب إلى الذهن ونحن في سن الثانية، وتلك هي الكيفية التي نشأت بها فكرة " سن العامين الفظيعة " .

روح المحارب بوجه عام تظهر لأن الطفل يحتاج إلى حماية، فالطفل بريء ومنفتح وحسّاس ويحتاج إلى الجهد الواقي للمحارب من أجل الحفاظ على سلامته في هذا العالم الذي يموج بالمتغيرات في كل طرفة عين، ومن أجل فهم ظهور " روح المحارب " تخيّل السيف والدرع وتأثيرهما، فالسيف يخترق ويتخلل ويحميك من أي شيء يهددك أو يعترض طريقك، والدرع تغير وتفصل وتعزل أي تهديد أو معارضة، فكلاهما طبيعي ومفيد للغاية.

هذا العالم لا يستجيب بشكل جيد لسيف المحارب، فالقوة الإختراقية لغضبك تم على الأرجح معاقبتها أو تجاهلها أو قهرها، مما يدفعك إلى إخفاء سيفك ووضعه في مكان آمن لا يمكن رؤيته او سماعه فيه، أو ربما تكون قد نشأت في أسرة كانت " معارك السيوف " دائرة فيها على نحو دائم، ولم يكن أمامك أي خيار سوى أن تنضم إلى النزاع بأفضل ما تستطيع، لذلك أنت أصبحت أمّا انسحابياً وهادئاً ولا تظهر أي نوع من الغضب، وأما عدوانياً وصريحاً من أجل تحقيق النجاة لنفسك.

ولهذا سيفك أمّا أن يكون مخبوءاً بداخلك وأنت تتجرع السم ولا تجرأ على الإفصاح عن ذاتك حفاظاً على سلامتك بالرغم من أن هذا السلوك يمثل حاجزاً ضخماً يمنعك من التعرف على ذاتك ناهيك عن اتاحة الفرصة للآخرين من حولك كي يعرفوك، أو يكون سيفك الصارم مشهوراً للعالم من حولك كي يراه ويسمعه ويشعر به من أجل اثبات وجودك في عالم غير آمن، وهنا تأكد أن الآخرين سيعملون على تجنبك لخوفهم منك واتقاءً لشرِّك، لأن تصميمك الشديد على حماية نفسك عن طريق الفوز بغض النظر عن أي شيء آخر يصبح بمثابة نقمة عليك حيث تتخلّى عن استقامتك حتى تتربّع على القمة بمفردك.

ولكن عندما يكون غضبك صحياً، فإن روح المحارب لديك ترتبط بشكل وثيق مع قوة الحب، وإنه بالقوة الروحية للحب كحليف استراتيجي وقوة مؤثرة يكون محاربك أكثر قدرة على منحك الحماية الفعّالة دون تضحية أو خسارة، ويبدأ محاربك الروحاني في النمو وبناء علاقات إيجابية مع العالم الخارجي المحيط بك لأن لديه الشجاعة التي يكون بها مبدعاً ويُعبِّر عن مشاعره الإيجابية الفيّاضة دونما خوف أو حرج، وهذا كما تشير إحدى الدراسات البحثية التي قام بها كل من ( لونيك ومانكيتو 2001 ) يساعد على عدم الإصابة بمرض ألزهايمر، كما أن الجهد الذي تبذله من أجل تنمية المحارب الروحاني بداخلك يفيد بشكل كبير صحتك البدنية والعقلية والإنفعالية، فلا تردد في تحويل روح المحارب في ذاتك إلى محارب روحاني لا يشيخ.     

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية