ما يُمبّى ليها !!

 

تلك حكمة مؤثرة ألِفتها من رئيسي في العمل " الذي أحترمه كثيراً " عندما تبدو الأمور قد وصلت إلى طريق مسدود، وإن الحلول باتت في حكم المُستعصية ، إن لم تكن مستحيلة، فقد تعلّمت منه  " مشكوراً " وعلى مدى سنوات من المراس ، وعبر نظرية " المحاولة والخطأ " إن المرء إذا ركز إهتمامه على المشكلة ولم يبادر في التفكير " خارج الصندوق " فستضيق فرصة العثور على الحلول ، وستزداد الأمور تعقيداً أكثر مما كانت عليه ، وكما يقول المثل المصري " بسِّطها تتبسّط ، وحجِّرها تتحجّر " فالحدث - أي حدث كان - ليس له أي معنى ، غير المعنى الذي نُعطيه إياه ، فإن نحنُ أعطينا الحدث معنى إيجابياً ، فإن النتائج بالتأكيد ستكون إيجابية ، والأمور في المُتناول ، والعكس بالعكس . 

الحياة يا أعزائي ستبدو أكثر سهولة وإشراقاً ، لو أننا بسَّطناها، ولكن للأسف لو أُعطي مُعظمنا طريقتين للقيام بأمرٍ ما، أحدها سهلة، والأخرى مُعقّدة، لأختار الأصعب والأكثر تعقيداً !! لا، بل أسوأ من ذلك، فبعضنا يمضي وقتاً مُضنياً لإختيار طريقة صعبة ومُعقدة للقيام بالأعمال، أو إدارة الأحداث ، عندما لا يجد أمامه واحدة من الحلول الجاهزة يختارها فوراً ، والتي ربما لا تتناسب البتّه مع الوضع القائم الآن ، أو المشكلة محل البحث والدراسة . 

لسنا بحاجة إلى تعقيد حياتنا أكثر مما هي مُعقّدة بالفعل في عصر السرعة، وأحداث الحياة غير المتوقعة ستمتحن قدرتنا على الإبتكار والإبداع ولو بعد حين ، وعندما تكون الفرصة سانحة فإن هناك عددٌ كبير من الأفراد في هذا العالم لديهم الإستعداد للقيام بما عجزنا عنه وبكل سرور، إذا ما تقبّلنا ذلك ، إذن نحن لسنا بحاجة إلى أن نضع لأنفسنا تعقيدات خاصة ، ثم نقوم برثائها لسوء التوفيق .        

 يا تُرى ما هو السبب الذي يدفع الناس إلى تعقيد حياتهم دون داعٍ !! أعتقد إنها مُعضلة كُبرى تجعل من عيادات الأطباء النفسيين قبلة لكل هؤلاء الذين يميلون إلى التهويل ، والتصعيب ، والتعقيد ، ووضع الأمور في زاوية ضيِّقة جداً تجعل من فرص إيجاد الحلول أمراً مُستعصياً في نظرهم ، وليس هذا فحسب ، بل يجعلهم عُرضة للتشاؤم والإكتئاب ، وهذا قد تم إستعراضه في مقال سابق بعنون " دُعاة التأزيم " ولا حاجة لتكراره في هذا المقام . 

 يدهشني بالفعل هؤلاء الناس الذين لديهم المهارة الفائقة في خلق الأزمات بدلا من خنقها . وفي إستحسان التصعييب ، عوضاً عن التبسيط ، وفي الميل إلى حجز أنفسهم ، ومن حولهم في زاوية ضيقة جداً ، تتبدد معها أي بارقة أمل للخروج من الأزمة ، أو الموقف الحرج الذي يُخشى من تداعياته ، والأمورلا تحتمل ذلك على الإطلاق ، لأن التفاؤل المتوازن يوفر جواً من الطمأنينة والإرساء النفسي الذي تُصبح معه الحلول مُتاحة ومتيسِّرة بإذن الله .  

 فعلاً " ما يُمبّى ليها " يا أعزائي ، فمن الخطأ الفادح وضع العُصي في الدواليب ثم الشعور بخيبة الأمل والإحباط ، وإستصعاب الحلول ، لأن أحد قوانين العقل الباطن ، وهو " قانون الإنعكاس " يقول : ما تُرسله يرتدُّ إليك ، فلا تتوقع أن يهديك العقل حلولاً إيجابية إذا كان أصلاً يشعر بالعجز ، واليأس ، والدخول في نفق مُظلم ، وإنعدام الرؤية تماماً، وهذا ما لا يتناسب مع القدرات الهائلة الكامنة التي أودعها الباري فينا لتساعدنا على تسهيل حياتنا حيثما شطّرنا، ولكن الأهم هو أن نُدركها ونُحسن إستغلالها حامدين شاكرين، وإلاّ فلا . تحياتي .         

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية