ولآيتي لأمير النور محمد

 

مَولآي ..
أيّها المُنتظَر المّهدِي ..
تَعجَزُ أنَامِلي عَن الكِتَابةِ فِي شَأنِ عَظَمَتِك ووتَتَلَعثُمُ الكَلِمَاتُ فِي نُطقِي للبَوحِ عَن مَكنُونِ سِرّك ووِجدَانِيتِك وتَحتَضِرُ الآهاتُ فِي حُنجُرَتِي وَ تَتَسارعُ أنفَاسِي ونَبضَاتُ ذلكَ القَلب الذَي مَلأَهـ حُبكَ وعِشقكَ شَوقاً إِليكَ مَحبُوبِي المُنتظَر .

لا أَعرِفُ ما أَصِفُ بِه شُعُورِي مِن َالحُبِ والشوقِ لِرؤيَتِك هَل هُو اِشتيَاقٌ لِرُؤيَةِ النّور مِن جَبِينِكَ الوَّضّاء أم شوقٌ لِرُؤيَة عَينَاكَ التَي يَملأُها العَطفُ والحَنان أم لِرُؤيَةِ قَلبِكَ النّورَانِيّ أم لِرُوحِكَ المَلآئِكِيّة أم لأَنفَاسِكَ الربّانِيّة أم لسَماعِ القُرآنِ مِن تَرتِيلِ شَفتَيك أو الإحسَاسِ بِالأمَانِ بَين ذِرَاعَيك أم إلى الإستِقَرار تَحتَ رَايَتِكَ والإنتِصَارِ على مَن مَلئ الأرضَ جُوراً وظُلماً وتَملأُها أنتَ مَولآي قِسطاً وعَدلاً .. أم هُو شَوقٌ لأخذِ الثَأرِ مِن ظَلمَةِ جَدّي رَسُولِ الله وأَبي ومَولآي وأمِيرِي عَلي وأُمّي الزَهرَآء مَكسُورَة الأضلاع .. المَطعُونِ صَدِرِها بِالمِسمَار وقَتلِ الرُوحِ البَرِيئَةِ بَينَ أحشَائِهَا واعتِقَالِ بَعلِها أَمَامَ نَاظِريهَا ونَزِفِ الدّمِ مِن بَينِ حَنَايَاها ودَفنِها سِرّاً يَعُزُ عَلينَا ذلكَ سَيّدَتِي .. أو لأخذِ الثَأرِ مِن ظَلمِةِ أبي عَبدِالله الحُسَين وقطعةِ كُفُوفِ العبّاس وعِتآبِ زَينَبَ لأَخِيها وغُربَتِها وعَطَشِها وسَلبِها وبِصَبرِها عَلى رُؤيَة الفَجَائِعِ والمُنكَرَاتِ وأخذِ الثَأرِ لِيُتَامَى وعُطَاشَى وأرَامِلَ كَربَلاء سَلامُ الله عَليهِم أجمَعِين يَومَ وُلدِو ويَومَ اُستِشهِِدُوا وَيَومَ يُبعَثُون .

سَيدِي كَتبتُ رِسَالتِي آمِل أن تَصِلَ إلى قَلبِكَ قَبل مَسَامِع الآخَرِين .. إننّي لا أعرِفُ الكِتَابَة وأصُولِ الاستِبيَان وَلم أتَعَلم فُنونَ تِلكَ اللُّغَةِ ومُتَطلبَاتِها وَلكِن ما دَفَعَني لذلكَ شَوقِي لَكَ سَيدِي ولِرَايَة الدّفَاعِ عَن ..
لآ إله إلا الله
مُحّمَدٌ رَسُولُ الله
عَليٌ وليُّ الله
والأئَمةُ مِن بَعدِه حِجَجُ الله
وإنّكَ إمَامُ زَمَانِي .

