اللافتات العاشورائية ليست جريمة

الأستاذ / حسين العلق
تابعنا على مدى الأيام الماضية خبر قيام عناصر الشرطة وفرق من البلدية في محافظة القطيف منذ مطلع عاشوراء بنزع اللافتات العاشورائية المعلقة على أعمدة الإنارة بالقرب من الحسينيات والمساجد الأمر الذي يبدو في ظاهرة على الأقل تطبيقا للنظام وحفاظ على الممتلكات العامة. لم تكن هذه الحادثة الأولى بطبيعة الحال، فقد تكرر ذات الأمر وعلى نحو مستفز في مناسبات مختلفة مع تدخل الشرطة لنزع اللافتات ومظاهر الفرح والحزن في بلدة الرميلة وشوارع الأحساء بما يصل أحيانا لدرجة تعكير صفو المزاج العام وافساد فرحة الأهالي.
 
ما أود الوقوف عنده هنا هو هذه الفاعلية والنشاط الذي يظهر به عناصر الشرطة في هذا النوع من المناسبات تحديدا. فقد عنّ لي أن أتسائل، بلا أدنى براءة، مخاطبا أؤلئك الذي احترفوا اتخاذ هذا النوع من القرارات الحاسمة والسريعة والفورية وأعني بها ازالة اللافتات العاشورائية وكأنها جريمة من جرائم الحرب، أينهم عن باقي الملفات والقضايا التي تئن تحت وطئتها مجتمعاتنا على مختلف الصعد؟ ولماذا لا يستخدمون هذه "الشطارة" في وضع حلول سريعة لمشاكل يعاني منها الناس؟
 
دعنا نسأل هنا، أين طوال الشوارب هؤلاء من تفاقم جرائم القتل أمام الملأ في شوارع القطيف والذي راح ضحيتها في الأسبوع الأخير وحده شابين رحلا عن الدنيا غيلة وهما في ريعان الشباب. ألم يكن حريا بعناصر الشرطة أن يتدارسوا خيبتهم في حفظ النظام العام وفشلهم في حماية أمن الناس؟ كم من الأرواح البريئة يجب أن تراق على أرصفة الشوارع لتجعلكم تفكروا في تحمل مسئولياتكم بدلا من التهلي في نزع لافتات لا تضر ولاتنفع؟.
 
أين أنتم، يا من تتفنون في المضايقات الطائفية، من انتشار جرائم السطو المسلح وتجارة السلاح، حتى بلغ الأمر حد اقتحام وسرقة بعض البيوت على مرأى من ساكنيها تحت تهديد السلاح وفي وضح النهار! فضلا حالات اختطاف واغتصاب جماعي سجلتها الصحافة المحلية في اوقات سابقة؟ أليس حماية أمن الناس هو عملكم الحقيقي، أم أن الانشغال بملاحقة قطع قماش أسود معلقة على أعمدة انارة هنا وهناك صار أهم ما لديكم وهو أكبر انتصاراتكم؟.
 
ان لسان حال الناس اليوم في مجتمعاتنا يخاطبكم بالقول، يا سادة أنتم بهذه التصرفات تصرفون جهدكم وتضيعون أوقاتكم فيما لا طائل من وراءه، ان القماشة السوداء المعلقة لبضعة ايام على باب الحسينية او المسجد ليست غولا يستحق منكم هذا التحرك الفوري بمساعدة رافعات البلدية، ان واجبكم الحقيقي ليس هنا يا سادة، الناس تطالبكم بتحمل مسئوليتكم في ايقاف عصابات المخدرات ولصوص العقارات وكبار المرتشين في الادارات.
 
وإذا أردنا توسيع الدائرة قليلا، فسنسأل هؤلاء، ألم تلاحظون وأنتم تتجولون في تاروت لاجتثاث لافتة عاشورائية هنا وشعار حسيني هناك، ألم يلفت نظركم بيوت الصفيح في حي الخارجية والبيوت الآيلة للسقوط في حي الديرة، ألم تلاحظوا حفر ومطبات الشوراع فضلا عن غياب أي مظهر من مظاهر الخدمات العامة من حدائق أو مساحات خضراء أو مراكز أحياء والادارات الحكومية اللهم الا من مركز للشرطة ومستوصف حكومي مستأجر!
 
ان مجتمعنا يخاطبكم يا سادة أن أردتكم أن تظهروا اخلاصكم وحفاظكم على أمن الناس وراحتهم فدونكم حلقات التفحيط الجنونية التي تقام في وسط الاحياء السكنية، والتي يصدم الأهالي مرة بعد أخرى حين يستنجدون بكم لوضع حد لهذه الظاهرة الجنونية فلا يجدون منكم  إلا الآذان الصماء أو التحرك السلحفاتي في أحسن الأحوال.
 
ان الواجب الأهم والتصرف الفوري الذي ينتظره الناس من أي مسئول نافذ وصاحب قرار هو أن يعالج قضاياهم ومشاكلهم الحقيقية التي سارت بها الركبان والمتمثلة في انتهاكات حقوق الانسان وانتشار الفساد الاداري وهدر المال العام والمحسوبيات والتمييز الطائفي والقبلي والمناطقي، إلى جانب المشاكل التي ذكرنا طرفا منها أعلاه، لا أن يتلهي باتخاذ الاجراءات الجوفاء التي لا طائل من ورائها. وصدق علي حين قال "من اشتغل بغير المهم ضيّع الأهم".