الثورة التونسية إنذار للأنظمة وأمل للشعوب

علي آل غراش

التاريخ سيخلد ثورة الشعب التونسي، الذي كسر قيود الخوف والاضطهاد والاستسلام للنظام الحاكم البوليسي الديكتاتوري، مما اجبر الرئيس السابق الفاسد المخلوع زين العابدين بن علي على الفرار مع أقربائه وحاشيته من البلد يبحثون عن ملجأ، خوفا من محاسبة الشعب والانتقام، كما ان مصير من تبقى من النظام السابق هو المحاسبة والمحاكمة إذا لم يتعاونوا ويسلموا السلطة إلى الشعب بشكل سلمي.

هذه الثورة التونسية هي ثورة لكل الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، لأنها ثورة للعدالة والحرية والكرامة، ولهذا على الأحرار في الوطن العربي والعالم دعم ثورة حرية الشعب التونسي الشقيق المسالم، الذي قدم أروع الصور في فنون التضحية والفداء للحصول على حريته وكرامته، والذي قدم الدماء والشهداء لإسقاط النظام الحاكم الاستبدادي الفاسد برئاسة النظام السابق الهارب زين العابدين بن علي وحاشيته. وتحية أعتزاز وتقدير للشعب التونسي الثائر.

الشعوب العربية المحبة للعدالة والحرية والديمقراطية، تتابع باهتمام بالغ ما يحدث في تونس الثورة، وتشعر بالفرح والسرور على ما حققته الثورة الشعبية من إسقاط النظام السابق، وتتمنى أن تنال شرف تفجير ثورة عارمة ضد الأنظمة الدكتاتورية والاستبداد في المنطقة، الأنظمة التي تشعر بالخوف والقلق من اتساع دائرة الثورة، لاسيما إن الشعوب العربية في المنطقة ليست أفضل حالا من الشعب التونسي، فأغلبية هذه الشعوب - العربية - تعاني من عدم العدالة والمساواة، ومن البطالة والفقر والجوع، والحرمان من حقوقها وكرامتها وحريتها، وهذه الأسباب كفيلة لشعوب لكي تتحرك للمطالبة بحقوقها ومنها الحق في ممارسة الحرية الفكرية والسياسية والدينية والحق في الثروة الوطنية والتمتع بالوظيفة المحترمة وبالسكن المناسب ليعيش كل مواطن عربي كريما في وطنه.

على الشعب التونسي أن يواصل الثورة ضد النظام السابق وزمرته السابقة، بوعي وحكمة وان يحذر من سرقة الثورة من قبل رجال السلطة السابقين أو من جهات أخرى لا تؤمن بمبادئ الثورة: العدالة والحرية والكرامة وتطبيق الديمقراطية. فمن المحتمل أن يلبس أعداء الثورة رداء الثورة لتحقيق مصالحهم على حساب دماء الشهداء والتضحيات الكبيرة.

ما حدث في تونس من ثورة شعبية رسالة إلى بقية شعوب المنطقة بقدرتها على انتزاع حقوقها واستعادة حريتها وكرامتها بالثورة، كما أنها رسالة إنذار وتحذير إلى أنظمة المنطقة أن تعيد حساباتها وتبادر بإصلاحات واسعة وإعطاء الشعب الشراكة الحقيقة في إدارة الدولة، إذ إن الشعب المحروم من حقوقه والذي يعاني من القهر والتجويع والبطالة وسرقة المال العام وسرقة الأراضي واحتكار الأعمال التجارية من قبل جهات تستغل نفوذها كما فعلت عائلة الرئيس الفاسد بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي بن علي، والتعامل مع الشعب وكأنه قطيع.. متسلحة بالأجهزة البوليسية، ستؤدي إلى انفجاره بسبب الضغط ويفجر ثورة عارمة كالثورة التونسية. لتأسيس دول تقوم على العدالة والمساواة والحرية واحترام حقوق الإنسان وفصل السلطات على أساس نظام ديمقراطي دستوري يعبر عن إرادة الشعب.

الثورة التونسية قامت بسبب الفساد والظلم والبطالة والجوع وعدم توافر المسكن والكرامة؛ متى ستتحرك بقية شعوب المنطقة المقهورة المحرومة من أبسط حقوقها العمل الشريف والسكن والطعام والحياة الكريمة المستقرة الآمنة؟.

إذا الشعب يوما أراد الحياة... فلا بد أن يستجيب القدر.