سيارة (محجبة)!

قدم برنامج فرنسي ساخر حلاً لمعضلة قيادة المرأة السيارة في السعودية، فقد أظهر البرنامج فتاة مقنّعة بعباءة سوداء، تتجه إلى سيارة مثلها أيضاً مقنعة بحجاب أسود، وكأنها تقول: بسيطة حجبوا السيارة أيضاً لكن دعوها تقود. ولو أن الصورة ساخرة إلا أنها حل من وجهة نظري، فالفتاة تستطيع أن تقود سيارة بظلال سوداء تحجب من في داخلها. لكن الموقف الساخر هو أن يرضى المجتمع بحبس المرأة مع رجل غريب في «كابينة» بسعة مترين ويرفض أن تتجول في مركبتها وحدها، ما المخيف في هذا؟

الذي لا يعرفه الكثيرون أو قد يعرفونه ويبلعونه، أن هؤلاء الغرباء الذين يجلبون ويدخلون البيوت قد يكونون من أصحاب السوابق الإجرامية، وبينهم فلاحون ورعاة أقصى خبرة لهم هو رعاية قطيع ماشية، لكن الولي يمنحهم ثقة ومسؤولية ليقودوا سيارة تحمل زوجته أو والدته وأطفاله، ويتعلمون القيادة على حسابهم، فهل نحن بهذا الرخص عند أولياء أمورنا الذين هم أدرى بأمورنا؟

شهدت دبي قبل سنوات ظاهرة زحام كبيرة، لكنها لم تصدر بياناً تلفزيونياً يطلب من النساء التنازل عن حقهن في التنقل وفي امتلاك سيارة، لأن هذا الإجراء ليس منطقياً، بل قامت بإنشاء مترو تكلف7.5 بليون دولار، مع شبكة نقل ضخمة من الباصات، كما زادت مخارج المدينة من 16 مخرجاً إلى 39. أما في الولايات المتحدة فنسبة الجريمة والتحرش تعتبر من المعدلات العالمية، لهذا تشرع الحكومة نظاماً يجعل مجرد حديث أي غريب مع فتاة دون سن الـ18 جريمة فيديرالية. ولو أشارت امرأة، حتى إذا كانت من بائعات الهوى، بإصبعها الصغير ناحية رجل لوجد الرجل نفسه مكبلاً وملقى في سيارة الشرطة. لماذا تلجأ هذه الدول إلى إضاعة طاقتها وموازنتها وعندها حل قادر على حل جميع مشكلاتها وهو أن تجلس النساء في المنزل حتى تخف الزحمة وتتراجع الجريمة وحتى تنخفض نسبة التحرشات، وحتى يستأنس الرجال ويصبحوا أقل هياجاً مثلما نفعل نحن؟

المشكلة أن لا شيء يحل، الزحمة تزداد، ونسبة الجرائم أيضاً. فهذه مظاهر بشرية لا يحلها الاستقواء على النساء، بل يحلها مباشرة المشكلة نفسها باتخاذ إجراءات عملية وواقعية تقوم على التخطيط وقوة الضبط وسيادة القانون وفرض مهابته في الشارع، ومعالجة هشاشة التعليم. ماذا يستفيد مواطن بدلاً من أن يطالب الأجهزة الحكومية كوزارة النقل والمواصلات وإدارة المرور بأن تحل مشكلات مثل الزحام والحركة المرورية، بالموافقة على أن منع النساء من قيادة السيارة هو حل لوقف الزحام، على رغم أن هناك ملايين العمال يتدفقون إلى البلاد ويفتقدون أدنى مهارات القيادة، ويعرضون حياة الناس للخطر، ولا أحد يعترض على وجودهم في الشارع. لأن الحل دائماً سهل، طالما يصرف من جيب النساء.

في بلد مثل لبنان خرجت فيه النساء إلى أعمالهن وقدن سيارتهن في وقت كانت الحكومة معطّلة، لم تترك النساء أشغالهن، ولم يجلسن في بيوتهن، ولو فعلن لكان ضرورياً أن يراجع المجتمع نفسه. وأكثر ما يشعرني بالأسى هو القول بأن شبابنا ذئاب بشرية، وقد وجدت شاباً يضع تعليقاً على هذه الجملة في «تويتر» يقول: نعم أنا ذئب بشري، آكل فتاتين قبل أن أنام.

المؤهل العلمي :1- درجة الدكتوراة في فلسفلة الآداب، علم اجتماع ، الجامعة اللبنانية ، بيروت ، عنوان الدراسة (العولمة في مجتمعات الخليج العربي دراسة مقارنة بين دبي الرياض ) 2005.
2- درجة الماجستير في فلسفة الآداب ، جامعة الملك سعود الرياض ، تاريخ نجد من خلال حكايتها الشعبية 1997
3- بكالوريوس دراسات اجتماعية ، جامعة الملك سعود ، الرياض .1989