كفانا تشدداً!

الأستاذ كاظم شبيب الشبيب * جريدة عكاظ

نعم لدينا ما يكفي من التشدد. وبقدر ما ندافع عن بلادنا ومجتمعنا فلدينا من مظاهر التشدد ما يُظهرنا أمام العالم بأننا نعيش في عالم آخر. فقد تكررت مجموعة من القضايا مؤخراً، لا تنتهي واحدة إلا وتنطلق أخرى، ثم يركض المراسلون والكتاب لتناول الصورة المكررة بين الجذب والشد. وأغلب تلك القضايا تبرز حالة من التشدد ضد مجموعة من الممارسات والسلوكيات الفردية والجماعية في بلادنا، وأحياناً يكون التشدد ضد قرار إداري لواحدة من الجهات الأهلية أو الرسمية!

يزعم البعض بأن الحل يكمن في العمل على الحد من خروج هذه القضايا وتناولها على السطح في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة. بيد أننا قد جربنا هذا الحل سنوات طويلة حتى صدقنا أنفسنا بطهارتنا الكلية وخلو مجتمعاتنا وشوارعنا من المشاكل، بل تحول بعضنا لتصوير مجتمعنا بلوحات مثالية من السريالية النادرة. من جهة أخرى لا يمكن للتستر على الأمراض أن يعالجها، بل قد تستفحل للحد الذي لا ينفع معها أي علاج.

نعم لدينا ما يكفي من التشدد، ولدينا تيار من التشدد. لنبدأ من المكون الأول والصغير للمجتمع وهو الأسرة، ونأخذ بعض الصور لمشاكلنا وتشددنا: عضل الفتيات، وهو بمثابة الانتهاك لحق من حقوق المرأة، تارة بفرض الزوج عليها وأخرى برفض الزوج المتقدم إليها، حتى أصبح في مدينة واحدة كالطائف «حاليا ما نسبته تتراوح بين «4000 – 5000» فتاة عانس، ممن تجاوزت أعمارهن 25 سنة» كما نشرت صحيفة الرياض منذ أيام. وهناك سلبيات كثيرة نتجت عن التشدد على صعيد الأسرة كالعنف والتفكك الأسريين وحالات الطلاق التي ارتفعت نسبتها، ومنها طريقة فرض وتلقين الحياة المبتغاة من الآباء والأمهات على الأبناء والبنات...إلخ.

ولدينا على مستوى المؤسسات صور أيضاً من التشدد: نجدها مثلاً في المدارس كمديرة إحدى مدارس البنات في المدينة المنورة والمنشورة بصحيفة عكاظ قبل 3 أسابع تقريباً، والتي رفضت تسليم الطالبة المريضة لوالدها الذي حضر لإسعافها ونقلها للمستشفى لتخفيف آلامها ومعاناتها، ولكنه ولعجلته لم يحضر بطاقة العائلة، وانتهت القصة بتسلمه ابنته عندما حدث للفتاة إغماء وفقدان للوعي فقط! ناهيك عن تشدد المديرين الإداريين في الوزارات والجامعات ولا نستثني ما يجري في القطاع الخاص، ولن يكون آخرها إيقاف هيئة الأمر بالمعروف برنامجا ترفيهيا لإحدى الشركات الخاصة على الواجهة البحرية في محافظة الخبر مساء الأربعاء قبل الماضي.

أما على المستوى الاجتماعي العام فالصور كثيرة، لا يسعها المقال، كالتمييز ضد النساء وسيادة الثقافة الذكورية والفتاوى المكررة والمتتالية ضد رياضة المرأة «الرياضة النسائية» أو قيادتها للسيارة، وغيرها مثل تشدد هذا القاضي أو ذاك حول حكم تعزيري رغم رفض التمييز المصادقة عليه. وهناك ما جرى مؤخراً من محاولات تعطيل و عرقلة لنشاطات بعض الأندية الأدبية.

نعم لدينا ما يكفي من التشدد. ولكل حالة من التشدد براهينها وحججها التي لا تنتهي، وتحت عناوين كثيرة كسد الذرائع - في مواضيع المرأة تحديداً-، والمحافظة على سلامة المجتمع وتقاليده وتراثه، وضرورة الأمن للوطن والمواطن... جلها عناوين سليمة ومطلوبة كشعارات وواقع يتبناها كل مواطن، ولكن لا يعني ذلك أن تتحول إلى معوقات لدورة حياة الناس وتطورهم ورقي المجتمع وتنمية الوطن نزولاً لرغبة تيار مغال في تشدده. لذا نقول «كفانا تشدداً». والله من وراء القصد.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
المستقل
[ السعوديه - القطيف - ام الحمام ]: 21 / 5 / 2009م - 7:39 م
الاستاذ المحترم كاظم شبيب (ابو احمد ) اقدم لك امتناني لاختيارك لهذا الموضوع و لكن هنا سؤالان يطرحان نفسهما و هم نحن كمجتمع قطيفي اين موقعنا من الاعراب في هذا المقال و السؤال الثاني مادا بعد ؟ انا بطبعي لا اجيد اسلوب القفز فوق الحواجز لا اشخص داء الاخرين و اتجاهل دائي المزمن و لا يمكن لي ان اشخص الداء و لا اعطيه وصفة دواء تتقيه من هذا الداء من السهل اكتشاف الداء و لكن الاهم كيف نعالج هذا الداء و كما جاء في الاية الشريفه ( قوا انفسكم و اهليكم نارا )هذه الايه تؤكد على حماية نفس الانسان ثم اهله قبل كل شيء لا نجعل اعيننا تبصر الاخرين و لا تبصر ما بداتها و كما اكدت الايه على مسأله الوقايه التي تعالج الشيء قبل وقوعه يعني ان نكون على حدر و ترقب دائما
كاتب وباحث