إمَامّي خَرجتُ لِهذِهِ الدّنيَا الفَانِيَة دُونَ أن أَعِيَ شَيئاً وكُنتُ أَرَى الفَسَادَ فِي كُلِ نَوَاحِيها ومَا يَتَرَددُ دَوماً فِي مَسمَعِي وعَلى لِسَانِ كُل مُوَآلي هَذا الدُعَاء الشَريف :
" اللّهُمَ كُن لِوَلِّيكَ الحُجّةِ ابنِ الحُسَن صَلوَاتُكَ عَليه وعَلى آبَائِه الطَّاهِرين فِي هَذِه السَّاعَة وفِي كُلِ سَاعَة وَلِيّاً وحَافِظَاً وقَائِدَاً ونَاصِرَاً ودَلِيلاً وعَيناً حَتَى تُسكِنَهُ أَرضَكَ طَوعَاً  وتُمتِعَهُ فِيهَا طَوّيلآ بِرَحمَتكَ يَا أَرحَمَ الرّآحِمين "

وبَعدَها أدرَكتُ أنّ إمَامَ زمَانّي حَيٌ يُرزَق أشتَاقُ إلَيهـ كَما إشتِيَاق اليَّتيمـِ لأبِيه وَ رُوحِي ظَمِأةٌ للسُكُونِ في أرضِه وعِندَ تُرَابِ قَدَمَيه .. وأدرَكتُ أنّه قَرِيبٌ لِكُلِ مُوَالٍ يَنتظِرُ الفَرَجَ مِنه فَلولا صَرخَةٌ مِن وآلدَتِي فِي أواسِطِ صَحرَاءٍ خَآلِية تَستَغِيثُ مُنتَظِرَةً الفَرَجَ مِنكَ سَيدِّي وهِيَ تَقُول " مَولآيَ أدرِكنا " فَما حَصَلَ لم يَكُّن مِنَ المَحسُوب فَلولا وُجُودَكَ فِي تِلكَ اللّحظَات العصِيبَة لمَا كَانَ إدرَاكي وإيمَانِّي يَصِّلُ حَدّ الجُنونِ للقَائِكَ سَيدّي ..
مَولآي شَكوَايّ لكَ تَفُوقُ السُطُورَ والكَلمَات أجهَلُ التَّعبِير عَنها وأنتَ تَعلمُ ما قَد يَحدُث مِنَ الظُلمِ والجَورِ وهُجرَان كِتابِ الله كَما أننّي أجهَلُ التَّعبِير عَن ما يَدورُ في مَكنُونِي وعَقلِي ولكننّي أوّدُ مِنكَ أن تَعرِف أننّي مُنتَظِرةً لِأَقّدِمَ رُوحِي بَينَ يدَيك سَيدّي وللصّلاةِ خَلفِكَ ولِتَقبِيلِ النّورِ مِن بَينِ عَينَيك وللدِفَاعِ تَحتَ رَايَتِكَ وعِندَ تُرَابِ قَدَمَيك رُوحِي لِمَقدَمِكَ الفِدَاء ..

مَولآي فِي نَبضِ قَلبِي لَكَ سِر ولا تَبُوحُ بِه حَتى عَينَاي حَتى فِي أنفَاسِي لكَ سِر وَفِي شَوقِي لَكَ أسرَار ..

أجهَلُ قَدرِي وَحِينِ وَفَاتِي وَلكِن مَا أثِقُ بِهِ أنتَ " أَنتَ " سَيدّي لأنّكَ أقرَبُ وَسِيلةٍ لِي إلى الله وبِسَببِ وُجودِ الله فِي قَلبِك ..

