نريد الاحساس بالمواطنه وكفى

من واقع الاحداث السياسية التي تعصف بخريطة وطننا العربي بشكل متسارع والتي أدت في زمن قياسي إلى إسقاط رئيسين اثنين و مؤشرات عديدة توضح لحاق رئيسين اثنين على الاقل بركب حملة التغيير الواسعة الممتدة من شواطئ الأطلسي لشواطئ الخليج أفرزت معطيات الأحداث تفاعلا واسعاً في منطقة القطيف دعا لإحياء مطلب منسي كما يسمى أصحابه بذلك "السجناء المنسيون" فخرج عدد من المطالبين في منطقتنا القطيف وتبعهم في الاحساء من تبعهم مع اختلاف الاهداف ولكن ذلك وضح مدى الهم المكبوت في الصدور وكنت سابقاً قد تكلمت في احدى الجلسات الحوارية على شيء مهم جداً ألا وهو المظاهرات من أجل إخواننا المنسيين هل هي شرارة أم هدف وقد كان ذلك قبل الاحداث الأليمة في توأم القطيف الروحي البحرين العزيزة من قتل للأبرياء و غيره من الجرائم التي يرق لها أقسى القلوب و أقساها مابالك ونحن تربطنا العلاقات الاسرية وعلاقات الصداقة الوطيدة مع الشعب البحريني الأبي سنة وشيعة ، فكان الوضع السائد لدى إخواني من الشباب الذين لا تثيرهم قضية المنسيين ليخرجوا من خلالها للتظاهر كهدف أساسي ومطلب لا يتنازل عنه أي نعم هم يؤمنون بأهمية خروج المنسيين ولكن لديهم هواجس أهم بكثير فلهذا لم يخرج جزء كبير منهم للتظاهر مع اطلاق سراح المنسيين كهدف ، الشباب في المجمل يهمهم قضايا كثيرة تؤرق واقعهم اليومي أهمها على الإطلاق موضوع التمييز الطائفي الذي لا يستطيع إنكاره أيا كان من أبناء الطائفة الشيعية التي تشكل أقلية متمركزة في المنطقة الشرقية و جزء من المنطقة الغربية والجنوبية ، فالجميع يعاني من الجماعات التكفيرية التي لا تكل ولا تمل في كيل شتى أنواع التهم والشتائم الطائفية (كالمجوسي والكافر و الصفوي والتابع لإيران و أبناء الزنا والمتعة ... الخ)

 

والجميع كذلك يعاني من المضايقات في المناطق البعيدة عن مناطق تمركز الشيعة عدا عن المضايقات أثناء الصلاة والتعيين الوظيفي المرتكز على الطائفية وهذا لا يخفى على أحد وقد بينه سماحة العلامة السيد منير الخباز حفظه الله في خطبته الجمعة الفائتة ، وكما كان هذا مطلبهم الأساسي فهناك مطالب تهم الشارع السعودي ككل وليست متوقفة على طائفة أو جماعة دون بقية الطوائف والجماعات ومنها المساكن وذلك للظروف التعجيزية للحصول على مساكن مملوكة خصوصاً بعد الأزمة العالمية التي عصفت بالعالم 2008 والتي لم يتعافى المجتمعات منها تماماً حتى الآن وانعكست بشكل على المواطن البسيط في أبسط الأسباب المعيشية من مأكل ومشرب و تعليم و مسكن وغيرها ومع التعديلات الحكومية التي لم تعالج الحاجات المتزايدة مع التسارع المرعب في الأسعار خصوصاً في المنتجات الاستهلاكية حتى بعد 15% التي أعطيت لبدل غلاء المعيشة والتي لم تؤثر كثيراً على الأسر داخل المجتمع خصوصاً وأن تلك الاصلاحات وجهت نحو موظفي القطاع الحكومي دون القطاع الخاص مما سبب إحساساً بالمظلومية والاجحاف من أغلبية المواطنين الذين ينتمون للقطاع الخاص ، و على اى الكثير غيرهم ممن يعانون من البطالة وقد ظهر ذلك بشكل جلي بعد الازمة العالمية خصوصاً في جانب شح الوظائف من جهة وتواضع المرتبات من جهة أخرى مما شكل هماً على صدر كل مواطن و أدى لتراكمات عديدة ودعوات مختلفة للاصلاح ، و مع خروج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بأوامر ملكية بها بعض الاصلاحات الطفيفة في الجانب الاقتصادي والتي كان الشارع السعودي عموماً والقطيفي خصوصاً متأملا منها الكثير

 بقيت الحاجة لتنفيذ المطلب البسيط والمشروع لأي مواطنين يسمون بالأقلية في أي بقة من الأرض ووفق الأعراف والمواثيق الدولية و التي تكفل للأقلية الحقوق الآنفة الذكر بالمواطنة وقد استبشر العديد من الاشخاص بما تم سابقاً من حوارات وطنية و تقريب بين الأطياف الدينية المتعددة طوال العقد الماضي ،ولكننا نأمل بوجود قوانين رسمية تعترف بالمذهب الشيعي الاثني عشري و المذاهب الأخرى كالزيدية والاسماعيلية و غيرها كمذاهب رسمية في الدولة ولها حق تعلم فقه مذاهبها في المدارس والجامعات ، ونطالب أيضاً بمطلب بسيط آخر ألا وهو وضع عقاب رادع لأياً كان ممن يتهمنا بالكفر و المجوسية وممارسة الزنا و كذلك التبعية لإيران مع أن الجميع يعلم بمدى ولائنا للوطن وحبنا الشديد له والتبعية لإيران هي تبعية مقتصرة على التبعية الدينية، فحينما نكفر ونوصم بشتى الطرق بالخونة والتشكيك في وطنيتنا فمن المنطقي والطبيعي خروج الشباب زفرات زفرات نحو الشارع للمطالبة بمطالب أعتقد جازماً أنها بسيطة جداً ولن تكلف الدولة شيئاً كثيراً لو أقرتها بشكل رسمي بل على العكس ستزيد شعبية الدولة لدى المواطنين ويزداد احساسهم بالوطنية التي تسلب منهم معنوياً قسراً وجبراً بالاساليب التي أشرنا إليها ، ولعلّي أستذكر في هذا المقام حادثتين وقعتا في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن قبل عدة سنوات و أخبرني بها أحد الأصدقاء تتلخص الحادثة الأولى في مضايقة بعض المتشددين من إخواننا السنة السلفيين لبعض الاخوة من أبناء منطقتنا في مسجد الجامعة و أثناء أدائهم للصلاة إلى أن أخرجوهم عنوة من المسجد وقام فيما بعد أحد الطلاب الشيعة بالشكوى لدى ادارة الجامعة التي اتخذت وقتها إجراء عاجل وفوري بطرد جميع الطلاب المتشددين الذين كانوا سبباً في هذه المشكلة ، وكما قال لي أحد الأصدقاء فلقد اتخذت جامعة الملك فهد طريقة جميلة للتقريب بين الطلاب الشيعة و السنة السلفيين ففي إحدى المقررات التطبيقية تم عمل فرق عمل يشترك فيها كل طالب من الطائفة الشيعية مع أخيه من الطائفة السنية وبالذات ممن هم من منطقة القصيم المعروفة بتشددها الديني ضد الشيعة وقد نجحت هذه الطريقة بشكل جيد في التقريب بين الطائفتين ولو كان ذلك مقتصراً على أوقات العمل داخل أروقة الجامعة ، الشاهد في حديثي عن هذين الحادثتين أنه إذا كانت جامعة واحدة من جامعات المملكة سعت لإيجاد سبل للتقريب بين الطلاب من الطائفتين ووضعت عقابات صارمة لكل من يتسبب بنعرات طائفية داخل أروقة الجامعة ، فهل ذلك بعصيّ على الدولة والتي تمتلك زمام الامور التشريعية والتنفيذية من أن تسن القوانين الرادعة وتضع برامج جادة للتقريب بين المذاهب آمل أن يصل صوتي واضحاً .. نريد الاحساس بالمواطنة في بلادنا وكفى .