أنا أم هي ؟!

بين أحضان الأمومة الحنونة , ترعرع ونشأ ، وعاش بينها , أشربته من حليبها , سهرت معة ليالي مرضة , وكانت دائما تتمنى أن ينطقها ..
نعم , ما أجمل تلك الكلمة (ماما),كلمة تحمل كتلة لاحدود لها من معاني الحب والعطف والحنان , لا يمل من يكررها أبدا,وهي تردد له تلك الكلمات عسى أن ينام
"نــام يوليدي نومة الهنية
نومة الغزلان في البرية
ولدي احسك بالحشا وانت على صدري
يوم ترويني ضوى وتغسل شقى عمري"
حتى أغمض عينيه وهي تهز سريرة لليمين تارة ولليسار تارة أخرى,وبعد أن نام علي , جاء اليها أبن أختها محمد الذي كان في الثلاثينيات في عمرة فقال لها : أهلا عمتي , لماذا لم تنامي إلى الآن
فقالت له: ماذا أقول لك يا إبن أختي, سهرت طول الليل حتى أجعل محمد ينام
فنظر إليه وهو مبتسم وقال له : لقد أتعبت عمتي يا محمد
ثم تقاسما الضحك سويا , بعد لحظات قال لها : انا ذاهب لأرتاح فهل تريدين مني شيء
فقالت له : سلامتك يا علي
فقال لها : إذا , تصبحين على خير فأنا أشعر بالإرهاق
.....
بعد سنوات طوال من العمر
أصبح عمر محمد 23 سنة

بعد أن نهض من نومة

أستقبلته أمة وقالت له : صباح الخير يا ولدي , لقد تأخرت في النوم كثيرا اليوم
فقال: تأخرت !!! ما الساعة الآن ؟
فردت عليه : إنها التاسعة والنصف يا بني
فقال : يا إلهي , لقد كنت متعبا من ليله الأمس , كانت ليله طويله شاقة من العمل
فقالت له : سلامتك يا بني , أود أن أذهب إلى السوق حتى أقضي بعض الحاجيات للمنزل
رد عليها دون تردد : إذا , إلبسي عبائتك وأنا سوف أذهب الى السيارة أنتظرك
فقالت: حسنا يا بني , دقيقتان وأكون عندك
بعد دقائق ركبت الأم السيارة
فقالت له: هيا يا بني , سق ولا تسرع أبدا , فإن السرعة تؤدي إلى الموت
فقال: حسنا يا أمي , لا تخافي علي
سار محمد حتى وصل إلى السوق
فقال : حسنا يا أمي لقد وصلنا
فنزلت الأم ومعها محمد
حتى يقضيان الحاجيات للمنزل
وبينما كانت الأم مشغولة في قضاء الحاجيات
كان محمد جالسا وحيدا على كرسي الأنتظار في وسط المجمع
جلست بجانبة فتاة جميلة تفوح منها رائحة العطر , شقراء الشعر , زرقاء العينان
فقالت له : مرحبا
فرد عليها : أهلا
فقالت له : سررت بلقائك , إسمي ياسمين
فقال لها : شكرا , وأنا محمد
حتى إستغرقا في الحديث الذي دام حوالي 15 دقيقة
فقالت له : حسنا أستأذنك الآن , أبي في إنتظاري
ذهبت هذة الفتاة وتركت معه رقم جوالها
فكانت علامات الإستفهام واضحة على وجهه وهو متردد
هل أخذة أم لا
حتى خرجت الأم
فقالت له : ما هذا الذي بيدك يا محمد
فقال وهو يتلعثم : لا .... لاشيء يا أماة لا شيء
قالت له :هل أنت متأكد
فقال لها : نعم أنها من ورق قطعة الحلوى التي تناولتها قبل قليل
فقالت له :حسنا يا بني لقد تأخرنا عن المنزل لقد اصبحت الساعة الثانية عشر ظهرا
فرد عليها بإستغراب !! : لم أنتبه للوقت يا أمي فقد كنت سرحا
حتى عادا الى المنزل
ورمى محمد نفسة على السرير
وهو يتذكر ملامح تلك الفتاة
ادخل يدة في جيبة وأخرج الرقم الذي أعطتة إياة ياسمين
وهو متردد
هل أتصل ؟!
لالا لن أتصل
لا بل سأتصل
لا لن أتصل
حتى وسوس إليه الشيطان
( يالك من ساذج أتفوت فرصة مثل هذة...)
فقال : هذا صحيح , يالي من مفوت للفرص أأفوت مثل هذة الفرصة ؟!
ثم اتصل على الرقم المدون في الورقة ويداه ترتجفان
حتى سمع صوت ينبعث منة الرقة والنعومة :
أهلا محمد , كنت بإنتظارك لماذا تأخرت
فقال : تأخرت !! نعم نعم , أسف على تأخري
فردت عليه : لا يوجد مشكلة حبيبي
هنا تلعثم محمد حين قالت له (حبيبي) : حبيبك ؟!!
فقالت له : نعم لقد أحببتك من أول مرة التقيتك فيها
فرد عليها متفاجئا : حقا؟! , لم أكن أعلم
ردت عليه مازحة : نعم , لم تكن تعلم لأني لم أخبرك
وتقاسما الضحك والحوار
حتى سمع صوت ينادية
- يا محمد ! , الغداء جاهز
فرد عليها : حسنا يا أمي انا قادم
- ياسمين حبيبتي , انا سأتناول وجبة الغداء سوف أتصل بك بعد أن أنتهي
ردت عليه : حسنا يا محمد , انتبه لنفسك , انا في أنتظارك
ثم قال لها : مع السلامة
فقالت : محمد !
فقال لها : نعم
قالت : أحبك يا محمد
فرد عليها وملامح الخجل ظاهرة على وجهه
- وأنا أيضا
ثم ذهب محمد إلى صالة المنزل حتى يتناول وجبة الغداء
جلس على الكرسي الأيمن من طاولة الطعام بينما كانت أمة تجلس مقابلة له في الجهة اليسرى
عم الصمت قليلا
حتى تكلم محمد : أمي , أريد أن أطلب منك طلب ولكنني خجل
ردت علية : تفضل يا محمد إني أسمعك
فقال لها : بصراحة يا أمي , لقد قررت الزواج !
فبدى على وجه أمة الفرح والسرور من هذا الخبر
(غير مصدقة ) - أحقا ما تقول ؟!
فقال : نعم يا أمي
فقالت له : لقد كبرت يا بني , ياله من خبر مفرح , سوف أبحث لك عن فتاة تناسبك
فقال : لا لا يا أمي لا ترهقي نفسك , سوف أتزوج صديقة دراستي في الجامعة
فردت عليه : حسنا يا ولدي , كما تشاء

بعد أن انتهى من وجبتة ذهب فرحا إلى غرفتة
وقفز إلى سريرة وأمسك هاتفة النقال
وأتصل بـياسمين
- أهلا حبيبي
فرد عليها : أهلا يا قلبي
فقالت : يا محمد , هل أنت متزوج
فقال : لا يا حبيبتي , ولكني قررت الزواج
فبدى عليها الحزن قليلا
فقال لها ما بك ؟
ردت عليه بإنكسار : كنت أود أن أكون زوجتك ..
وقال لها : أنت كذلك يا حبيبتي
قالت : بإستغراب : أنا!؟ .. كيف
فقال لها : لقد أخبرت أمي انني قررت الزواج منك , فوافقت ولكن سوف آخد رأيك بالأول
ردت عليه بفرح شدييد : حقا!! أ.. أنا موافقة
فقال لها : ولكن .. لدي مشكلة
قالت : مشكلة !! ماهي؟؟
فقال لها : انا لا أملك شقة , فهل تمانعين أن أسكنتك في بيتي حتى تتعدل الأوضاع
فقالت : لا مشكلة أنا موافقة بأن أسكن في بيتك
فإتفق معها على موعد ومكان الخطبة والزواج
في يوم الخميس
حتى أتى الخميس
وهو ينتظرة بفارغ الصبر
فقال لأمة : هيا يا أمي لقد تأخرنا
قالت له : لحظة يا ولدي
حتى ركبت السيارة
وصلا الى المكان المحدد وأثر الأندهاش كان باد على وجهيهما
فقال محمد : ياله من مكان جميل
قالت الأم : نعم , أنة كذالك ولكن أين الجماعة
حتى ظهرت ياسمين من بين الزهور
ونادتة : يا محمد , تعال إلى هنا
حتا كتبا كتابهما على بعض
وكانت الزواج في وقت متأخر من الليل
حتى ذهب كل من في الحفل
وذهب معها إلى بيتة وأسكنها
وبعد 3 أشهر
أحست ياسمين ببعض الآلام في بطنها وكانت قوية بعض الشيء
فقال لها : حبيبتي , هيا بنا سوف آخذك إلى المستشفى
فأمسك يديها , وأنزلها من أعلى الدرج بحذر , حتى أركبها السيارة
وما ان استغرقت نصف ساعة حتى وصلا إلى المستشفى
فقال لها : لحظة يا حبيبتي انتظريني في السيارة , سوف أجيئ لك بكرسي لكي لا ترهقي نفسك
فقالت : حسنا , ولكن لا تتأخر
ذهب محمد الى المستشفى حتى قابل موظف الإستقبال : السلام عليكم
رد الموظف : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة
فقال : هل يوجد لديكم كرسي ذو عجلات
فرد عليه : نعم إنه خلف هذا الباب في الضفة اليسرى
فقال : حسنا , شكرا لك
وذهب محمد وأحظر لها الكرسي وأركبها , حتى سمعا إسمها , وقال لها : ها قد جاء دورنا , هيا بنا
وساقها حتى وصلا إلى الغرفة التي وصفتهما لها الدكتورة
فقال: أهلا يا دكتورة
فردت عليه أهلا بكما وتوجهت إلى ياسمين : مما تعانين يا ياسمين

