حديث الحرية

ماكان يخشاه أيزنهاور عام 1957 كان يقع رغم الاستماتة في منعه أو لنقل بمعنى أصح بقمعه بكل الطرق وعلى جميع الأصعدة السياسية والثقافية ، كان أيزنهاور قد حذر من اختراق الفكر الشيوعي السوفييتي للمنطقة العربية  واستغلاله للحالة المزرية التي تمر بها آنذاك الشعوب وبروز أنشطة طلابية في بعض الدول العربية المتقدمة في تلك المرحلة الحرجة ، لذلك تقدم للكونجرس بطلب لدعم الساحة العربية السياسية بمساعدات عسكرية تضمن منع النفوذ السوفييتي ومقاومته ومنذُ تلك الفترة توالت المبررات التي اختلقتها الحكومة الذرائعية الواشنطنية  لتمنع عن نفسها خسائر المواجهة المباشرة مع عدوتها اللذوذ الشيوعية السوفيتية  ومن ثم تضمن حماية تامة لمصالحها .

قسمت المنطقة إلى كعكات وتقاسم الجميع الحصص وهناك من لعق الأصابع ، ولم تتنامى الفرص لتواجد شيوعي بل جاءت عدة مذاهب ايدولوجية واقتصادية وفلسفية ، وبقيت الشيوعية الفزاعة التي تقلق غربان البيض الأبيض .؟

فكانت ثورات رائعة بطولية وانتفاضات لم تستطع القوى العسكرية والجاهزية الابيضية قمعها من قلوب الملايين من العرب والمسلمين بل بقيت قائمة في جذور كل قدم ممتدة في الأرض تنافح عن كرامتها  في الحياة ولو كان الحراك متذبذباً.

تونس الخضراء الباقة الامازيغية التي عُربت قسراً انتفضت عدة مرات لاسترجاع هويتها المغيبة قهرا وحاولت مراراً ارتداء نوميديا التاريخ والحضارة لكن التعريب كان سفاحاً دموياً وكانت الحلة العربية من حديد ونار رغم ذلك بقيت نوميديا في قلب تونس بكل مقوماتها التاريخية والحياتية  رغم تحويل القومية العربية للجسد التونسي إلى تمثال في أحضانها وصهرت القبائل الامازيغية في القالب التعريبي لكن الروح تلهج بنيوميديا ..!!

تونس ليست حديثا جديدا ولن تكون لكن المخاوف أكبر من تنازع السلطة ورغبة الثوار وهمس الجماهير هناك إستراتيجية المندسين واد لجة من نوع مخيف تنتظر القفز على ظهر تلك الثورة ، هناك من هو أخطر من سلطة حاكمة تحت سيادة أجنبية منحلة ومتحررة هناك الوجوه التي تتمسح بمسوح الدين وتتسربل بأثوابه وتتخفى بشعارته ولا مراهنة على ثقافة وفكر وحرية شعب قد عانى ويلات القهر والإقصاء ...
فهل هي عودة من جديد لصراع التكتلات الدينية والتي هي الوجه الآخر لسلطة تلتزم منهجية لاتختلف عن منهجية الحكومات العميلة ...!!

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
فائق المرهون
[ القطيف - ام الحمام ]: 25 / 1 / 2011م - 12:44 ص
الأستاذة منى الرضوان / وفقها الله
الحديث ذو شجون , ومقالك الجميل يحوي جرعة مركزة من عدة صور يغلفها واقع اليوم , الموفقية كانت مصاحبتك كثيرا , لأن التشخيص لحال المجتمع العربي و أنظمته وقياداته يحتاج للبعد عن الأحكام المسبقة , والتي يغذيها الموروث والشحن العاطفي والديني والمذهبي في أحيان أخرى .
يبدو أن الإبتلاء طال بنا كثيرا , والحرية طريقها طويل طويل , وثقافة اللون الواحد عصية عن الحل حتى إشعار آخر .
تمنياتنا لفكرك الحر بالإستمرارية .