الإمام الحسين صوت العزة والكرامة

ميثم المعلم

يصعب على الكاتب الارتقاء إلى حقيقة الإمام الحسين ، لأنه سر من أسرار الوجود، وسلطان القلوب، ومفتاح الرحمة الإلهية، وباب الهداية الربانية، ومصباح الهدى وسفينة النجاة، وعظيم العظماء، وكنز المؤمنين في العالم، ونعمة الله الكبرى على المسلمين عامة والشيعة خاصة.

إن الكلمات تعجز عن وصف عظمته، وإن العبارات والجمل لا تفي بحقه، لا تقدر عليه الأقلام، ولا تسعه الصفحات، ولا تعرف حقيقته الألباب.

لقد منا الله علينا بعد الرسول الأعظم ، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، والسيدة الزهراء ، والإمام الحسن المجتبى ، بكنز عظيم لا يقدر بثمن وهو عشق الإمام الحسين  وولايته والارتباط به، والتعلق بمنهجه وبفكره، والقيام بإحياء ذكراه على مدار السنة وبالخصوص في أيام عاشوراء، والتوجه إلى زيارته في كل مناسبة دينية من أجل تجديد البيعة له، وتعميق الولاء والمحبة لـقيمه ومبادئه، والإخلاص إلى منهجه، وتأكيدًا على إتباعه.

لقد أشغلت شخصية الإمام الحسين المقدسة كل باحثي ومفكري البشرية فكتبوا عنها فكان المثل الأعلى فكرًا ومنهجـًا وعقيدة ً وسيرة ً وتطبيقــًا.

فكان الحريص كل الحرص على الإصلاح في الأمة الإسلامية فنجد في مواقفه وأقواله ومواعظه ما يؤكد هذا الحرص فهوا القائل: «وإني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمــًا، وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد  أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب ».

وهو الذي أعطى العزة مفهومها فكشف حقيقتها وقيمتها للمسلمين، ووجه نداءه الخالد لكل الناس، ولكل المظلومين والمضطهدين، ودعاهم إلى العيش بكرامة، ورفض الذلة، فقال  مقولته المشهورة:

«ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام».

وهو الذي أشعل الثورة في أعماق قلوب المحرومين، ووجه الصرخة إلى كل المستضعفين في كل زمان

و مكان، وشجعهم على التمرد والعصيان في وجه الجلادين والظلمة، وأن يقولوا كلمة الحق أمام كل منْ يسلب حقوقهم، ويقمع حريتهم، ويقصي إرادتهم، ويلغي شخصيتهم، فقال : «أيها الناس إن رسول الله  قال: منْ رأى سلطانــًا جائرًا مستحلا ً لحرم الله، ناكثــًا لعهد الله، مخالفــًا لسنة رسول الله  يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا بقول كان حقــًا على الله أن يدخله مدخله».

وقد واجه الإمام الحسين  الظلم بكل أشكاله وألوانه، خصوصـًا الظلم السياسي المتمثل في فرعون بني أمية يزيد بن معاوية، الذي كان يعد طاغية من طواغيت البشرية وأحد جبابرتها الفاسدين، وكان حكمه الجائر يعد بداية لكل ظلم وقع على الأمة الإسلامية، وتأسيسـًا لكل جور ارتكب في حق المسلمين، ومقدمة لكل خطيئة حدثت في التاريخ الإسلامي، وتشجيعــًا لكل جريمة ارتكبها المجرمون في حق الناس، لذا رفض الإمام الحسين  هذا الظلم الشرس رفضــًا مطلقــًا، وقاومه بكل ما يمتلك من قوة وجهد، وقام بثورة ضده، وحرّض الشرفاء والأحرار عبر العصور للنهوض في وجه الظلم والظالمين، لأنه كان يعلم خطورة هذا النوع من الظلم على الإنسانية فقال : «والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية أبدًا».

وقال : «إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح وبنا يختم، ويزيد رجل شارب الخمر، وقاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله».

وقد تحدث عن الحرية حينما قال : «كونوا أحرارًا في دنياكم» فأظهر جمالها وقيمتها للإنسانية، فدعا البشرية إلى حرية العقل والمنطق، وإلى حرية الكرامة والعزة، والتحرر من عبادة الأشخاص المستبدين، والأفراد المتسلطين، والطواغيت المستكبرين.

وهو الذي ضرب للإنسانية أروع الأمثلة في الفداء والتضحية من أجل المبدأ فأصبح قدوة الشهداء وسيدهم، يستلهمون منه عشق الشهادة ومعاني الصمود والصلابة والقوة، فقال : «ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقــًا فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برمــًا».

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.