رسالة في أكل الحرام! ( 1 )

 

أكل الحرام يعني عدم أداء الخمس - السرقة – الاحتكار – الربا – الرشوة – الغصب - أجرة حلق اللحية – بيع أدوات الغناء- بيع الخمر والبيرة ووو، وموضوعنا فقط أكل اللحم الحرام ،والحرام يعني أن آكلها قد تعدى حدوده واسخف بحكم الله عز وجل ، وأنه متجاوز لحدود الله ويستحق اللعنة والحرمان من بركاته عز وجل ويعرض نفسه للهلكات الدينية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والطبية على مستوى الفرد و الأسرة و المجتمع ، والحديث متشعب جداً عن أكل الحرام، أضراره وموضوعاته واستفتاءاته وكيفية الوقاية منه ولكننا نتناوله في هذه العجالة  تفاعلاً مع الاستبيان الذي أعلنته شبكة أم الحمام عن أكل اللحم من المطاعم و البوفيهات من يد العمالة الأجنبية ،إسهاماً في الوعي والتوجيه .

 أكل حرام ( كباب- شوارما- بروستد - بيدزا باللحم – لحم بالعجين)

 أقول إن كثيراً من الناس يأكلون من أي مطعم بلا  أي عناية أو سؤال أو تورع ،والسبب في نظري البسيط هو إما من اِنعدام التدين (الورع) وهذا منطقه :(كلْ بس ، ما ادري ويش بصير لو أكلت هالسندويشه) ، وإما أن يكون الشخص نصف متدين لا يعتني بالأحكام الشرعية وهذا منطقه: ( إنت في دولة إسلامية – ما يحتاج تسأل – لا تصير متشدد – لا تصير معقد)!!!!!  وأشخص العلاج طبعاً بعيدا عن نظام الدولة وتطبيق الأحكام الشرعية في سياساتها الاقتصادية وهو من جانبين:

 1- فقهي .  2- روائي.  كما يلي:
1-   فقهي *كل ما في سعوديتكم حلال!!!

كنت كثيراً ما أسمع شباباً يقولون إن المرجع فلان قال كل بدون سؤال ،وأرد هذا الكلام بأن اللحوم دخلت فيها عناوين كثيرة مثل :( اللحوم المستوردة – سوق غير المسلمين)،وهذه بعض المسائل في هذا الباب للسيد محمد تقي المدرسي- دامت بركاته- من باب المثال رجاء إفادة أخي القارئ  :

!-اللحوم والشحوم والجلود إذا كانت بيد مسلم وتحت سلطته ولم نعلم بأنها غير مذكاة، يتم التعامل معها معاملة المذكاة، فيجوز التعاقد عليها( من البيع والشراء و الصلح و غير ذلك ) ويجوز أكلها... ولا يجب الفحص ...

2-الحكم نفسه يجري على اللحوم ...التي تتداول في أسواق المسلمين سواءً كانت بيد مسلم أو بيد مجهول الحال.

3-ما كان بيد الكافر من اللحوم والشحوم والجلود حتى ولو كان في بلاد المسلمين ما لم نعلم أنه قد أخذه من مسلم، وأيضا ما كان بيد مجهول الحال ( من كفر أو إسلام ) في بلاد الكفار، يتعامل معه معاملة غير المذكى والميتة، ؟ فلا يجوز التعاقد عليه ولا أكله ...

و تحدث سماحته عن اللحوم المستوردة المكتوب عليها(حلال)فقسمها قائلاً:

أ-ما نعلم بصدق ما هو مكتوب عليه، وأنه فعلاً مذكى حسب أحكام الشرع، فهو حلال.

ب-ما نعلم أنه كذب وأن العبارة إنما هي لتضليل المسلمين ولتسويق اللحوم المحرمة، فهو حرام.

ج-ما نشك في صدقه أو كذبه فهو حررررررررررررررررررام.

-(ولا يكفي في الحِلية كونه يُباع في أسواق المسلمين مادمنا نعرف أنه مستورد من بلاد الكفار).

2-روائي:بصائر الروايات الشريفة

كما أن علاج أكل الحرام يكمن في معرفة المسائل الفقهية المبتلى بها في هذا الباب ، كذلك لا غنى عن قراءة الروايات الواردة عن أهل البيت ع و التي تترك أثراً كبيراً في قلب المؤمن من حيث تجنبه أكل الحرام وهذه أهمها من خلال قراءتي البسيطة راجياً من اله القبول :

1- عن أمير المؤمنين ع (لو لم ينه اللهُ سُبحانه عن محارمه لوجب أن يجتنبها العاقل).
هذه الرواية ربما جاءت تحتج على الذين لا يجتنبون أكل الحرام بحجة عدم وجود فتوى في بعض الموارد أو أو أو حتى يسهلوا لأنفسهم الضعيفة أكل الحرام!فحجة الله علينا في هذه المواطن هذا العقل النوراني وهو الحجة الباطنة أو الرسول الباطن كما في الرواية الشريفة.

2- عن الرسول الأكرم محمد ص (من أكل لقمة من حرام لم يقبل الله له صلاة أربعين يوماً)!
لأن الآكل يطلب من الله  تعالى في  قراءته للفاتحة الهداية للصواب بقوله تعالى  ( اِهدنا الصراط المستقيم ) ثم لا يتورع في أكل الحرام فهذا من الاستهزاء في الدعاء . هذا بغض النظر عن الأضرار الطبية فمن خالف الله ذهب دينه ودنياه .

3- عن رسول الله محمد ص (العبادة مع أكل الحرام كالبناء على الرمل وقيل على الماء)!
هذه الرواية ربما تدفع توهم البعض أن أكل الحرام- أجلكم الله- لا يضر في قبول الطاعات بل هي متعلقة به.

4-عن الإمام الصادق ع في قوله عز وجل (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا):أما والله إن كانت أعمالهم أشد بياضاً من القباطي !ولكن كانوا إذا عرض لهم الحرام لم يدعوه)!
البعض تراه مؤمناً في المسجد ووو لكن إذا رأى دعاية لحم من مطعمٍ ما ،طار إليها بدون تأمل أو احتياط لدينه !

5-عن أمير المؤمنين ع (ما نهى الله سبحانه عن شيءٍ إلا وأغنى عنه).
*قد يكون البعض كطلاب الجامعة في الرياض أو جدة عروس النحر الأحمر ،وكل المطاعم لا يوجد فيها لحم حلال فكله إما أسترالي أو وارد أمريكا  إلا ما نذر، فينبغي أن لا يحصر نفسه في هذا اللُحيْمات المسمومة ففي السمك أو البطاطس أو اللبنة بالعسل أو الفوال خير له من الحرام .من العجيب أن الإنسان مهما اشتد به الجوع إلا أن بعض اللقيمات كفيلة بسد جوعته !!

6-عن مولانا الرضا ع (ووجدنا المحرم من الأشياء،لا لحاجة للعباد إليه و وجدناه مفسداً،داعياً إلى الفناء و الهلكات!)

*هذا جواب من الإمام ع على رسالة من أحد أصحابه ، يسأله عن تصور بعض الناس أن الحلال والحرام لا يستند إلى مصلحة أو دفع مفسدة عن العباد !بل مجرد تسليم وعبادة .

7-عن مولانا الصادق ع (حرامُ الله وحلالُه لم يكن على أساس الرغبة والزهد، ولكنه خَلق فعلم ما تقوم به أبدانهم،وما يصلحهم فأحله لهم،وأباحه تفضلاً منه عليهم لمصلحتهم وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم).

هذا جوابه ع للمفضل بن عمر –رضي الله عنه- لما سأله عن علة تحريم الخمر والدم والميتة ولحم الخنزير على الناس. وأظن أن في هذا الحديث الشريف لفتات مهمة لنا  لما يباع الآن من المأكولات التي تحتوي على دهن الخنزير  -  أو الجلاتين الحيواني المأخوذ من الميتة – أي البقر المذبوحة على غير الطريقة الشرعية.وكذا البيرة وهي خمر استصغره الناس كما في الرواية الشريفة.وبعض المشروبات الغازية التي يكتب عليها- خالي من الكحول- وبعض الأسماك التي تصطاد من البحر ليس بالصيد الشرعي بل بقتله في البحر بالدنميت ،فهل كل هذا من الحلال .

*أخيراً أشكر كل مؤمن فتح مطعم أو بوفيه والتزم بتوفير اللحوم الحلال الطيبة؛ لأنه ساهم في كف الناس عن أكل الحرام وأجره عظيم عند الله تعالى. ولا ينساني من سندويشه.

والحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الأنوار.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 3
1
أبو ميثم الكعيبي
[ القطيف - أم الحمام ]: 30 / 1 / 2011م - 8:58 م
أخي العزيز أبو جواد حفظه الله
دائماً تتحفنا بالكتابة فيما يحتاجه الناس

أكان على صعيد الفكر والثقافة أو الأخلاق و الآداب... فلك من الله الأجر ولك منا الشكر.

أما بالنسبة للحلال و الحرام في المأكل والمشرب فهو من الأمور الذي يغفل عنها الكثير.

فها نحن نرى افتتاح فروع لمطاعم عالمية في مناطقنا, ولا شك أن اللحوم التي تستخدم فيها - فيها نظر- وبالأخص أنها غير معلومة المصدر والغالب أن تلك المطاعم تستورد اللحوم من الخارج.

وهذه المطاعم لازالت تزاول عملها منذ سنوات وهذا وللأسف مؤشر على تهافت الناس للأكل والشراء من تلك المطاعم، بلا مراعاة للحلال والحرام ولذلك نتمنى أن يلتفت الناس أن تأثير أكل الحرام صرنا نشاهده عياناً من خلال تأثيراته في المجتمع وفي أبناءه.

فزيادة أعداد الجريمة من سرقة واغتصاب واعتداء على أعراض الناس وانتشار للمحرمات بل والجهر بها دون خوف أو رادع هو مؤشر واضح لأكل الحرام.
نسأل الله أن يجنبنا الحرام في المأكل والمشرب وسائر أفعالنا وأعمالنا.
2
محمد المنصور
[ ام الحمام ]: 30 / 1 / 2011م - 10:21 م
أخي أبو جواد موضوع بصراحة جدا قيم وفيه جهد كبير بارك الله وجودكم وعجبني منكم تصنيف البعض من الناس بمسمى نصف متدين جزاك الله خير ووفقك للخير
3
محمد العبد العال _أبو جواد
[ أم الحمام ]: 30 / 1 / 2011م - 10:45 م
أخي الحبيب ومديري اللطيف أبو ميثم :
لقد أكملت ما أردت قوله فجزاك الله خيرا ورزقك الطيب الطازج .