عندما يتحدث الوطن !!

 

تتذكرون جيداً نوبة " خبط عشواء " التي إجتاحت " جورج بوش الإبن " بعد الأحداث الدامية التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية يوم الثلاثاء الموافق 11 سبتمبر 2001 م. حيث تم تحويل اتجاه أربع طائرات نقل مدني تجارية وتوجيهها لتصطدم بأهداف محددة نجحت في ذلك ثلاث منها بلوغ الأهداف ، والتي تمثلت في برجي مركز التجارة الدولية بمنهاتن ، ومقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ، وسقط نتيجة لتلك الأحداث 2973 ضحية، 24مفقودا، بالإضافة لآلاف الجرحى والمصابين بأمراض جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة ، وذلك في جريمة لم يسبق لها مثيل في إختراق حائط الصد الناري للأمن القومي الأمريكي في مطلع القرن الحالي . 

تتذكرون جيداً كيف فَقَدَ ذلك " الإبن المُدلّل " صوابه والسيطرة على أعصابه ، واستسلم لنوبة إنفعاله الأعمى ، فراح يُهِّدد ويتوعد بالويل والثبور ، وعظائم الأمور ، كل من تثبت علاقته من قريب أو من بعيد بتلك الجريمة البشعة التي أدمت الكبرياء الأمريكي ، وقهرت القوة العظمى التي كانت تظُن أنها لا تُقهر ، وفي عقر دارها !! فكانت الحرب على أفغانستان ، ثم على العراق ، تحت عنوان " مكافحة الإرهاب ونشر الحرية والديمقراطية في العالم " لا سيما في " العالم الثالث " كما يتصورون !!   

تتذكرون كيف وقفنا " جميعاً صفاً واحداً موحداً " في وجه تلك التهديدات التي تطاولت على " وطننا وأخذت بالتهديد لكياننا " وبداً المتطرفون في بلاد " العم سام " برسم سيناريوهات التقسيم والتذويب والتجزئة في لحظة جنون أحمق أرعن يجهل حقيقة الشعوب . لقد كان الموقفُ في منتهى الروعة ، لم تدنسه ظلامية بعض الأفكار ، ولم ينال من ولائه وإصراره للثبات على الحق نقيق الضفادع . كان موقفاً مسؤولاً من كافة أطياف المجتمع ، تجلّت من خلاله اللُّحمة الوطنية في أبهى صورها من القاع للقمّة ، فارتدَّ كيد الكائدين إلى نحورهم ، وتحطّمت عند قوة وتماسك النسيج الإجتماعي الصلب كل محاولات الإختراق البائسة ، وفشلت على عتبة المواطنة الحقة جميع المخططات الإستكبارية " ولله الحمد " . 

واليوم هناك ما يستوجب التلاحم بإحكام من أجل مصلحة وسلامة " مسقط الرأس والروح " واليقظة والحذر من أصحاب النوايا السيئة الذين لا يريدون الخير لهذا البلد الأمين ، ويعملون دون كلل على بث سموم الفرقة والتصادم بين أبناء القواسم المشتركة " وطناً ، وقبلة ، ونبياً ، وكتاباً " يحاولون عبر فيالقهم الإلكترونية الصفراء أن يستثمروا الظروف الراهنة من أجل تحقيق أهدافهم الغوغائية البلهاء ، والإجتهاد بشكل مُستميت من أجل إعادة ضخ الروح في اللات والعزى ، والنبش في الدفاتر العتيقة ، والإصطياد كعادتهم في المياه الراكدة ، دون مخافة من خالق له رقيب عتيد ، أو وازع من ضمير ، حتى لو تطلّب تحقيق ذلك منهم ممارسة الظلم والكذب والتزوير وتلفيق التهم الجائرة ، فكل ذلك جائز في عُرفهم ما دام أنه يفضي إلى تحقيق الهدف المنشود الذي يدغدغهم في " طنين " ليل نهار .

اليوم أيها الأحبة نحن أحوج لليقظة والتسامح والتآلف والتلاحم بصورة أكبر من أي وقت مضى ، لأن العدو في هذه الحملة قد إعتمد إستراتيجية " القوة الناعمة " ليستنزف من خلالها " وبواسطتنا " جميع مواردنا ، وينال من لُحمتنا الوطنية ثم يأتي ليستثمر صراعاتنا ، ويرقص نشواناً على بؤر عداوتنا لبعضنا ، وينقضَّ شهواناً على مكتسباتنا بعد أن تمكّن من إغراء بعضنا ، وهذه مُصيبة عظمى يحزُّ في النفس والله من البعض أن تُستحسن !!  تحياتي .


" قبيحٌ أم جميل فهو بلدي ، قريبٌ أم بعيد فهو إبن بلدي" مثل أسباني .

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
فوزي احمد امان
[ ام الحمام ]: 23 / 4 / 2011م - 9:16 ص
استادي الغالي الاخ العزيز أبو منال
سلمت أناملك العطرة الطاهرة التي نثرت عبير وشدى الكلمات الرقيقة وجميل المعاني ، العبارات رائعه وممتعة جدا وتحمل الكثير من المعاني ، مقال رأئع من كاتب أكثر من رأئع ومميز ، يحمل في طياته وفي جبعته وفي قلبه الكبير الكثير والكثير من المحبة للوطن والسلام والامن والامان ، وايضاح الواقع الملموس ، ووضع النقاط على الحروف وسرد كثير من الحقائق على أرض الواقع ماضيا وحاظرا.

كل ما أفاض به عقلك وقلبك وقلمك دليل على منظموة القيم والمبادي والاخلاق الرفيعة والمعرفة بخبايا الامور ، وعلى التعايش بمحبة وسلام ووئام في بلد الاسلام والسلام ، ونبد الفرقة والعمل بروح قدسية الواجب ، وعدم اعطاء الفرصة لاعداء الاسلام والمسلمين وان ناخد من الماضي وومن سبقونا عبرة ، وعلى جمال الأحرف ومن رقة الأسطر وعذوبة الكلمات دمت ياخي خادما للعلم بكل محبة وصدق ووفاء ، واعذر اطالتي في الكلام ، ونحن في انتظار مقالك القادم والقادم احلى بادنه تعالى. دمتم سالمين غانمين
2
ابراهيم بن علي الشيخ
23 / 4 / 2011م - 8:04 م
أخي الصادق الصدوق : أبو معتز
كلماتك العذبة تنحني أمام العلاقة التاريخية بيننا ، والزرع القديم الذي نبت منذُ نعومة أظفارنا لا يزال مخضوضراً في ذات الخلود . أسعدتني إطلالتك التي أهدتني الهدوء في عالم يموج بالمتغيرات .
إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية