تقليد أم خلاص ؟

 

هل حقا أن الثورات العربية المتلاحقة ، مجرد تقليد أعمى للأخرى ؟

هل هي نوبات غضب ، ينفس بها الإنسان العربي عن مشاكله الداخلية ؟

ماذا نقول عن إتهامات الطبقة المترفة ، بأن الفقراء مجرد حاقدون و حاسدون لهم ، على ما أنعم الله به عليهم .

يقول أحد المثقفين " التقليد يبقى مجرد تقليد " بمعنى أن الشيء المقلد ، لن يكون أفضل من المقلد عليه , وهذا لا ينطبق على الثورات بتاتا ، وبما أن منطقة الشرق الأوسط مرتع خصب ، لأعتى أنظمة الإستبداد و القهر في العالم ،فمن الطبيعي أن يكون شعوب هذه البقعة التي اكتوت بنار التسلط ، ينتظرون فرصة الخلاص و النجاة ، بعد أن كاد اليأس و القنوط أن يهلكهم ، فالبوعزيزي و خالد سعيد كانا مجرد فتيل هذه الشعلة ، أما النفوس فقد كان الغليان وصل إليها منذ عشرات السنين ، فقط كانت تنتظر الفرصة ، و الفرص يجب أن تغتنم , ومن البديهي أن النجاح الذي يحققه فرد أو مجموعة يغري الآخرين لتحقيقه ،ليس من باب التقليد ، بل من باب السعي للأفضل ، و هذا ماهو معمول به في الدول الديمقراطية , التي يكون الناخب فيها ، هو سيد السلطة .

 إن الشعوب تواقة بطبعها للحرية ، لا تحب الكوابيس أن تجثم على صدورها ، فكيف إذا أطبق على أنفاسها ، مستبد جائر بمخبريه وأجهزته القمعية ، و ماذا لو طال أمد بقاء هذا السجان لفترة طويلة ,فليس من المعقول بقاء حاكم مدة ثلاثون أو أربعون سنة بحجة إن الشعب يحبه ، فأين مبدأ تداول السلطة و تقديم الكفاءات ؟  هنا يدخل عامل الترهل السياسي و الفكري و النفسي على البلاد و الناس , خاصة جيل الشباب , الذي يشكل العدد الأكبر من السكان ،بنسبة تتجاوز 60% حسب كافة الإحصائيات .

إذا كان شخصا ما أو مجموعة ، خرجت غاضبة , محطمة الممتلكات هنا أو هناك لأسباب مختلفة , فلا يمكننا التعميم و وصف الألوف و الملايين من الشعوب الثائرة في الميادين , و الشوارع التي يغلب عليها الطابع السلمي بأنها " جراثيم أو مرتزقة أو عصابات سلفية " الخ من أوصاف و نعوت بعيدة عن الواقع , فخروج هذه الجموع له أسبابه السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية , التي ينبغي للحاكم الواعي الرشيد , أن ينظر لها جليا , قبل حدوثها , بالتخطيط و الدراية للمستقبل , قبل أن تهب عليه رياح التغيير العاتية .

و لكن كالعادة - القائد الرمز الفذ -  لا ينظر إلا إلى القصر المنيف و السلطة و الثروة , بينما الناس في نظره كقطعان الماشية !

من الطبيعي أن ينظر الفقير أو المعدم , الذي يمثل اليوم النسبة الكبرى , في شريحة المجتمع العربي , حتى في بعض الدول الغنية , إلى من لديه الثروة و الجاه , و هو في الغالب ليس بأفضل منه تعليما و ثقافة و فكرا , و كلنا نعرف أن أصحاب الشهادات فما فوق الثانوية , و حتى الجامعية ,  هم أغلب الثائرين في  البلاد التي شهدت ثورات مؤخرا .

فهذا الخلل من يصلحه ؟

و هذه الفجوة الهائلة بين الطبقات من يسدها ؟

الحكام القادمين من الضروري عليهم التبصر , و التنظيم و العمل الجاد , فما العذر إذا كانت الثروات موجودة و الكفاءات تنتظر الفرصة , هل الفساد تضخم كالحوت الذي لا يمكن الوقوف أمامه ؟

إن الخالق الباري أنعم على البلاد العربية , بثروات لا تحصى طبيعية و صناعية , كما أن عقول شبابنا ليست بالهينة , فهل استغلال هذه الطاقات و الهمم ، يكون بالإهمال و الوعود الفارغة والسجون و المعتقلات أم بتوفير سبل العيش الكريم و بناء المعاهد و المصانع و مختبرات البحث العلمي لها ؟

و لكم الإجابة ..... 

 

 يقول شاعر عربي :  لقد شيعت فاتنة ، تسمى في بلاد العرب تخريبا ،

                          و إرهابا ،  و طعنا في القوانين الإلهية

                          و لكن اسمها و الله ...........،

                          لكن اسمها في الأصل حرية .


دمتم بخير .

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 4
1
أم العز و الكرم
7 / 9 / 2011م - 2:21 ص
الأستاذ فائق دام ظلك


نتوق إلى قراءة مقالات أدبية من شخصكم الكريم


عن منابر الشعر والشعراء


دامت منابرك الثقافية فكرا متوهجا
2
حسين عبدالله
[ السعودية - القطيف ]: 7 / 9 / 2011م - 3:46 ص
تقليد في الحماس والتشجيع والنجاح لقهر الظلم

دمت سالما ابو العز
3
فائق المرهون
[ القطيف - أم الحمام ]: 7 / 9 / 2011م - 4:10 ص
السيدة الفاضلة / أم العز و الكرم
شكر وافر ، نحن قليل قليل يا سيدتي ، فكل إناء بما فيه ينضح ، الفكرة هي مفتاح الكتابة .
أعزك الباري .
4
فائق المرهون
[ القطيف - أم الحمام ]: 7 / 9 / 2011م - 4:22 ص
الأخ الفاضل / حسين عبدالله
لعلنا لا نملك لهؤلاء المقهورين إلا الدعاء و العاطفة ،
أحمل لك أعذب الأمنيات ، و يسعدني تملكك الوعي و الرؤية السليمة .
معلم اللغة العربية