أنتَ مَولآي سِرٌ مِن أسرَارِ صَبرِي أنتَ عِشقِي وَسِرُ وُجُودِي أنتَ إِمَامِي ومُنتَهَى مَطلَبِي وأنتَ أُمنِيَتِي وأنتَ سِرُ دُمُوعِي التَي لا يُخففّهَا سِوَى انتِظَارِكَ وأنتَ كَيَانِي وأنتَ أمَلِي فِي عَمَلِي ويَقِينِي فِي إمَامَتِك ..
وأنَا مَن ..!!؟ يآ تُرى مَن أكُونُ أنَا ..؟! أنَا المُقّصِرَةُ فِي حَقّك .. أنَا التَي تُرِيدُ التَوبَةَ فِي عَهدِك .. أنَا التَي تُريدُ المَوتَ بَينَ ذِرَاعَيك .. أنَا التَي تَتَمّنى السُجُودَ عِندَ قَدَمَيك .. أنَا المُتَلِهِفّةُ لِرُؤَيَتِك .. أنَا مَن أعمَتنِي الدّنيَا بِلَذّاتِها .. أنَا مَن أثقَلتنِي الذُنوبُ مِن كَثرَتِها ..

لا أعرِفُ مَا أقُولُ وَ لكِن .. مَعَ كُلِ هَذا أتَيتُ مُتَلَهِفَةً لأكتُبَ رِسَآلتِي لَكَ مَعَ أنّ ذُنُوبِي تَمنَعُنِي وتُخجِلُنِي مِنكَ سَيدّي وَلكننّي أعرِفُ قَلبَكَ فَأنتَ الأمَانُ لَنَا وَالمَلجَأُ مِن بَعدِ خَالِقِنَا فَالخَالِقُ أَوكَلكَ لَنَا حُجّةً وجَعَلكَ مَأمَناً لَنَا فِي هَذِه الأرض و جَعَلَ بَينَ يَديك استِجَابَةَ الدّعَاء وإغَاثَة مَن يَحتَاجُ إليكَ بِقَلبٍ صَآدِق ..

جِئتُكَ إمَامِي أكتُبُ كَلمَاتِي عَآرِفَةً بِحَقّك مُوقِنَةً صِدقَ إرَادَتِك وأعتَرِفُ بِذُنوبِي وتَقصِيرِي وَلكِن لَيسَ بِيدّي شَيءٌ سِوَى إرَادتِي التَي لا تَعرِفُ الإستِقرَارِ عَلى أمرٍ مُعَين غَيرَ أنّها تُرِيدُ حُبّكَ وعَطفَكَ ووُجُودَكَ وفَرَجَك ..
كَيَآنِي مُشتَت .. عَقلِي مُشَتَت .. وقَلبِي هـــآئِمٌ بِكَ سَيدّي .. وأعرِفُ أننّي لن أحظَى باِلأمَان بِغَيرِ وُجُودِك مَولآي ..

أتَوّسُلَكَ الإغَاثَةَ والإدرَاك فَأنَا مّمَن يَتَمَّنى المَوتَ عِندَ قَدَمَيك ويَستَقبِلُ السِّهامَ بَدَلاً عَنكَ نَيلاً لِرَضا الله ومَحَبَتِكَ ودُعَائِكَ ..

يُرضِي صَدرِي السِّهامُ ونَزفُ الدِّمَاء وَ لا أَن أَكُونَ يَوماً يَتِيمَتَكَ سَيدِّي ..
جِئتُكَ سَيدّي وَبَعدَ كُلِ مَا أحسَستَهُ مِن كِتَآبَتِي أَيُمكِنُكَ أَن تَتَقَبَلَنِي ..!؟؟
مَولآي لا يَسَعُنِي إلا تِكرَارُ مَا دَفَعَنِي للِسُكِوتِ طِيلَةَ مَا مَضَى غَيرَ أَن ذُنُوبِي تُخجِلُنِي وأنَا الآن أنتَظُرُ فَرَجَكَ فِي يَومِ تَنصِيبِكَ لَنَا حُجّة بِأَن تَتَقَبّلنِي شَهِيدَةً بَينَ ذِرَاعَيك وعِندَ قَدَمَيك رُوحِي لِمَقدَمِك الفّدَاء.