حاسبوا المجالس البلدية

 

السعي للكمال


إن أقصى ما يستهدفه الإنسان طوال مسيرة حياته هو الكمال, والارتقاء بنفسه إلى أعلى مستويات التقدم. وكذلك الحال فإن المجتمع الإنساني والذي يتألف من مجموعة من الأفراد تربطهم مصالح وأهداف مشتركة, يستهدف في أقصى ما يستهدفه من أهدافه وغاياته تحقيق الكمال وبلوغ أعلى درجاته.
وقد لا يختلفَنّ  أحد على أن طموح الفرد الانساني لا تقف عند حد. حتى أنه من خلال ذلك استدل بعض الفلاسفة والمفكرين على وجود إله خالق ذي كمال مطلق لا يحده حد. وأن الإنسان يسعى للوصول إلى ذلك الخالق  الكامل عبر الترقي لمدارج الكمالات, وقد يكون هذا السعي كامن في فطرته, دون وعي فيه لحقيقة هذا السعي ومآله.
السعي للكمال لدى كل المخلوقات التي يلاحقها النقص هو دوام تقييمها لنفسها وما تقوم به من أفعال. إلا أن نفس هذا التقييم يتطلب دوام المراقبة, والتي يعتبرها أصحاب السير والسلوك من ضروريات سيرهم وسفرهم نحو الكمال. وسيقود هذان المبدآن بضرورة المحاسبة. فإن كنا نتحدث عن الفرد الإنساني, فلا بد من أن يقوم بمحاسبة نفسه بعد أن قام بهاتين المرحلتين ألا وهما دوام المراقبة والتقييم.
وكذا فإن هذه المراحل الثلاث ستقود لتحفيز وحث الإنسان للتخلص من العيوب وبالتالي تحقيق المزيد من الفتوحات الكمالية في وجود ذلك الإنسان. ويمكن تمثيل ذلك بالشكل التالي:

حاسبوا المجالس البلدية


 وإذا كانت الحال هذه، فلا بد إذاً من هذه المبادئ الأربعة للوصول للكمال. وهذا بالطبع ينطبق على المجتمع البشري وتقدمه. لذا فلا بد لي مؤسسة خدمية تستهدف خدمة مجتمعها من القيام بشكل دائم بهذه الخطوات الأساسية الأربع. وكذا فإنه يتوجب على المستفيد من خدمات تلك المؤسسة القيام بمثل هذه الخطوات الأساسية الأربع. هذا إن كنا نريد وصولاً للكمال وتحقيقا لرقي المجتمع.
فمجتمع كمجتمع القطيف ذو الحضارة والتاريخ السحيق في القدم، لهو أولى بالقيام بمثل هذه المبادئ الأربعة الأساسية للتقدم والتطور والكمال. وباعتبارنا ننتسب لأشرف دين, وهو دين الإسلام . والذي مثل ويمثل أعلى مراتب الارتقاء بالبشرية من خلال المبدأ الرائع الذي أطلقه أشرف الأنبياء محمد حين قال: كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته. وإن هذا لعمري إكسيرٌ للحياة البشرية. فهو بذلك يبني مبدأ المراقبة, والتعميم والمحاسبة والتحفيز لكل أفراد ومؤسسات المجتمع البشري قاطبةً.  ويعطي فيما يعطي وقودا ملهباً للغيرة والنخوة والشهامة والإنسانية.
وانطلاقا من هذا المبدأ الراقي جاءت أهمية المجالس البلدية. والتي بدورها تقوم بمراقبة وتقييم ومحاسبة وتحفيز الجهاز البلدي الذي يعتبر وبدون مبالغة الجسد لكل المدن. والمحور الرئيس لتقدمها وارتقائها.

دور المجالس البلدية

قد تقوم بعض المجالس البلدية بتقديم مقترحات, ولا تكتفي بالقيام بدور المراقب والمقيّم والمحاسب, إلا أن أهم دور يمكن للمجالس البلدية القيام به - حسب رأيي-، هو دور المراقبة والمحاسبة. خصوصاً بأن اقتراح مشاريع أو أي أمور أخرى قد تنتابه الكثير من الصعوبات على المجالس البلدية. وهذه الصعوبات تتجسد في إيجاد رؤية موحدة لدى كل أو معظم أعضاء المجلس. فلو أقترح أحد أعضاء المجلس مشروعا ما, فقد لا يراه العضو الآخر مشروعا هاما. وقد يصل الاختلاف في تقديم هذا المقترح أو ذاك لنسبة كبيرة من أعضاء المجلس. الأمر الذي يعيق من إيصال المقترح للبلدية. خصوصا إذا أخذنا في عين الاعتبار وجود أعضاء من تخصصات وأراء وتوجهات مختلفة. وحتى لو صوت معظم أعضاء المجلس على تقديم مقترح ما للبلدية. فقد لا توافق البلدية على هذا المقترح. وبالتالي يكون المرجع النهائي لإقرار ذلك هو الوزير .

الأمر الذي قد يعتبره البعض معيقاً ومحجما لدور المجلس البلدي بشكل كبير. بل وقد يتجاوز بعض النقاد هذه النظرة لأقتم منها سواداً, باعتبار أن هذا الكائن الذي يسمى المجلس البلدي كائن ليس متعاف البدن. وجسد بلا روح. فحتى يكون المجلس البلدي فاعلا حقيقياً يرى البعض بأنه لا بد من منحه المزيد من الصلاحيات ليتمكن من أداء دوره والقيام بمهامه وتحقيق أهدافه المرجوة. وعلاوةً على ذلك فقد رأى آخرون أهمية أن يكون جميع أعضاء المجلس البلدي منتخبين. وكذا فقد رأى البعض الآخر عدم الرجوع للوزير لقطع أي نزاع أو اختلاف قد يحصل بين أعضاء المجلس.
إلا أن نفس هذا المجلس البلدي والذي وظيفته الأساسية " المراقبة, تقييم أداء الجهاز والعمل البلدي, ومحاسبته", لابد له من جهة تحاسبه وتراقب أداءه . وذلك انطلاقا من مبدأ "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته". وإن أولى أن يقوم بهذا الدور العظيم هو من انتخب أعضاء المجلس البلدي, أي عامة الناس. ولا ضير في قيام الناس بهذا الدور العظيم، بل الضير ألا يقومون بمحاسبتهم.

تقييم أداء المجالس البلدية

إن لكل عضو منتخب من المجلس البلدي برنامجه الانتخابي. وهذا البرنامج لابد وأن يتضمن رؤية وأهدافا يسعى لتحقيقها. وبطبيعة الحال فإن تلك الأهداف لابد وأن تتصف بخمس صفات هي: محددة وواضحة, يمكن قياسها , مركزة على النتائج, ومستندة إلى عامل الوقت, وتكون ضمن الرؤية العامة. فإن مراقبة وتقييم ومحاسبة المجالس البلدية لا بد وأن تنطلق من خلال نفس الرؤية والأهداف الموضوعة والمحددة والمعلنة من قبل كل عضوٍ منتخب.

إذ لا بد لأي فعل أو حركة من هدف معين يولّد في المرء رغبةً وحافزاً للقيام بذلك العمل. فالهدف يمثل روح وحياة العمل. لذلك فإن أي منظمة تسعى بطبيعة الحال لتحقيق أهداف معينة, وأن تحقيق الأهداف يمثل لأي منظمة قمة النجاح المبتغى. إذ "يجب أن تكتب أهداف المؤسسة عامة وتشمل كل ما يتطلب عمله للوصول إلى المهمة التي أقيمت من أجلها المؤسسة" . وبطبيعة الحال فإن المجلس أحد المؤسسات التي يجب أن تكون له رؤية محددة وواضحة وعامة لكل أعضاء المجلس. لا أن تكون أهدافا متناثرة، أو متضاربة الأولوية والأهمية. وأن من الأولى والأجدر أن يكون عمل وأداء جميع أعضاء المجلس كفريق واحد.

ومن هنا قد أكد البعض الآخر أهمية أن يتم السماح بإقامة تكتلات مؤسساتية تعنى بالشئون البلدية والعمرانية. ليكون انتخاب المجالس البلدية من خلال انتخاب هذا التكتل أو ذاك, وكذا يمكن ترشيح وانتخاب مرشحِين مستقلِين. فالمؤسسات والتكتلات الأهلية هي من قد تستطيع القيام بهذا الدور الكبير من مراقبة وتقييم ومحاسبةٍ للجهاز البلدي وأداءه, إضافة إلى وضع مقترحات ومشاريع مبنية على أسس علمية .

وباعتبار أن النجاح للمجلس البلدي في وقت ما، لا يعني الاستمرار في النجاح. وحتى في حالة تحقيق الأهداف المرسومة والمرجوة للمجلس البلدي فلا بد من ضرورة استحداث أهداف جديدة أو مقاييس جديدة وسقف للأهداف جديد. فلا بد من ديمومة التطوير لمواكبة متغيرات الزمن والظروف التي تشتد وترتخي, والمستجدات والتطورات التي تحدث عبر الزمان. فذلك لابد من تجديد واستحداث أهداف جديدة في تحقيقها، وذلك لإحراز الديمومة في التطور والنمو. لذلك فإن أي تقييم نجاح أو فشل للمجلس البلدي يلزم أن يذكر خلالها الزمن والتاريخ الذي أجري فيه هذا التقييم. وذلك لأن الأهداف يلزم أن تكون قابلة للقياس كأحد المقاييس من خلال عامل الوقت. لذا يتضح أهمية ديمومة مراقبة وتقييم وكذا ديمومة المحاسبة، ومن ثم ديمومة التحفيز، الأمر الذي سيقود لديمومة دوران عجلة التكامل.

معايير ومحددات قابلية المجلس البلدي للنجاح

إن إحراز الأهداف أمرٌ بالغ الأهمية، ويمثل أمراً مصيرياً لنجاح أو فشل المجالس البلدية والمؤسسات عامة. إلا أن إحراز أهداف تلك المؤسسة و ذلك المجلس البلدي لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تحقق فيها (أي المجالس البلدية) شروط ومقومات لذلك.أي أنه لتحقيق أهداف المجلس البلدي لا بد أن يمتلك المجلس قابلية لذلك. إذ لا يمكن أن يحقق المجلس البلدي أهدافه، إلا عن طريق قابليته والمتمثلة في ما يمتلكه المجلس من مقومات وموارد وكوادر, .....وغيرها. ويمكن أن نصطلح على هذه المقومات بقابلية المجلس البلدي للنجاح. فباعتبار أن لأي مجلس بلدي أهداف محددة, إلا أنه (أي المجلس البلدي) لا بد وأن يستخدم موارده وكوادره وقدراته المالية من أجل تحقيق أهدافه.

إن ما تمثله الأهداف بالنسبة للمجلس البلدي هي أهداف خاصة به. وقد تكون مختلفة عن أهداف مجالس بلدية أخرى ذات نفس المواصفات من حيث حجمها وموقعها الجغرافي وعدد أفراد أعضائها وغيرها من الصفات والمميزات. إذ يمكننا القول بأن الأهداف هي حالة خاصة بالمجلس البلدي نفسه, فإن الأهداف تختلف من مجلس بلدي لآخر. إلا أن قابلية المجلس البلدي للنجاح هي حالة وصفات ومعايير عامة يلزم أن يتصف بها كل المجالس البلدية من أجل إحراز الأهداف المرجوة. حيث أن معايير وعناصر قابلية المجلس البلدي للنجاح هي (في خطوطها العريضة والأساسية) موحدة وعامة لجميع المجالس البلدية. أي أن هناك معايير محددة لقابلية المجلس البلدي للنجاح, ولكن كل مجلس بلدي لديه قدر ما من كل صفة ومعيار. وحيث أنه من اللازم أن يمتلك المجلس البلدي قابلية للتطور والنجاح, ليستطيع تحقيق أهدافه.

إلا أنه في حال عدم امتلاك المجلس لقابلية التطور والنجاح، فهو في هذه الحالة لا يستطيع أن يحقق أهدافه المرجوة, وبالتالي قد يتقهقر ويتراجع ومن ثم يفشل. وفي المقابل قد يمتلك مجلس آخر أقصى درجات القابلية للنجاح والتطور, فهو بامتلاكه لجميع مقومات ومعايير القابلية فإنه يستطيع بالطبع تحقيق أهدافه المرجوة والتي يجب –بطبيعة الحال- أن تكون أصلاً ممكنة التحقيق ومتناسبة مع الإمكانات الواقعية للمؤسسة. إذاً فهناك احتمالان إما أن تكون قابلية المجلس البلدي إيجابية أي أن لديه القابلية, وإما أن تكون قابلية سلبية، أي أنه لا يمتلك تلك القابلية.

فمن خلال محصلة مراجعة عدد من البحوث والمصادر تم التوصل إلى عدد من المعايير لقابلية المجلس البلدي للتطور والنجاح. وهي: النظام الإداري والصلاحيات, القيادة والإدارة التي يتحلى بها المجلس, الموقع والمكان الجغرافي للمجلس البلدي, التواصل مع عامة الناس والخبراء, كفاءة الأعضاء وعددهم, خبرة وعمر المجلس, وجود مستشارين محليين من عامة الناس, القدرة على التطوير, القدرة المالية التي يمتلكها المجلس البلدي (Assets), القدرة على الإقناع والتفاوض، وإخلاص وإيمان وولاء فريق العمل لكامل أعضاء المجلس، انسجام أعضاء المجلس. إذاً فإن معايير قابلية المجلس البلدي والنجاح للتطور هي أحد عشر معياراً. ولكن لا بد من القول بأنه ليست كل المعايير بنفس الدرجة من الأهمية. وكذلك فإن الترتيب الذي ذكرناه قد لا يكون مرتباً حسب الأهمية. إذ قد نحتاج لترتيبها حسب الأهمية الأمر الذي قد يتعذّر علينا تناوله هنا.

إن تلك المعايير التي تؤثر في تقدم ونجاح المجالس البلدية كثيرة ومتعددة ولها أوجه مختلفة. إلا أنه يمكننا اعتبار مقدار مدى تحقيق الأهداف معياراً ومؤشرا لنجاح المجلس البلدي. فقد أكد ماركست ولينك Marxt & Link (2002) "أن إحراز الأهداف الأصلية للمؤسسة هي إحدى أوجه نجاح المؤسسات عامة" .
بناء فرضية الحالات الأربع لتحديد مقدار نجاح وتطور المجالس البلدية

باعتبار أن من الممكن أن تكون أهداف المجلس البلدي محققة, فإن هناك احتمالاً آخر، وهو أن لا تكون تلك الأهداف محققة. فيكون الخط المستقيم الذي يمثل تحقق الأهداف حينها ذا اتجاهين، إيجابي وسلبي، كما هو موضح بالشكل رقم (2):

المجالس -2

 
إلا أنه ومن أجل أن تتحقق الأهداف فإن المجلس البلدي يحتاج أن يمتلك إمكانيةً معينةً. فحتى لو امتلك المجلس البلدي أهدافاً تقدميةً واضحةً ومتعارفاً عليها وممكنة التحقيق, إلا أنه لا بد أن يمتلك قابلية تمكنه من تحقيق تلك الأهداف. ويمكن أن نطلق على هذه القابلية بقابلية المجلس البلدي للتطور والنجاح. إذ أن أي تحقيق لأي هدف يُعد تطوراً وتقدماً. وذلك باعتبار أن أي هدف  للمجلس البلدي حين وضعه وصياغته والاتفاق عليه فإن من المفروض ألا يكون ذلك الهدف متحققاً مسبقاً. وإلا فلن يكون هدفاً. فالهدف هو ما تسعى أي جهة لتحقيقه. إذاً فإن الوقت الذي قد تم صياغة الهدف فيه والاتفاق عليه، فإنه حينها غير متحقق ولم يتم إحرازه بعد. لذلك فإنه يمكننا القول بأن اسم "قابلية المجلس البلدي للتطور والنجاح" هو اسمٌ مناسبٌ.
فإذا كانت الأهداف محققة بشكل إيجابي وكان المجلس البلدي قابلاً للتطور والنجاح وصل المجلس لأقصى حالات التطور والنجاح. إلا أن المجلس البلدي قد يخفق في تحقيق الأهداف, فسيكون بذلك هذا المعيار غير محقق وتكون حالة المجلس البلدي من خلال هذا المعيار في حالة سلبية سيئة. فلو فرضنا بأن قابلية المجلس البلدي للتطور والنجاح إيجابيةٌ وعاليةٌ فإن هناك احتمالان هما: إما أن تكون الأهداف محققة وإما أن تكون غير محققة, فيكون تمثيل ذلك بالشكل رقم (3).

المجالس -3

 إلا أنه قد يكون هناك احتمالاً آخر، وهو أن قابلية المجلس للتطور ضعيفة (سلبية). أي أن المجلس البلدي غير قابلٍ للتطور والنجاح، أو أن قابلية المجلس ضعيفة جدا فيكون تمثيل ذلك بالشكل رقم (4).

المجالس -4


 

فينتج عندنا أربع اتجاهات وأربع حالات واحتمالات لتطور ونجاح المجلس البلدي، هي: المربع الأول (+,+), المربع الثاني (-,+), المربع الثالث (+,-), والمربع الرابع (-,-). إذا هناك أربع حالات للمجالس البلدية يمكن من خلالها قياس وتوقع مقدار تطور ونجاح تلك المجالس البلدية. وهذه الحالات هي:
 
أولاً: المجالس المثلى (المربع الأول"+،+")
في هذه الحالة يكون تحقيق الأهداف إيجابياً وبنسبة عالية. إضافة إلى ذلك فإن هذا النوع من المجالس يمتلك قابليةً كبيرةً جداً للتطور والنجاح. وذلك لعدة أسباب قد سبق ذكرها حين الحديث عن تحقق معايير قابلية المجلس للتطور والنجاح. وهذه المجالس تكون دائمة التطور والتقدم في جميع الجوانب. وهذا يقودنا للفرضية التالية:
 الفرضية الأولى: كلما كانت نسبة تحقيق الأهداف إيجابية وكان المجلس البلدي قابلاً للتطور والنجاح وصل المجلس إلى أقصى درجات التنظيم والتكامل والبقاء في السوق. لذلك فإن هذه المجالس يمكن أن نطلق عليها بالمجالس المثلى (+,+). وذلك لأن محوريها يسيران بشكل إيجابي.

ثانياً: المجالس المحبطة و المخفقة في تحقيق الأهداف (المربع الثاني"-,+")
وفي هذه الحالة تكون نسبة تحقيق الأهداف سلبيةً أو معدمةً, أو أن الأهداف الموضوعة والمقرة والمعلنة هي أهداف غير قابلة التحقيق وغير متناسبة مع إمكانيات وقابلية المجلس البلدي. إلا أن هذا المجلس يمتلك قابلية كبيرة للتطور والنجاح بسبب امتلاكه لمعايير قابلية التطور والنجاح بنسبة عالية. وهذه المجالس البلدية لا تتطور ولا تتقدم ولا تنجح, بل تراوح مكانها، ولا تتغير لا طبيعة ولا حجم عملها وإنتاجها وأدائها. لذلك فإنه يمكننا أن نطلق على هذه المجالس البلدية بالمجالس المحبطة المخفقة في تحقيق الأهداف. وأن الجانب الموجب وهو قابلية المجلس للتطور والنجاح يدل على أن هذا النوع من المجالس البلدية تحتاج إلى إعادة صياغة وتحديد أهداف جديدة متناسبة مع قدراتها وظروفها. وهذا يقودنا للفرضية الثانية:
 الفرضية الثانية: كلما كانت نسبة تحقيق الأهداف سلبية وكان المجلس البلدي قابلاً للتطور والنجاح, فإنه يراوح مكانه ولا يتطور ولا يحقق نجاحاً، وتكون حالة كوادره وأعضائه محبطة وقد يكونون غير منسجمين.

ثالثاً: المجالس البلدية ذات القابلية الضعيفة للنجاح (المربع الثالث "+,-")
في هذه الحالة تكون نسبة تحقيق الأهداف إيجابية أو عالية, إلا أن هذه المجالس البلدية لا تمتلك قابلية للتطور والنجاح. الأمر الذي يحرم المكتب من الاستفادة من تحقيق الأهداف. وهذه المجالس بالرغم من تحقق أهدافها, إلا أنها لا تستطيع الاستفادة من تحقيق الأهداف. وتحتاج هذه المجالس إلى تطوير قدراتها وإمكاناتها. وهذا سيقودنا للفرضية الثالثة:
 الفرضية الثالثة: كلما كانت نسبة تحقيق الأهداف عالية وكان المجلس غير قابل للتطور والنجاح فإن المجلس يبقى دونما تطور أو نجاح أو تغير إيجابي.

رابعاً: المجالس الآيلة للفشل (المربع الرابع "-,-")
في هذه الحالة لا يمتلك المجلس لا قدرة على التطور من جهة, ولا أن نسبة تحقيقه للأهداف هي نسبة إيجابية من جهة أخرى. وهذه المجالس لا يمكن أن تصمد كثيراً في خدمة الناس. حيث يواجهها الفشل سريعاً بسبب افتقار هذه المجالس لمعياري النجاح والتطور. وهذا النوع من المجالس البلدية يجب إعادة تأهيلها بالكامل من الناحية الفنية والإدارية والمالية والولائية. وهذا يقودنا للفرضية الرابعة:
 الفرضية الرابعة: كلما كانت نسبة تحقيق الأهداف سلبية وكان المجلس البلدي غير قابل للتطورِ والنجاح، فإن المجلس يتراجع للوراء ولا يستمر بقاؤه في السوق. انظر الشكل رقم (5).

المجالس -5


 
ولتحديد مستوى تطور ونجاح المجلس البلدي فإنه يلزمنا تحديد مقدار ومستوى تحقيق وإحراز الأهداف على المحور الأفقي المتعلق بتحقيق الأهداف. ومن ثم تحديد مقدار قابلية المجلس البلدي للتطور والنجاح على المحور العمودي. بعدها نمد خطاً عمودياً من مستوى تحقيق الأهداف على المحور الأفقي, وخطا أفقياً آخر من المحور العمودي. حينها سيتقاطع الخطين عند نقطة معينة, هذه النقطة تمثل مستوى تطور ونجاح المجلس البلدي على نموذج (Modle) الحالات الأربع لتطور المجلس البلدي.

الخلاصة

واستخلاصا لكل ما مضى من حديث لابد من القول بأهمية امتلاك المجلس البلدي إلى النظام الإداري والصلاحيات, القيادة والإدارة التي يتحلى بها المجلس, الموقع والمكان الجغرافي للمجلس البلدي, التواصل مع عامة الناس والخبراء, كفاءة الأعضاء وعددهم, خبرة وعمر المجلس, وجود مستشارين محليين من عامة الناس, القدرة على التطوير, القدرة المالية التي يمتلكها المجلس البلدي (Assets), القدرة على الإقناع والتفاوض، وإخلاص وإيمان وولاء فريق العمل لكامل أعضاء المجلس، انسجام أعضاء المجلس.
وكذا لا بد من التأكيد على أهمية السماح بانتخاب كامل أعضاء المجالس البلدية. وإعطائهم المزيد من الصلاحيات. والسماح بإنشاء مؤسسات وتكتلات تعنى بالشئون البلدية والعمرانية. وعلاوة على ذلك فلا بد من أن يقوم الناس بمحاسبة المجالس البلدية وأعضائها فردا فردا من خلال تقييم عامة الناس (الذين قاموا بالانتخاب) لإحراز كل عضو لأهدافه وبرنامجه الانتخابي. وذلك انطلاقا من بدأ كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته. دامت القطيف ودام هذا الوطن.

راجع اللائحة التنفيذية لعمل المجالس البلدية.
إبراهيم محمد السليطي, (12-13) ديسمبر 2005م, سبل تطوير العمل الهندسي في المؤسسات الحكومية والعامة, الملتقى الهندسي الخليجي التاسع .
مقابلات مع عدد من المهندسين و من عامة الناس.
Christian Marxt, Partric Link, (2002) Success factors for cooperative ventures in innovation and production systems, International journal of production Economics, 219- 229, www.sciencedirect.com.