مستر" أبو طَربَة "

 

يقرِّر علماء الإجتماع : أن الإنسان كائن إجتماعي بطبعه ، كما لا يمكنه أن يعيش بمعزلٍ عن الآخرين، ولكي يستطيع من إشباع حاجاته، والوفاء بمتطلباته، فلا مفرّ أمامه من الإستعانة بسواه من خلال العلاقة التبادلية بينه وبينهم، وحتى وإن كان يميلُ إلى تقنين علاقاته الإجتماعية وتضييق دائرته الإتصالية، فإن حياته لا تخلو من جماعة نفسية إجتماعية يشعر بالإنتماء إليها ويسعد بوجوده في كيانها مهما كان حجم هذه الجماعة صغيراً ومحدوداً.

 بيد أن هناك من بين الناس - ولا يُبرِّئ الكاتبُ نفسه - من يعيش حالة من الإضطراب العلائقي، فتراه يعيش حياة أشبه بـ " البازار الإجتماعي " إن صحّ التعبير. أو كأنه ريشة في مهب الريح. نادراً ما تراه يركن إلى علاقة إجتماعية حميمية تتسم بالثبات والإستقرار، لدرجة يصعب على المراقب أن يعطيه لوناً إجتماعياً مُحدداً، أو يقولبَهُ ضمن إطارٍ إجتماعي واضح المعالم، جلي الصفات.

 هذه الحالة من المزاجية الحادة، والتي تتحول معها الخريطة الهندسية للعلاقات الإجتماعية إلى كائن هلامي يصعب معها وصفه، ناهيك عن التعامل معها بثقة وثبات وإستقرار، تُعدُّ من الأمور المُربكة للنفس البشرية بدرجة أو بأُخرى، لأن حالة الضبابية التي تسود الجو العام لمن هم في هذا النمط الإجتماعي، تتسبب وبكل أسف في تقويض التفاعل بين الناس، وتؤدي إلى نشأة حالة من التذبذب والإهتزاز في الشبكة السسيولوجية بشكل عام.

 حيثما شطّرت وجهك " في العائلة، والمدرسة، والمسجد، والنادي، والعمل، والأصحاب، والأحباب، وغيرهم ... ستصطدم يوماً بهذا النمط الإجتماعي الفريد بصورة أو بأُخرى، حتى وإن إختلفت الممارسات، وتعددت الحاضنات، سترى من يعيش هذه الحالة من الإضطراب في عملية الخفقان الإجتماعي ، وتخشى عليه من أن يُصاب - لا سمح الله - بجلطة إجتماعية مفاجئة من فرط " اللخبطة والرجفان " التي تنتاب نبضه الإجتماعي بإستمرار.  

 تشير الدراسات إلى أن 75% من الناس يشعرون بالمزاج المتقلب، وهذا أمرٌ متوقع مع سرعة إيقاع الحياة وإزدياد عُمق كيس رغبات الإنسان الذي قعر له، ولكن أن تتحول هذه الحالة من التقلب في المزاج إلى إنقلاب دائم في المواقف، وتبدل مستمر في الكينونة، وضبابية قاتمة في الهوية الإجتماعية الخاصة، وإنكماش مُريب، أو تمدُّدٍ مستبد في شبكة العلاقات الإجتماعية، لهو أمرٌ يتطلب من " مستر أبو طربة " إعادة النظر في تضاريس خارطته الإجتماعية على كافة المستويات، لأنه بهذه الطبيعة الإنسانية الحرجة، التي تُعاني من الإختلال الوظيفي، وعدم الإنتظام في النبض الإجتماعي، يُساهم "ربما" دون أن يعلم في بعثرة كافة المظلّات الإجتماعية في محيطه الشخصي بصورة تُهمِّش من قيمته التفاعلية، وتجعله عُرضة لوجود اللاوجود، وهذا وضعٌ يصعبُ على من يحترمُ ذاته أن يستحسنهُ ولو لبرهة. تحياتي.  

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية