مفارقات عالمية !

 

 

سيدي القارئ العربي ، وأينما تجد كلماتي ، لاتقل أني أهاجم القومنجية العربية أو ألوذ من ، أو أعوذ بـ عاداتنا وتقاليدنا .. ( لا ) ، لكن هي مفارقات عالمية لعادات الشعـوب .. قديمة وحديثة .. من هنا وهناك ، ومن كل أتجاهات ومشارب أهل الأرض .. فلربما ذكرتنا بوقفة ، أو أوقفتنا عند فكرة ، أو رجحت بوصلة عقولنا نحو خالقنا وعظمته وجلال قدرته ، إنه هو من خلق هذا الكون ، وهو المدبر لشؤونه ، فأتعض وتدبر أخي القارئ ، ولا تيأس من المضي قدماً أمام تيار الحياة بالتغيـير والتعديل .

( السكر ) .. فلو تغيرت الموازنة الطبيعية والمعادلة الدورية لزراعة قصب السكر في دولة كـوبا، كتغير أعداد الغـربان الغائرة ، أو عدد الفئران الموسمية ، أو أعداد الثعابين الزائرة لمزارع قصب السكر ، لتأثر المحصول برمته ، ولتأثرت أطباق الحلويات في العالم ، ولا ننسى أيضاً إن معظم شعـوب آسيا ( من عرق مغولي ) لاتحبذ شرب المشروبات الساخنة كالشاي بنوعيه مع السكر ، ولو فعلت هذا ، لما وصلتنا بلورة واحدة ! .. أما بالأمريكيتين ، ودول أوروبا ، وجنوب شرق آسيا ، فإنهم لايشربون القهوة مع الحليب السائل ، ولو أقدموا على هذا ليوم واحد فقط ، لوصل سعر علبة الحليب الصغيرة لدى العرب إلي خمسة دولارات !

( المـلح ) .. فقد جعل الله ثـلثي مساحة الأرض بحراً مالحاً ، وعجن صخور الجبال بالملح ، وصهر معظم رمال الصحاري الصفراء والقاحلة في العالم بالملح .. كل هذا من أجل الحفاظ على بخاسة سعر الملح ليكون في متناول كل سكان الأرض ، وإنه أفضل مطهر ومعقم للهواء ، والطبيعة ، وجوف الإنسان ! بالإضافة إلي إستساغة الأكل برشة ملح ، حتى مع الطيور وبعض النمل

( ياشباب العـرب ) في اليابان ُتلقى المحاضرات الجامعية في بعض عربات القطارات السريعة ، وهذا يعد إستغلالاًوإستثماراً ذهبياً للوقت المهدور سابقا ، إذ تستغرق بعض الرحلات البعيدة من الجنوب حتى الشمال أكثر من مائة دقيقة ، ولذا قررت بعض الجامعات أستأجار كابينات خاصة بطلبتها  وتدريس المناهج الأكثر صعوبة منذ الصباح ، كون العقـول تبدأ نهارها طازجة  ونهمة! وفي منغوليا وبعض جبال الهند والصين ، ينقل الشباب وعلى ظهورهم أكياس الفحم الثقيلة من قمم المناجم حتى أسفل الوادي ، مقابل أربعة دولارات للكيس الواحد .

أما في فلوريدا عاصمة البرتقال في العالم ، وفي السبعينات من القرن الماضي ، أعترض مجموعة  من العاطلين  والمهاجرين غير الشرعيين ، رجلاً مسناً كان يمارس رياضة المشئ  ، فطلبوا منه إخراج النقود التي بالكيس المعلق خلف ظهره ، ففاجأهم إن بداخله بعض قشور البرتقال ، كان يجمعها من القمامة خلسة كي لايراه أحد ، وكان يبيعها على سيدة تصنع بعض ادوات التجميل مقابل حفنة من الدولارات تسد رمقه .. بعد شهر من هذه الحادثة ، قرر هؤلاء الشباب جمع قشور البرتقال من القمامة قبل حضور سيارة البلدية ، والأن هي شركة مرموقة ومنافسة لتدوير القمامة بأمريكا ، تحصل على  قشور البرتقال من بين أكياس قمامة المطاعم الكبرى والصغرى ، وتبيعه على شركات أدوية وتجميل ومعامل صابون بمئات الملايين من الدولارات .

( ياحواء العـرب ) .. في جنوب الهند تعيش قبيله تودامبرا ، ومهمة العروس في حفل زواجها ، ان تقدّم لزوجها اسمى أعمال الطاعة والولاء والوفاء عملياً !! .. فتزحف إليه على ركبتيها ويديها إلى ان تصل راكعة إليه ، والناس ينظرون إليها ، ثم يأتي العريس ليبارك عروسه وذلك بوضع قدمه على راسها !

( يا آدم العـرب ) .. في انغولا الشرقية ، إذا ماتت الزوجة عند الولادة ، فعلى الزوج ان يدفع تعويضا لاهلها..و ان لم يستطع ،أصبح عبدا لأهلها ، كتدليك أرجل عمه وغسل رأس حماته ! أما في  قرية مانو بأطراف نهر الأمازون ، كل رجل ينام حتى تشرق الشمس ، ولايخرج للعمل ، وتشتكي زوجته لعمدة القرية ، ُيضرب آخر النهار ضرباً مبرحاً بسياط مصنوعة من جلد التماسيح .

إنها بعض المفارقات العجيبة بين عادات شعوب هذا العالم ، مع إن الغريب إن الكل يشترك في الإنسانية والتكوين الخلقي ، والإنتماء لآدم ، والكل مشارك في سكنى الأرض وتوزيع الهواء وأستقبال أشعة الشمس ، لكن المفارقات تقع على الديكور غالباً ، كنوع السكن ولون الثياب وحداثة الحياة .. لكن تبقى السعادة هي المقياس لنجاح الإنسان ، وكيف يصنعها ويقدمها لنفسه ولمن حوله ..  فربما فاز بها ( اي السعادة ) صائد سمك فقير من جزيرة جامايكاً ، وربما خسرها  بها مليونير لورد من كوستاريكا أو من الدول العربية ، فترى يوماً المشاهد العربي يدفع الأموال ، ويشرتك في البث الستلايتي ، من أجل أن يتفرج على وقفة وإبتسامة لسعادة صائد السمك .. كيف يصطاد سمكة وكيف ينظفها ويشويها ويأكلها .. ونسيت أن أخبركم إن طلبة القطار اليابانيين ، يعودون إلي منازلهم بعد مضي نصف اليوم في الخارج ، فيتعشى مع أهله ساعة ، ويشاهد التلفاز أو يقرأ لساعة أخرى وينام .

روائي وباحث اجتماعي