موعد مع الشيطان

احتفلت سحر مع أصدقائها بعيد ميلادها , ففي هذه الليلة أكملت سحر الخامسة عشر من عمرها المديد .

كل أصدقاؤها يحسدونها على الدلال التي عاشت فيه سحر .

نظرت أصدقاؤها كانت سطحية , تنقصهم الخبرة  والنظر إلى جميع جوانب حياة سحر .

فقد كانت حياتها رغم الترف والنعيم الظاهر على كل حياتها , تفتقد أدفأ حضن في الوجود , لأنها فقدت والديها وهي لا تزال رضيعة .

وضمها خالها إلى ذراعيه , وأغدق عليها من أموالها , وعاشت سحر في ظل خالها .

وهي لا تعلم أن هذه الأموال من خير والدها ومؤسسته ذات الشهرة العالية في المنطقة .

كما أنها تجهل وتستغرب من هذا الكرم المادي , وبخل العواطف والمشاعر الخالية من المحبة والحنان .

وبدأ عقلها ينفتح على عالم السؤال , لتدور خواطرها في مناقشات حادة وعنيفة .

وتحصل على الإجابة على جميع استفساراتها , بجملة بسيطة ( لا أعلم ) .

ظلت سحر أسيرة لمناقشاتها الحادة , وبدأ سحر جمالها الرباني يذبل , وتتساقط أوراق وردة حياتها .

ورمت بها مناقشاتها الحادة في بحر الهموم المتلاطم , وانفصلت عن عالم الماديات .

لم يكلف خال سحر خاطره ليسأل سحر عن سر هذا الذبول والشحوب .

فعلاقته بالمال وتنمية المال أكبر من أن يتعثر بطفلة تعكر علية حب جمع الأموال .

وعندما جاءت لحظة سؤال سحر عن سبب هذا الشحوب , كانت الطريقة في غاية الغرابة بالنسبة لسحر ولكنها متوقعة من شخص قد شُرب حب جمع الأموال .

ابنتي سحر يوجد ظرف تحت وسادتك فيه مبلغ من المال , لا تندهشي فالعطلة على الأبواب .

وعادت سحر إلى عالم الشحوب والذهول .

 وأخذها تفكيرها الطفولي يجرفها إلى سلك الطرق الوعرة والخطيرة .

وتتعثر أقدامها بحجرة صلبة وقاسية لا . لا ليست حجرة بل صخرة وأن صح التعبير جبل من الرذيلة مغلف بالحرير .

ضم سحر إلى أحضانه ووعدها بالإجابة على جميع أسألتها واستفساراتها .

تحول تفكير سحر , وأخذ يمنيها بالإجابة , ونوع الاستفسارات , وعن سبب هذه المعاملة المتناقضة والغريبة من خالها , وتلقي بنفسها على سريرها  .

 لم يبقى عن الموعد إلا يوم واحد , صبرتُ طوال هذه المدة سوف أتحمل وأصبرُ , يوم يعني أربعة وعشرين ساعة وتنتهي كل وساوسي .

ولن يكون هنا مجال للتفكير , سوف أقطع الشك باليقين ويرتاح عقلي وقلبي من الهموم .

غدًا تزول كل الأوهام وتندمل كل الجراحات .

تبسمت ثنايا سحر وهي تنتظر اللقاء المرتقب .

حاولت سحر أن تنام ولم تستطيع , فقد هجرها النوم من الفرح , كما هجرها في فترة تلاطم الهموم  والشكوك .

فالحزن قد سرق من جفونها النوم , والفرح أيضًا .

أغلقت جفونها للاسترخاء .

فتحت سحر جفونها تحققت النظر .

 تمعنت في المكان هالها المنظر .

هل فات الوقت ؟

هل تستطيع سحر أن تتدارك الموقف ؟

خانتها أقدمها وتحجرت في مكانها .

أسعفها تفكيرها .

 وأجابها لسانها , بحروفه القليلة سحر . سحر .

قالت سحر : نعم .

وكرر لسانها سحر . سحر .

لم يكن هذا الموعد إلا موعد مع الشيطان .