فقالت ياسمين : نهضت اليوم في الصباح على أثر آلام في البطن
حتى قررت الدكتورة الكشف عليها
وبعد لحظات , قالت الدكتورة : محمد وياسمين , ألف مبروك , أمرأتك حامل
فنزلت منهما دموع الفرح , وخرجا من المستشفى , ثم ذهب إلى البيت
فقال لأمة : يا أمي يا أمي !!
فقالت : ما بك يا محمد
فقال : أمي سوف أصبح أب عما قريب
فقالت : أحقا ما تقول يا محمد
فقال : نعم يا أمي
فسجدت لله شاكرة
ثم ذهب ليخبر زوجتة أن تأتي معه إلى السوق لكي يقضي حاجيات للأطفال
وبعد عدة شهور , ظهرت على ياسمين آلام الولادة , فذهبا الى المستشفى , ودخلت إلى غرفة العمليات
وبعد ساعة ... , فخرج الدكتور وقال له : الف الف مبروك يا محمد , المولود الجديد
ففرح محمد كثيرا
ثم ذهب لياسمين بعد ان ارتاحت قليلا
فقال لها : أرأيت يا ياسمين لقد اصبحت أما
فقالت له : نعم يا محمد اصبحت أما أخيرا
ماذا ستسميه يا محمد
فقال لها : (جاسم)
فقالت: جاسم ... أسم جميل
فقرر الإتصال بأمه كي يبشرها بالمولود
فقال: يا أمي يا أمي .. لقد اصبحت أبا يا أمي
فرحت كثيرا حتى بكت وقالت له : الف الف الف مبروك يا محمد
ماذا قررت أن تسمية
فقال لها : سأسمية (جاسم)
فقالت له : ونعم الإسم

حتى ذهب محمد إلى البيت , وبقيت ياسمين يومان في المستشفى , وبعد مرور يومان
أتصل له موظف المستشفى وقال له : يمكنك ان تخرج زوجتك ولدك الآن
فقال له : سوف آتي حالا
حتى ذهب للمستشفى , وأخذ المولود وركبا الى السيارة جميعهم , ورجعا إلى البيت
فقالت ياسمين : انا ذاهبة للأستحمام , أنتبه لجاسم
فرد عليها مازحا : وهل يحتاج إلى توصية
فتبادلا الضحك
ثم ذهبت ياسمين لتستحم
وأخذت أم محمد المولود وضعتة بين أحضانها
ثم تأملت وجهه
وقالت لمحمد : أتذكر أنك كنت يوما من الأيام طفلا بهذا الحجم
فضحكت أم محمد قليلا حتى قالت : كنت تتعبني حين أود ان أجعلك تنام , فإنك لا تنام أبدا
فعلى صوت ضحكهما وسرعان ما أنتهى
حتى خرجت ياسمين , بعد أن لبست ملابسها
ونادت على محمد أن يأتي لها إلى الغرفة
فقالت له : يا محمد , لدي طلب ولاكن أخشى أن تردني
فقال لها : لك عيوني اطلبي ما أردتي
فقالت له : (دون أهتمام لما سوف يحصل) , بما أننا أنجبنا طفلا وضاق البيت وأمك كبيرة في السن , لماذا لا تذهب بها إلى دار العجزة
فقال لها
ولك...
ولم يستطع أن يكمل حتى قاطعتة
لكن ماذا ..؟!
أنت الآن بين خيارين , أما أمك العجوز البائس , وإما انا
فتلعثم وتمتم قائلا : يا إلهي أنا في ورطة الآن , فليس بإمكاني أن أتخلى عن فتاة جميله , وليس بإمكاني أن اضع أمي التي ربتني في دار العجزة

ومرت ساعات من التفكير
حتى أتى له الشيطان
(أهل تتخلى عن فتاة جميله الوجه وشقراء الشعر وزرقاء العيون , لأجل عجوز بائس ملأت التجاعيد وجهها وقد أنقضى عمرها فليس باقي من عمرها شيء , ولكن الفتاة سوف تبقى معك طوال العمر فلا زالت شابه يضرب بها المثل)
قطعت ياسمين تفكيرة وقالت : مابك .. تكلم .. ماذا قررت , أنا أم هي ؟
وأخيرا جاء الرد القاسي من قلب قاس : (أنت)
فقالت له : إذا كيف سوف تتخلص منها ؟
فقال لها : لا عليك سوف أتدبر أمرها
حتى نزل إلى أمة
وقال لها : يا أمي أريد جاسم سوف تأخدة أمة لكي ترضعة
فأخذ جاسم وأركبة إلى ياسمين وسرعان ما نزل إلى أمة مرة أخرى
وقال لها : يا أمي , ما رأيك أن نخرج لنتنزة قليلا في الحديقة؟
فقالت له : ماهي المناسبة ؟
فقال: بمناسبة أني أصبحت أب .
فقالت له: هكذا إذا , هذة أول مرة تأخذني في نزهة في عمري
فأخد يد أمة وركب السيارة
ثم ذهب إلى الحديقة كي يتنزها
حتى اصطنع أنة في مكالمة مهمة
فقال لها : سأتركك هنا بعض الشيء , وسرعان ما سأعود
وأعطاها ورقة
فقال لها : هذا رقمي
فقالت : ولكني لا أستطيق القراءة
فقال محمد: لا مشكلة ابحثي لك عن أحد في هذة الحديقة
فقالت: لا مشكلة , ولكن لا تتأخر
فقال : إن شاء الله يا أمي
وذهب محمد إلى ياسمين والأبتسامة تملأ وجهه
فقالت له: نعم , هذا محمد الذي أعرفة من قبل
فقال لها : ما رأيك
فقالت: لقد أعجبتني صراحة , لقد خلى لنا المنزل , أنت وأنا وجاسم
...
وفي الجانب الآخر , ظلت أم محمد منتظرة , ساعة .. ساعتان ... ثلاث , لم يأت محمد
فقالت : لقد ذبحني الجوع , قتلني العطش
حتى أتت لها أمراة
فقالت لها: مالك يا أختاه ؟
فقالت أم محمد : إني أنتظر ولدي
فقالت: ومن متى تنتظرينه ؟
فقالت لها : من حوالي 3 ساعات
فقالت لها المرأة: لماذا لم تتصلي له ؟
فقالت لها: لقد أعطاني ورقة كتب فيها رقمة ولكنني لا أستطيع القراءة
فقالت : أعطني الورقة
وما أن نظرت إلى الورقة حتى إنهمرت بالدموع
فقالت لها أم محمد: ما بك يا بنيتي ؟
فقالت : لا شيء يذكر, لماذا لا تذهبي معنا إلى البيت ؟!
فقالت أم محمد : لا سوف أنتظر ولدي
فقالت لها : هل أشتري لك بعض المأكولات
فقالت أم محمد : أود لو فعلتي ذلك
فقالت لها : إذا , أنتظريني لحظة ولا تتحركي من مكانك
ذهبت لتشتري لها بعض المأكولات
ومن الجانب الآخر
محمد :يا ياسمين , مارأيك أن نذهب إلى الكويت
فقالت : فكرة جميله
فقال : اذا إذهبي وضعي الأغراض في الحقيبة
فقالت : إنتظرني
وما أن أنتهت من ترتيب الحاجيات
ركبو السيارة
محمد , ياسمين , وجاسم
حتى إنطلقا إلى الكويت
ولكن ... , فجأة ... , عم الصمت ... , وإذا بإنفجار إطار السيارة ... فقد محمد السيطرة فقد كان يسرع في الخط السريع , حتى إنقلبت بهم السيارة
وبعد ساعات
نهض محمد من غيبوبتة التي استمرت ساعتين
اه .. جسمي يؤلمني
حتى نادى الدكتور , فحضر له الدكتور
وسأله محمد
أين البقية ؟!
قال الدكتور : تقصد الفتاة والولد ؟
فقال : نعم
فقال الدكتور بنبرة حزينة : لقد توفيا من أثر الإنقلاب
فبكى محمد بكاء شديدآ نادما , متكسرا , متحسرا على ما فعلة بأمه
فقال للدكتور يا دكتور  : أود لو أن توصلني إلى منتزة الملك فهد
فقال له : لا مشكلة , هيا بنا
وسرعان ما وصلا الإثنان الى المنتزة
فقال له : شكرا لك
وذهب الدكتور
حتى رأى محمد سيارة إسعاف في وسط زحام كثيف في المكان الذي ترك فيه محمد أمة
وذهب إلى هناك على الكرسي فقد كان متكسرا
فقد صعق عندما رأى هذا المنظر
وسرعان ما عادت المرأة ومعها المأكولات
حتى صعقت بما رأت , فقد رأت أم محمد طريحة على الأرض , قضت نحبها !!
فسقطت منها المأكولات والورقة التي كان قد كتبها محمد
فحملتها الرياح إلى أحضان محمد فقرأها ومزقها
فقد كانت من دمرت حياته
فقد كان مكتوبا عليها
(من رآها فليذهب بها إلى دار العجزة !!!)